منتدى العمق

الإلحاد صناعة ” محلية “..!!

 

تمهيد :

بدأ الشعب المغربي يتساءل عن سبب ازدياد جرأة الأفراد، على انتهاك مقدسات الإسلام و حرماته، حتى وصل الأمر إلى سب الذات الإلهية والقول فيها قولا عظيما، فكيف وصل الشباب إلى هذا المستوى من الاستخفاف بالدين و مقدساته..؟ الجواب هو :

إذا وجدت الإلحاد قد عم و فشى و انتشر، في بلد الإسلام فتش إذن عمن يسوس الدين، وكيف يسوسه..؟ باختصار طريقة إدارة الشأن الديني، لهذا أنا لا ألوم ابتسام لشݣر على فعلتها، بل أعتبرها ضحية السياسة الدينية البليدة، والتي ستنتج الآلاف من ابتسام وغيرها مستقبلا، وهذا إنجاز عظيم يحسب لـ( التسديد ) في ميدان تسير الشأن الديني، وآخر تقليعاتها في ضبط الشأن الديني أي خطة “التسديد”، و بصيغة أوضح إنها “العلمانية” ياسادة، وفي أكبر تجلياتها أي فصل “الدين عن الدولة”، وجعل خطب الجمعة وباقي الشعائر الدينية مجرد شكليات فارغة، و طقوس بعيدة عن واقع المواطن و همومه، في هذا السياق هل تعتبر ابتسام لشݣر مجرمة أم ضحية..؟ وهل القوانين الزجرية من عقوبات بدنية الحبس، أو المالية كافية لردع ابتسام وباقي شباب المغرب عن العودة لنفس الفعل..؟ وهل كارل ماركس كان محقا عندما قال : ( الدين أفيون الشعوب ) ..؟ وهل المجال الديني عندنا مستقل، و محصن عن عبث الأيادي الخارجية بمضامينه..؟

الفقرة الأولى :

ـ مثل مغربي ( جاء يكحلو اعماه ) :

 

في الحقيقة هذا هو الذي وقع لمن كلفوا بحراسة الدين، لقد أرادت الوزارة المكلفة بالشأن الديني، الإصلاح من خلال خطة ( تسديد التبليغ ) فكان العكس، وهذا الأمر لم يبدأ مع هذه “الخطة” بل كان قبلها بزمن، لكن الفرق هو أن الإمام كانت له على الأقل حرية نسبية، حيث يمكنه تناول بعض الظواهر الإجتماعية وغيرها، أما اليوم مع خطة التسديد أصبح مقيدا بنص يملى عليه، لقد صرح وزير الأوقاف لأحد المواقع الإعلامية بنجاح “الخطة”..!! حيث قال : (.. بأن 95 في المائة أو أكثر من الخطباء يأخذون بالخطبة الموحدة عن تلقائية و طواعية، فيما لا يأخذ بها 5 في المائة منهم.. )، هنا المشكل لأن الذي اعتبره وزير الأوقاف نجاحا، هو في الحقيقة كارثة قد تكون لها عواقب وخيمة على شباب المملكة مستقبلا، وبناء عليه يمكن طرح السؤال التالي :

هل ابتسام لشݣر ضحية أم مجرمة..؟

بداية هناك نماذج كثيرة من ابتسام، شباب و شابات في كل جهات المملكة و مدنها، نحن نعلم بحكم التجارب السابقة، سواء مع الدولة أو الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال، أن مصطلح ( الإصلاح ) قد يعني العكس تماما، ولكم نماذج كثيرة من هذا القبيل مثلا : إصلاح التعليم العالي و المنخفض كوارث متتالية، حيث الانتقال من السيء إلى الأسوأ … إصلاح أنظمة التقاعد .. إصلاح مدونة الأسرة… إصلاح نظام الشغل و تقنين الإضراب..إصلاح الشأن الديني بتسديد التبليغ..، حتى أصبح المغاربة عند سماع كلمة ” إصلاح ” يضعون أيديهم على قلوبهم، لهذا اعتبرت ابتسام لشݣر ضحية هذه الإصلاحات..!!، وخاصة المتعلقة بالدين والهوية لأن لها تأثيرا على السلوك، بدعوى” إصلاح ” التعليم تم ضرب مادة التربية الإسلامية، وكذلك تهميش اللغة العربية مع العناية بلغة المستعمر، واليوم يتم تهميش دور الإمام و تقيده بنص بعيد عن هموم الشعب، إن الدين الذي كان هو صمام الامان ومركز قوة، أصبح اليوم نقطة ضعف و موضع سخرية من الشباب، فلا هو في العير و لا هو في النفير كما يقال، وعليه أقول و أهمس في أذن المسؤولين عن الشأن الديني، إذا استمر الضغط على دين المغاربة، والعمل على تكيفه و تطويعه حسب رغبة الأجانب، انتظروا الأسوأ فلن تواجهوا في المستقبل المتوسط والبعيد، ابتسام واحدة بل ثورة شباب تطالب بالحرية الفردية..!! ( شذوذ جنسي ـ مثلية ـ علاقات جنسية خارج إطار الزوجية ـ إفطار علني…) ولن ينفعكم يومها مع هذه الثورة تفعيل القوانين الزجرية، ولن تنفعكم كل فصول القانون الجنائي صيفها وخريفها و شتائها، في كبح جماح الشباب المنسلخ من الهوية الإسلامية….

