مجتمع

محام: العقوبات البديلة خطوة متقدمة نحو أنسنة السياسة الجنائية بالمغرب

اعتبر المحامي بهيئة سطات، محمد الفرسيوي، أن القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة يشكل “منعطفا مهما في مسار تطوير السياسة الجنائية المغربية، من خلال إعلائه لقيمة الحرية وجعله العقوبات السالبة للحرية خيارا استثنائيا”.

وأوضح الفرسيوي في تصريح لجريدة “العمق” أن هذا القانون “يأتي في سياق استكمال ورش إصلاح منظومة العدالة وتنزيل مضامين دستور 2011، الذي دعا الملك محمد السادس في أكثر من مناسبة إلى مواكبته بتشريعات حديثة تركز على الإدماج والحد من الاكتظاظ بالسجون”.

وأضاف أن “النقاش حول العقوبات البديلة استمر لسنوات قبل أن تتم المصادقة على القانون ونشره بالجريدة الرسمية، غير أن تفعيله ظل رهينا بصدور النصوص التنظيمية والتعاقد مع شركاء مؤسساتيين يسهرون على إنجاح تنزيله”.

وشدد الفرسيوي على أن القانون “يدفع نحو مزيد من الأنسنة عبر توفير بدائل تحافظ على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمحكومين، وتساعد على إدماجهم داخل المجتمع، مع الإبقاء على العقوبة السالبة للحرية كملاذ أخير”.

وبخصوص المرجعيات التي أسست لصدور القانون، أشار المحامي إلى أن “أولى الدعوات جاءت من الخطاب الملكي في 20 غشت 2009، مرورا بميثاق إصلاح منظومة العدالة الذي حظي بالموافقة الملكية السامية سنة 2013، وصولا إلى دستور 2011 الذي كرس الحريات واستقلالية السلطة القضائية”.

كما لفت إلى أن المغرب “منخرط في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وأن هذه المرجعيات الدولية والوطنية والواقعية، ومنها مشكل الاكتظاظ، كلها دفعت نحو تبني بدائل جديدة للعقوبة السجنية القصيرة المدة”.

وحول آفاق تنزيل القانون 43.22، أوضح الفرسيوي أنه “محصور في مجال الجنح فقط، ويشترط ألا تتجاوز العقوبة خمس سنوات، مع استبعاد حالات العود وعدد من الجرائم الخطيرة كالجرائم الإرهابية أو المرتبطة بالفساد أو الاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية والأعضاء البشرية”.

وأبرز أن “المحاكم الابتدائية تبقى الجهة المختصة أساسا في تطبيق العقوبات البديلة، مع إمكانية امتداد ذلك إلى محاكم الاستئناف وغرف الجنايات في بعض الحالات الخاصة التي يسمح بها القانون”.

وختم الفرسيوي تصريحه بالتأكيد على أن “الرهان اليوم لم يعد تشريع العقوبات البديلة، وإنما حسن تنزيلها وتفعيلها على أرض الواقع بما يحقق الردع وإعادة التأهيل والإدماج، ويعزز ثقة المتقاضين في العدالة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *