تحت حماية الاحتلال.. المستوطنون يقتحمون الأقصى ويرفعون رايات “الهيكل” المزعوم

في تصعيد جديد لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ضد المقدسات الإسلامية، اقتحم عشرات المستوطنين صباح اليوم الاثنين باحات المسجد الأقصى المبارك تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال.
ويأتي هذا الاقتحام في سياق تزايد الدعوات اليمينية الإسرائيلية لتكريس التقسيم الزماني والمكاني داخل المسجد، بدعم رسمي آخذ في التصاعد.
وأفادت مصادر محلية من القدس المحتلة، أن مجموعات كبيرة من المستوطنين اقتحمت باحات المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، ونظمت جولات استفزازية داخله.
خلال هذه الجولات، أدى المستوطنون طقوسا تلمودية، ورددوا الأغاني التوراتية بصوت مرتفع، وقام بعضهم بأداء رقصات جماعية، في انتهاك سافر لقدسية المكان، وسط حراسة أمنية إسرائيلية سهلت لهم التنقل داخل ساحات الحرم.
وقالت دائرة الأوقاف والشؤون الإسلامية في القدس إن مجموعات المستوطنين لم تكتفي بأداء الطقوس، بل رفعت أعلاما تمثل ما يسمى بـ”الهيكل المزعوم” عند أبواب المسجد، وهو ما اعتبرته محاولة واضحة لفرض طابع تهويدي على المكان وتحديا مباشر.
وفي الوقت الذي فتحت فيه الأبواب أمام المستوطنين، فرضت قوات الاحتلال قيودا مشددة على دخول الفلسطينيين إلى المسجد، حيث احتجزت بطاقاتهم الشخصية وضيقت الخناق على توافد المصلين، لفرض السيطرة الكاملة ومنع أي مقاومة شعبية أو دينية.
وشهدت الطرق المؤدية إلى المسجد، خاصة في منطقة طريق الواد، تعزيزات أمنية مكثفة لتأمين مرور “مسيرة جماعات الهيكل”، وهي جماعات استيطانية متطرفة تنادي ببناء “الهيكل الثالث” المزعوم على أنقاض الأقصى.
وتأتي هذه الاقتحامات في سياق متواصل من التصعيد المنظم الذي تنفذه جماعات المستوطنين بدعم من حكومة الاحتلال، حيث باتت تستغل المواسم الدينية اليهودية لتكثيف اقتحاماتها، في محاولة لتغيير الواقع التاريخي والديني وإضفاء طابع يهودي قسري على المكان.
وقد سجل خلال الأشهر الماضية ارتفاعا ملحوظا في عدد المقتحمين، لا سيما خلال ما يسمى “عيد الفصح العبري”، الذي شهد دخول الآلاف إلى المسجد تحت حماية رسمية، وبدعم مباشر من شخصيات سياسية بارزة في الحكومة الإسرائيلية.
ويؤكد بعض المراقبون أن هذا التصعيد اليومي يندرج ضمن سياسة إسرائيلية تهدف إلى تكريس وجود المستوطنين في الأقصى كأمر واقع، وتفريغ المسجد من المصلين، تمهيدا لفرض تقسيم زمني ومكاني شبيه بما وقع في المسجد الإبراهيمي في الخليل.
ويؤكد أهالي القدس أن ما يجري ليس مجرد استفزاز عابر، بل هو جزء من مشروع سياسي إسرائيلي واسع يسعى لإعادة تعريف المكان دينيا وتاريخيا، بما يتماشى مع رواية الاحتلال، وإلغاء الطابع الإسلامي للمسجد ومحيطه.
وفي ظل هذا الواقع، تتصاعد الدعوات الفلسطينية ،خصوصا من داخل القدس الى تكثيف الحضور الفلسطيني اليومي في ساحاته، باعتباره الوسيلة الأنجع للوقوف في وجه هذه المخططات.
كما توجه النداءات إلى الدول العربية والإسلامية والمؤسسات الدولية لتحمل مسؤولياتها في حماية المقدسات من خطر التهويد، والضغط على الاحتلال لوقف هذه الانتهاكات.
ورغم الإدانات الدولية المتكررة، تواصل إسرائيل تجاهل القرارات الأممية، مستفيدة من حالة الصمت الدولي، وهو ما يمنح غطاءا غير مباشر لهذه الاقتحامات، ويفتح الباب أمام تفجر الأوضاع في أية لحظة.
إن المسجد الأقصى لا يمثل فقط رمزا دينيًا للفلسطينيين، بل يشكل جوهر الصراع في القدس، ومعيارا حقيقيا لجدية العالم في احترام القانون الدولي والدفاع عن الحقوق الدينية والتاريخية.
اترك تعليقاً