الفقرة الثانية :

ـ هل صحيح أن الدين أفيون الشعوب..؟ :

 

لقد قال الفيلسوف الألماني كارل ماركس في بدايات القرن الماضي، هذه المقولة الشهيرة : ( الدين أفيون الشعوب)، والأفيون هو نوع من المخدرات استعمل بكثرة في الصين، يصيب بالارتخاء و النعاس وهو مسكن للألام، أظن أن وجه الشبه بين الدين والأفيون، في نظر ماركس هو تخدير الشعوب وثنيها عن الكفاح، وتسكين ألم حرمان هذه الأخيرة من التمتع بثروات الوطن، ودفع العمال إلى الانسحاب من معركة الصراع الطبقي، وانتظار الجنة الموعودة في الأخرة، تاركين البرجوازية تنعم بخيرات الدنيا برا و بحرا، في الحقيقة كلام جميل منطقي منسجم مقنع، لكن من حسن حظي أن هذا ” الدين” الذي تكلم عنه كارل ماركس، لم يكن في ذهني وأنا في مقتبل العمر، مناضلا ثوريا نشطا في صف التيار الإسلامي، حيث كان هناك علماء و خطباء يقولون الحق، ولا يخشون في الله لومة لائم يزلزلون المنابر، لا يمكن تصنيفهم مع زمرة علماء السلطان وخطباؤه، لهذا لم يكن أنذاك كلام ماركس مقنعا لي و لباقي رفاقي في النضال، لكن اليوم حدث تغيير جذري في اعتقادي، أصبحت معه على اقتناع تام بصوابية كلامه، لا بل من مناصريه في هذا الطرح و على دربه، فلو حدث هذا الأمر في بداية تسعينات القرن الماضي، لكنت من الماركسيين الملتزمين بالدارجة ( ماركسي مخزز ) خزوزو لماذا ..؟ الجواب بسيط إنها خطة “تسديد التبليغ” المباركة التي جعلت الدين الحنيف، مجرد طقوس و حركات و خطب محنطة، لا تستجيب لصرخات المظلومين و آهات المحرومين من الشعب، خطب جمعة تتحدث فقط عن الأخرة و أخلاق مثالية والجنة..، دون ذكر لنار المعيشة أو جحيم معانات الفقراء، طلبة و فلاحيين و عمال، وأنا على يقين إذا استمر تكبيل العلماء والخطباء، و تهميش دور المسجد الحقيقي في محاربة كل أنواع الظلم، فإن النتيجة ثورة تأتي على الأخضر و اليابس، أنا لا أقصد هنا فقط الثورة بالمفهوم التقليدي، يعني ثورة سياسية يسارية سواء اشتراكية أو شيوعية، لا قد تكون ثورة جنسية إباحية منفلة من كل القيود….!!! تطالب بتحرر جنسي مطلق شذوذ و غيره مع نبذ الدين…

خلاصة :

خطة تسديد التبليغ جاءت تلبية لمطالب خارجية، وهي القطع مع كل شيء يمت بصلة إلى القضية الفلسطينية، وخاصة الحرب على غزة لا تذكر أو حتى يسمح بالدعاء مع أهلها، لكن الخطورة يا بوراس هي ضرب توازن دين الاسلام من الأساس، لأن عظمة هذا الدين تكمن في العمل للدنيا والدين معا، قال تعالى : (.. وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا… ) الآية 77 من سورة القصص، ليس في الإسلام رهبانية يا بو صنطيحة، قال أبو ذر الغفاري الصحابي الجليل رضي الله عنه : “عجبت لمن لا يجد قوت يومه، كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه” ، وهذا من كبار الصحابة و مدحه رسول الله صلى الله عليه وسلم، في مواطن كثيرة يقول بالكفاح المسلح من أجل انتزاع الحق، اسمع يابو قنوفة لا تتعب نفسك الإسلام واضح ليس فيه رهبانية، خطة تسديد التبليغ يجب إعادة النظر فيها قبل فوات الأوان…لأننا لسنا دولة علمانية تفصل المسجد عن هموم الشعب… يبدو لي والله أعلم أن خطب الجمعة في إطار خطة تسديد التبليغ، تصلح فقط للأغنياء أصحاب الملايير المصنفين من طرف مجلة ” فوربيس”، توفرت لهم كل سبل العيش الرغيد السعيد، لا يخشون اعتقالات فهم عن السجن محجوبون، ولا يهمهم غلاء معيشة ولا مرض ولا قضية فلسطين…. فقط متاع الدنيا الكافيار والشمبانيا و التزحلق في جبال سويسرا…. وليالي الأنس في فيينا و ميامي بيتش، ولعب القمار في نوادي الكازينو لاس فيغاس و دالاس، هؤلاء هم أصحاب الحياة الوردية، يصلح لهم هذا النوع من التدين ” الأمريكي” فهو فعلا “لا يهش ولا ينش”، لا يسألهم الخطيب أو الإمام عن ظلمهم للعمال في المعامل، ولا ظلمهم للفلاح في ضيعاتهم، أو استغلالهم للخدمات في قصورهم و إقاماتهم الفارهة، ولا يقول لهم اتقوا الله في شعوبكم، أو يسألهم من أين لكم هذا يا ” كروش لحرام “…!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *