بركة “يستغل” النظام الأساسي “ورقة سياسية” والنقابات تشترط الزيادة للتوقيع

بينما تتواصل المطالب النقابية القطاعية لوزارة التجهيز والماء بنظام أساسي عادل وشامل، يلبي خصوصية مهام موظفيها ويضمن لهم تعويضات شهرية لائقة، يصر الوزير نزار بركة على إخراج هذا المشروع خلال الولاية الحكومية الحالية، وهي خطوة تراها مصادر نقابية محاولة واضحة لـ”تسجيل إنجاز سياسي يحسب له أكثر مما يحسب للموظفين”.
وكشفت مصادر مطلعة لجريدة “العمق” أن المشروع الحالي، الذي سلمته الوزارة للنقابات مطلع يوليوز الجاري، يشبه إلى حد كبير النظام الأساسي المعمول به في وزارة الاقتصاد والمالية، خاصة فيما يتعلق بالتعويضات. غير أن هذا المشروع، وفقا للمصادر، لا يرقى إلى طموحات موظفي وزارة التجهيز والماء، الذين يعتبرونه نسخة منقولة لا تراعي خصوصية قطاعهم، الذي يشرف على أوراش البنية التحتية والمشاريع التقنية والمائية الحساسة.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن الوزير نزار بركة أبدى تشبثه بإصدار النظام الأساسي خلال هذه الولاية، معتبرا ذلك “إنجازا سياسيا” من شأنه تعزيز حصيلة تدبيره للقطاع داخل حكومة أخنوش. وهو موقف لم تعترض عليه النقابات من حيث المبدأ، شريطة أن يكون النظام “منصفا في جوهره، لا مجرد وثيقة إدارية توقع في آخر لحظة لتستعمل في التسويق السياسي”، خصوصا مع قرب استحقاقات 2026. وفي هذا السياق، تطالب النقابات بزيادة في التعويضات تتراوح بين 2000 و6000 درهم شهريا.
وفي بلاغ مشترك صدر عن التنسيق النقابي الثلاثي (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والاتحاد المغربي للشغل) ، تم التأكيد على أن مشروع النظام الأساسي لم يكن ليُطرح على طاولة الحوار لولا الضغط النقابي المتواصل، واللقاءات التي انطلقت منذ نونبر 2024 وأسفرت عن إعداد ورقة تأطيرية تحدد الغايات والمنطلقات، مضيفا أنه تم تقديم ملاحظات جوهرية ومقترحات عملية للوزارة خلال الأسبوع الماضي.
البلاغ الذي اطلعت عليه “العمق”، أشار إلى “الاقتباس الكبير من نظام وزارة المالية”، خاصة في هيكلة جدول التعويضات، معتبرا أن ذلك “يغفل بشكل كبير خصوصية قطاع التجهيز، ويكرّس الفوارق بين الوزارتين”. كما طالبت النقابات بتعديل شامل لمنظومة التعويضات الشهرية، وإحداث تعويضات جديدة مرتبطة بالمخاطر، والمهام التقنية والميدانية، وأشغال الصيانة والمتابعة.
اعتراض على التعويضات
في سياق متصل، كشف خالد النبلسي، الكاتب العام لقطاع الماء (CDT Eau) والنقابة الوطنية لقطاعات الأشغال العمومية، أن الوزير بركة كان قد رفض في عام 2023 فتح نقاش حول زيادات في التعويضات، مبررا ذلك بانخراط الحكومة في أوراش الدولة الاجتماعية، مبرزا أنه “في 2024، تغير الموقف، وبدأنا الاشتغال فعليا على النظام الأساسي”، غير أنه أكد أن نقابته “لا يمكنها التوقيع على محضر لا يتضمن تعويضات عادلة ومهمة لموظفي القطاع.”
ولفت النبلسي إلى أن آخر لقاء جمعهم بالكاتب العام للوزارة كان في 2 يوليوز 2025، حيث أكد اعتزام الوزير التوقيع على محضر يضم كل الملفات، في غضون شهر، مضيفا أن لجان التتبع حضرها الكاتب العام للحسم في عدة قضايا، مسجلا أن أهم الملفات المطروحة تشمل: النظام الأساسي الجديد لموظفي الوزارة، معايير الترقية، الحركة الانتقالية، مؤسسة الأعمال الاجتماعية، الشساعة الاستثنائية، السكن الإداري، والتعويضات.
وأضاف النقابي المذكور أن اللجنة المكلفة بإعداد النظام الأساسي بدأت عملها منذ يناير 2025، حيث تم إعداد ورقة تأطيرية تضم المنطلقات والمرتكزات الأساسية. غير أن الوزارة تأخرت في تقديم تصورها إلى غاية ماي، لتطلب بعد ذلك من النقابات تقديم مقترحاتها.
وتابع النبلسي قائلا: “قمنا، كنقابات، بإرسال مقترحاتنا حول النظام الأساسي، وفي يوليو تلقينا من الوزارة مشروعاً شبيهاً بالنظام الأساسي لموظفي وزارة الاقتصاد والمالية، خاصة فيما يتعلق بالتعويضات، التي نعتبرها مقبولة مبدئياً، لكنها تظل غير كافية مقارنة بما يتقاضاه موظفو وزارة المالية على مدار السنة.”
ثغرات النظام الأساسي
وأشار النبلسي إلى أن التنسيق النقابي قدم مشروعا متكاملا يتضمن ملاحظات جوهرية ومقترحات عملية لتجويد جدول التعويضات، بما يتناسب مع خصوصية الوزارة ذات الطابع التقني الميداني في تتبع الأوراش الكبرى والبنيات التحتية والمشاريع المائية. وفيما يخص التعويضات الجزافية (خارج الأجرة)، أبرز المتحدث، أن الفارق بين موظفي وزارتي التجهيز والمالية “شاسع”، حيث يتمتع موظفو المالية بتعويضات دورية مهمة، شهرية وسنوية، في حين يفتقر موظفو وزارة التجهيز والماء إلى هذا المستوى من التحفيز المالي.
ولفت الكاتب العام لقطاع الماء (CDT Eau) إلى أن التنسيق النقابي قدم الملف كاملا للوزارة خلال الأسبوع الماضي، وينتظر ردها في الأسابيع المقبلة من أجل توقيع محضر اتفاق شامل يشمل كافة الملفات، وعلى رأسها النظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التجهيز والماء.
وفيما يخص باقي محاور مشروع النظام الأساسي، أورد البلاغ النقابي أن من أبرز الثغرات المسجلة في الصيغة الحكومية، غياب أي حلول لمشكل جمود الترقية، واستمرار التفاوت بين الفئات، إلى جانب عدم معالجة وضعية حاملي الشهادات أو ملف الشساعة الاستثنائية، الذي لم يحظَ بعد بالاهتمام الكافي رغم الطابع الحيوي للفئة المعنية.
وشدد التنسيق النقابي على أن الحوار لا يزال مستمرا، وأن المحادثات المقبلة ستكون حاسمة لتحديد الموقف النهائي من مشروع النظام الأساسي، مؤكدا أنه “لا توقيع على أي محضر لا يحقق العدالة والكرامة لجميع موظفي وموظفات الوزارة”.
اترك تعليقاً