خلف ستار “العلاقات الممتازة”.. واشنطن ترصد بهدوء تآكل النفوذ الجزائري

كشف تقرير حديث لمجلة “جون أفريك” أن الأسس التي قامت عليها العلاقات الجزائرية الأمريكية لعقود طويلة، تشهد تحولات جوهرية وعميقة، مؤكدة أن واشنطن تدرك تماما تراجع النفوذ الجزائري على الساحتين الإقليمية والدولية.
وأوردت المجلة الفرنسية أنه على الرغم من الخطاب الرسمي الأمريكي الذي يصف العلاقات مع الجزائر بالممتازة، وهو ما ردده مستشار دونالد ترامب الخاص لإفريقيا مسعد بولس خلال زيارته للجزائر في 27 يوليو، فإن الوقائع تشير إلى تغيير جذري في هذه العلاقات التي ارتكزت تاريخيا على ثلاثة محاور هي الاقتصاد ومكافحة الإرهاب والصحراء المغربية.
وسجلت “جون أفريك” أن الاقتصاد لم يعد يشكل عصب العلاقات بين البلدين، حيث هوت قيمة المبادلات التجارية بشكل حاد من 15 مليار دولار عام 2006 إلى 3.5 مليار دولار فقط في عام 2024، وأشار التقرير إلى أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون نفسه صرح في منتصف يوليو بأن السوق الأمريكية لم تعد تمثل سوى 0.5% من التجارة الخارجية للجزائر.
وأوضح المصدر الإعلامي أن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، الذي انطلق بقوة بعد هجمات 11 سبتمبر، تراجعت فعاليته بشكل ملحوظ في منطقة الساحل، إذ فقدت الجزائر الكثير من نفوذها خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهو ما يتجسد في انقطاع علاقاتها الدبلوماسية مع جيرانها المباشرين مالي والنيجر وبوركينا فاسو منذ أبريل 2025، لصالح فاعلين سياسيين آخرين مثل المغرب وروسيا والإمارات.
وأبرزت المجلة أن الولايات المتحدة تعي جيدا هذا التراجع في القيادة الجزائرية الذي لا يقتصر على منطقة الساحل، بل يمتد ليشمل الساحة العربية والإسلامية التي كانت الجزائر فيها لاعبا مؤثرا ومحترما حتى نهاية الثمانينيات، حيث أصبحت دول مثل السعودية وقطر والإمارات هي التي تمارس هذا الدور القيادي الآن، بينما تبدو الجزائر معزولة داخل جامعة الدول العربية، وهو ما ظهر في مقاطعة الرئيس تبون لآخر قمة عربية في مارس 2025.
وأضافت “جون أفريك” أن واشنطن تنظر بعين الاهتمام إلى الوضع الجيوسياسي المعقد للجزائر، حيث باتت جميع حدودها مع المغرب غربا، ومالي والنيجر جنوبا، وليبيا شرقا، مناطق توتر ونزاع، فضلا عن علاقاتها المتوترة مع الاتحاد الأوروبي، وخلص التقرير إلى أن هذه التغيرات السياسية والجيواستراتيجية طويلة الأمد تجبر واشنطن على تعديل نماذج علاقتها مع الجزائر، حتى وإن بقيت ممتازة في الخطاب الرسمي.
اترك تعليقاً