وجهة نظر

خطاب العرش.. “غير أنه ومع الأسف” وصدق كلام ملك البلاد

تعودنا على أن الملك محمد السادس يتكلم بلسان صدق وهو يخاطب الشعب المغربي. أتذكر بكثير من الوضوح خطاب العرش قبل 26 سنة. قال آنذاك، وهو في ريعان شبابه، إنه سيعمل على بناء البلاد اقتصاديا واجتماعيا وديبلوماسيا. وزاد في التوضيح، باستعمال كلمة السر في منهجه، أنه لا يمتلك “عصا سحرية”، ولكنه يمتلك إرادة قوية لتغيير الواقع. وتوالت تمظهرات اهتمامه بالتنمية الاجتماعية منذ اعتلائه للعرش. تميزت لقاءاته مع جماهير المغاربة بكثير من التفاعل الجميل مع الجماهير في كافة أنحاء الوطن. نزل من سيارته، متحديا كل القواعد الأمنية، لكي يختلط بالشعب في كل الجهات والأقاليم والمدن. واستقر حبه في قلب الملايين لسنين عديدة. ولا زال المغاربة يقصدونه، عبر كل أشكال توجيه الرسائل، للتعبير عن مشاكلهم وانتظاراتهم.

لا يمكن أن ننكر ذلك التباعد الحاصل بين إرادة ملكية وفعل حكومة أو حكومات، تخلفت عن تنزيل سياسات حكومية في قطاعات كثيرة واستراتيجية. ويجب التذكير بأن هناك فرقًا كبيرًا بين طموح ملكي وطموحات حزبية. يعتبر الأول منهاجًا لتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، بينما يغرق الثاني في ممارسات همها الحصول على العدد الأكبر، وعلى الامتياز الأكبر، وعلى الكثير من الصفقات العمومية.

ولا يمكن لأي مغربي غيور أن ينكر تغيير بنية الناتج الداخلي الإجمالي. أصبحت القيمة المضافة الصناعية ذات تأثير على مستوى النمو. وأصبحت مواجهة تقلبات الطقس، وتأثيرها على مستوى النمو، تمر عبر تطوير بنيات القطاع الصناعي. ولا يمكن أن نعتبر هذا القطاع سدًّا منيعًا ضد التقلبات التي يعرفها الاقتصاد العالمي.

وسيظل الخطاب الملكي هو ذلك الوعاء الذي يستوعب كل الملاحظات العلمية، والاقتصادية، والمجتمعية، بكثير من الصدق ومن التجرد الموضوعي. قال المؤتمن على عرش المغرب: “فلا مكان اليوم ولا غدًا لمغرب يسير بسرعتين”. وأكد عاهل البلاد على توجيهاته للحكومة في مجالات التربية والتعليم، والصحة والتشغيل، وضرورة التوجه نحو التنمية المجالية المنظمة. إنه خطاب واضح إلى حكومة تمارس السلطة التنفيذية في الربع الأخير من ولايتها. وقد تأكد بالملموس أن التحالف الحكومي لم يكن في مستوى انتظارات المغاربة، وفي مستوى انتظارات ملكهم. وهنا وجب التذكير بأن استمرار هذه الحكومة في نهجها، والانفلات الكبير الذي يطبع كثيرًا من وزرائها، قد يعرض بلادنا لمخاطر قد تحفز أعداء بلادنا على الاستمرار في مناوراتهم الخبيثة.

ولا يجب أن نغفل تلك الجملة التي استُعملت في الخطاب الملكي، والتي كانت مليئة بالمعاني… “غير أنه ومع الأسف…” نعم وألف نعم لكلام صدق نطق به من صدق. نعم يا مدير الحكومة، التفت إلى الربح الذي تنتظره منك فئات الشعب المغربي، واستعذ بالله من شياطين الربح السريع، واقترب ممن تحرقهم نار الأسعار، ويوجدون في هشاشة لم يظنوا أنهم سيعيشونها في عهدكم الزاخر بالوعود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *