الداخلية تشدد الخناق على نفقات الجماعات.. لفتيت يطالب الولاة والعمال بـ”تزيار السمطة”

وجه عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، دورية إلى ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم، حول إعداد وتنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية برسم سنة 2026، دعا من خلالها إلى اعتماد نهج عقلاني وشفاف وصارم يرتكز على النجاعة والتوازن في تدبير المالية المحلية.
وأكد لفتيت، في الدورية التي تتوفر جريدة “العمق المغربي” على نسخة منها، أن إعداد ميزانيات السنة المقبلة يجب أن يتم وفق أولويات واضحة وواقعية، مع التركيز على أربعة محاور أساسية، وهي: دعم التشغيل، وتقوية الخدمات الاجتماعية في مجالي التعليم والرعاية الصحية، واعتماد تدبير استباقي ومستدام للموارد المائية، وإطلاق مشاريع تأهيل ترابي مندمجة ومتناسقة مع المشاريع الوطنية الكبرى.
وشدد الوزير على ضرورة التزام الجماعات الترابية بمبدأي الترشيد والصدقية، داعيا إلى الانتقال من ميزانيات ترتكز على نفقات التسيير إلى ميزانيات فعالة توجه الموارد نحو المشاريع ذات الأولوية.و”حصر مقترحات النفقات في الاحتياجات الضرورية كنفقات النقل والتنقل، والوقود والزيوت، والاستقبال والإطعام، وتنظيم الحفلات والمؤتمرات والندوات، ونفقات الصيانة”.
واعتبر لفتيت أن الميزانية تظل الأداة المحورية لتنزيل المشاريع التنموية على المستوى المحلي، ما يفرض وضع تقديرات دقيقة للمداخيل والنفقات، على أساس معايير موضوعية تعكس الإمكانيات الحقيقية للجماعات.
ودعا وزير الداخلية الولاة والعمال إلى دراسة ومراقبة الميزانيات بدقة خلال مرحلة التأشير، مشددا على ضرورة احترام الجماعات الترابية للقوانين التنظيمية والنصوص التطبيقية ذات الصلة.
وفيما يتعلق بالنفقات، أوصى لفتيت بتحديدها في الحد الأدنى الضروري، مع ضبط مصاريف التسيير وتفادي المبالغة، خصوصا في ما يتعلق بنفقات النقل والتنقل، الوقود، الإطعام، تنظيم الحفلات، ونفقات الصيانة.
كما طالب المسؤول الحكومي بإعطاء الأولوية للنفقات الإجبارية، خاصة الأحكام القضائية التي استنفدت كل مراحل الطعن، والمتأخرات المرتبطة بخدمات منجزة، مع التأكد من صحتها قبل أداء مستحقاتها.
وبين وزير الداخلية أن الميزانية تعد الأداة الوحيدة للجماعة الترابية لتنزيل المشاريع والبرامج التنموية على المستوى الترابي، ما يفرض خلال مرحلة إعدادها، الحرص على “التزام قواعد واضحة في وضع تقديرات المداخيل والنفقات”.
وفي هذا السياق، دعا لفتيت الولاة والعمال إلى دراسة ومراقبة ميزانيات الجماعات الترابية بشكل صارم خلال مرحلة التأشير، مذكرا بضرورة احترام الجماعات الترابية للمقتضيات القانونية المضمنة بالقوانين التنظيمية وكذا النصوص التنظيمية الصادرة لتطبيقها.
ودعا الوزير أيضا إلى ترشيد استهلاك الماء والكهرباء، وانتقاء الجمعيات المستفيدة من الدعم بناء على معايير الأثر المباشر على المواطنين، وتوجيه الموارد نحو تمويل مشاريع التجهيز.
وأشار لفتيت إلى التأخر المسجل في تسوية الوضعية القانونية للعقارات السلالية المعبأة لفائدة الجماعات، مبرزا أن غياب الجدية في استكمال الإجراءات يضر بحقوق الجماعات السلالية، ويؤثر على السير العادي للمشاريع.
وفي هذا السياق، دعا الجماعات وزير الداخلية إلى تسوية وضعية المرافق المنجزة فوق أراضي الدولة الخاصة، عن طريق أداء المقابل المالي وإبرام العقود النهائية، وكذا تسجيل النفقات المرتبطة بتفويت هذه العقارات ضمن الميزانيات باعتبارها نفقات إجبارية.
وبخصوص طلبات الدعم المالي، أكد لفتيت أن وزارة الداخلية حريصة على مواكبة الجماعات التي تعاني من عجز، لكنها لاحظت أن بعض هذه الطلبات تتضمن تقديرات مبالغ فيها أو مفتعلة، لا تستند إلى تقييم حقيقي للإيرادات والنفقات.
وطالب وزير الداخلية الولاة والعمال بدعوة رؤساء الجماعات إلى إعداد ميزانيات مبنية على مبدأ الصدقية، مع إرفاق طلبات الدعم بتقارير مفصلة ووثائق تبريرية توضح أسباب العجز.
وعلى مستوى نفقات التجهيز، أوصى وزير الداخلية بإعطاء الأولوية للمشاريع ذات الأثر الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، خاصة تلك التي تندرج ضمن اتفاقيات وطنية أو دولية، مع احترام التشريعات المتعلقة بنزع الملكية وتصفية الوضعية القانونية للعقار قبل برمجة أي مشروع جديد.
كما شدد لفتيت على ضرورة تقليص نفقات اقتناء السيارات والنفقات غير الضرورية، وإعداد برمجة ثلاثية قائمة على تقييم حقيقي للإمكانيات، مع التأكيد على أهمية صيانة المرافق المنجزة وضمان استمراريتها.
وحذر الوزير من ضعف التشخيص المالي وغياب الدراسات القبلية، معتبرا أن ذلك يؤدي إلى تقليص عدد المشاريع المنجزة، مشددا على احترام الاختصاصات وعدم الإنفاق خارج مجالات تدخل الجماعات الترابية.
وفي نفس الاتجاه، طالب وزير الداخلية الولاة والعمال بدعوة الأمرين بالصرف إلى التزام مبدأ الصدقية خلال إعداد ميزانيتهم وتجاوز كل مظاهر التبذير وسوء البرمجة، مع دراسة هذه الطلبات من طرف المصالح المعنية للعمالات والأقاليم وتقييم هذه الطلبات حسب المعطيات الحقيقية والحاجيات الضرورية قبل إحالتها على مصالح الوزارة.
وحث لفتيت كذلك على الحرص على إرفاق طلبات الدعم المقدمة من طرف الأمرين بالصرف بتقارير مفصلة مصحوبة بالوثائق التبريرية اللازمة المصدر العجز المالي، مشيرا إلى أن الطلبات التي تكتسي طابع الصدقية والتي تم تقديم التبريرات اللازمة فيها يتم الاستجابة لها عن طريق تقديم الدعم اللازم لموازنة الميزانيات المعنية.
وفيما يخص ترشيد نفقات الاستثمار، أوصى لفتيت الجماعات الترابية بإعطاء الأولوية لدعم التشغيل، عبر تثمين المؤهلات الاقتصادية الجهوية، وتوفير مناخ ملائم للمبادرة والاستثمار المحلي، إلى جانب تقوية الخدمات الاجتماعية الأساسية، خاصة في مجالي التربية والتعليم والرعاية الصحية، بما يصون كرامة المواطن، ويكرس العدالة المجالية.
كما أكد لفتيت على ضرورة اعتماد تدبير استباقي ومستدام للموارد المائية، في ظل تزايد حدة الإجهاد المائي وتغير المناخ، فضلا عن إطلاق مشاريع التأهيل الترابي المندمجة المتناسقة مع المشاريع الوطنية الكبرى من أجل تحقيق توازن جغرافي وتنموي يقطع مع التفاوتات الحادة ويعزز التضامن بين المناطق.
اترك تعليقاً