مغرب الحضارة: وجب تجريم تخريب الأسرة وتشجيع العزوف عن الزواج ومباركة الطلاق

العبرة القديمة الجديدة: بناء الإنسان إنجابا وتربية وتعليما وتكريما أضمن للبقاء وتنمية العمران.
لقد أدركت دول العالم المتقدمة أنها أخطأت في سياستها الديموغرافية منذ الثمانينات من القرن الماضي، بتحديد النسل بالإقناع والدعم الطبي وأحيانا بالإجبار مثل مافعلت الصين عندما أجبرت الأسر بعدم تجاوز مولود واحد.
هذا بالإضافة إلى السياسة الثقافية والاستهلاكية التي شجعت قيم الفردانية ونشرت الصراع بين الرجل والمرأة واعتبار الأطفال كلفة على الأسرة والدولة.
وعلى رأس هذه الدول نجد الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية وإسبانيا وتركيا وبولندا والدنمارك والمجر وصربيا واليونان والبرتغال والسويد والنرويج وأستراليا..
هذه دول وصلت إلى قمة الإنجاز العمراني والمادي الذي لا يضاهى في الاقتصاد والتكنولوجيا والتمدن والبنية التحتية ..
ورغم ذلك تعتبر تراجع الخصوبة وارتفاع الشيخوخة وضعف تعويض الأجيال أكبر تهديد لوجودها ولديمومتها الحضارية. حيث تخشى الانقراض.. هذا فضلا عن تأثير ذلك على الوضع الإجتماعي والاقتصادي والصحي وحتى العسكري.
كما أدركت أن سياسة الهجرة وجلب اليد العاملة لم تساهم في تعويض الأجيال وتفادي تسارع الشيخوخة والعزوف عن الزواج.
فجعلت الآن من الأسرة والإنجاب أولوية سيادية ترجمتها إلى سياسة عمومية تحت إشراف قادتها مباشرة، وتشمل التدابير التالية التي لا تقتصر على التحفيز المالي الذي يعالج الميدانين الثقافي والاجتماعي للأسرة:
– محاربة ثقافة الفردانية والأنانية.
– نشر قيم الأسرة.
– معالجة أسباب العزوف والطلاق
– تحسين الدخل وخلق فرص العمل
– الدعم المالي للزواج والإنجاب
– التحفيزات الضريبية
– الرعاية الصحية من الحمل إلى مابعد الولادة
– إجازة الولادة للوالدين
– دعم ومواكبة تربية الأطفال.
هذا التهديد الحضاري والوجودي انتقل إلى الدول العربية والإسلامية التي مع الأسف قلدت الغرب قهرا أو رضا في سياستها الديموغرافية والثقافية.
هذا بالأضافة إلى اعتمادها على العمالة الأجنبية كدول الخليج مثلا لتطوير اقتصادها فكانت النتيجة تنوع ديموغرافي غير متجانس يهدد الهوية والوحدة المذهبية والولاء الوطني والسيادة الأمنية.
في بلادنا، المؤشرات الديموغرافية الوطنية التي أبان عنها الإحصاء العام 2024، لا تجعلنا بعيدين عن وضعية هذه الدول!!
وقد كان خطاب جلالة الملك بمناسبة الذكرى 26 لعيد العرش حاسما بأخذ هذه التحولات الديموغرافية بعين الاعتبار و بجدية في السياسات العمومية.
فبالإضافة إلى الإجراءات المتخذة من الدول المتقدمة أعلاه وغيرها، التي يمكن التعاون معها لاستنباط ما يناسب المملكة، فإنه من الضروري تبني المزيد من الإجراءات التي تنطلق من الخصوصية المغربية، ومنها:
– ترسيخ ثقاقة وقيم الانتماء والهوية
– محاربة الترويج لخطاب التبخيس من أخلاق المغاربة والتشكيك في سلوك وأعراض الرجال والنساء
– جعل الأسرة والزواج والإنجاب محورا أساسيا في قطاعات الشؤون الإسلامية والتعليم والإعلام والثقافة والشباب
– تطوير منظومة الإرشاد الأسري والوساطة
– توعية الوالدين للتخفيف من الاشتراطات والضغوط على أبنائهم وبناتهم
– إيقاف أي دعم عمومي للإنتاجات سواء في الفن أو الإعلام، و التي تبخس الزواج وتنشر الصراع والشك بين أفراد الأسرة وتشجع الطلاق.
– تجريم خطاب تبخيس الأسرة والزواج والإنجاب. فتخريب أسرة أخطر من تخريب ملك عمومي الذي يجرمه القانون
– تجريم تشجيع الطلاق والتفريق بين الزوجين والتحريض بينهما
– مراقبة البرامج الدولية والتمويلات الموجهة للأسرة ورفض مالا ينسجم مع توجه المملكة
– خلق ودعم مجتمع مدني نافع للأسرة والزواج والإنجاب
– دعم كبير ومؤثر للأسرة لتربية الأبناء والتخفيف من أعباء تكاليفهم.
– محاصرة وتقنين وسائل التواصل الاجتماعي ضد الاختراق الأخلاقي والثقافي.
درس التجربة البشرية المعاصرة في كل الدول يؤكد أن بناء أسرة أو تخريبها أخطر وأشد من بناء مشروع كبير أو تخريبه.
فقد علمتنا مسيرة الوطن منذ السلطان المنصور الذهبي رحمه الله و من سلف إلى أمير المؤمنين محمد السادس حفظه الله، أنه عندنا تعزم ،الأمة المغربية بقيادة ملوكها واستجابة قواها الوفية والمخلصة، فإنها تصنع المعجزات وتقلب مسار التاريخ الذي يظن أنه لا رجعة عنه.
المستحيل ليس مغربيا..
إن المملكة قادرة بإذن الله أن تعكس المسار الديموغرافي ليستمر العطاء الحضاري وإشعاعه.
المملكة قادرة بفضل الله على الازدهار والصمود بسرعة واحدة لا بسرعتين: بناء الإنسان وتنمية العمران.
اترك تعليقاً