بفضل إجراءات استباقية.. ميناء طانطان يسجل قفزة تاريخية في مفرغات الصيد بنسبة 81%

في مشهد يعكس نجاح عالية التدابير المتخذة لضمان استدامة الثروة السمكية، يبصم ميناء طانطان خلال السنة الجارية على مؤشرات استثنائية، محققا انتعاشا قويا في أنشطة الصيد الساحلي والتقليدي، وهو ما أعاد للمدينة زخمها الاقتصادي وحول أرصفة الميناء إلى خلية نحل لا تهدأ.
وكشفت أحدث الإحصائيات الصادرة عن المكتب الوطني للصيد البحري عن تحقيق الميناء قفزة تاريخية في حجم المفرغات، والتي بلغت مع نهاية شهر غشت 2025 ما مجموعه 60,799 طنا، حيث يمثل هذا الرقم زيادة لافتة وغير مسبوقة تناهز 81 في المائة مقارنة مع ما تم تسجيله في الفترة نفسها من سنة 2024، مما يضع ميناء طانطان في صدارة الموانئ الوطنية من حيث معدلات النمو.
وواكب هذا النمو الكمي تحسن ملحوظ في القيمة التسويقية للمنتجات البحرية، حيث تجاوزت العائدات المالية 755,91 مليون درهم، بعدما كانت في حدود 543,74 مليون درهم خلال السنة الماضية، مسجلة بذلك زيادة بنسبة 39 في المائة، حيث يعكس هذا الفارق بين نسبة نمو الكمية والقيمة تحسنا في جودة المنتجات وتثمينا أفضل لها في أسواق البيع الأول.
وعند تحليل البيانات حسب الأصناف، يتضح أن الأسماك السطحية الصغيرة، التي تشكل العمود الفقري لنشاط أسطول الصيد بالمنطقة، كانت المحرك الرئيسي لهذا الأداء المتميز، محققة قفزة نوعية بلغت 112 في المائة، حيث ارتفعت الكميات المفرغة من 22,045 طنا في 2024 إلى 46,747 طنا هذه السنة، حيث انعكس هذا الأداء بشكل مباشر على العائدات التي تضاعفت تقريبا لتصل إلى 187,24 مليون درهم، مقابل 94,55 مليون درهم في العام الماضي (بزيادة 98%).
بدورها، سجلت الأسماك البيضاء ذات القيمة التجارية العالية منحى تصاعديا مهما، إذ انتقلت من 7,220 طنا إلى 9,138 طنا (+27%)، فيما ارتفعت قيمتها من 154,19 مليون درهم إلى 206,55 مليون درهم (+34%).
وفيما يخص الرخويات، وخاصة الأخطبوط، فقد استمر أداؤها الإيجابي بارتفاع حجم المفرغات بنسبة 14 في المائة ليستقر عند 4,791 طنا، محققة قيمة مالية تجاوزت 352,14 مليون درهم (+22%). أما القشريات، فكانت الصنف الوحيد الذي شهد تراجعا طفيفا في حجمه بنسبة 15 في المائة، إلا أن قيمتها المالية ارتفعت بنسبة 10%، مما يشير إلى تسويق أنواع ذات جودة أعلى.
ويجمع مهنيو القطاع على أن هذا التحول الإيجابي لم يأت من فراغ، بل هو ثمرة مباشرة لحزمة من الإجراءات الاستباقية التي نهجتها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات. فبعد سنوات من التراجع الذي طال أسطول صيد السردين بسبب تقلبات مناخية وبيولوجية أثرت على مخزوناته، جاءت التدابير الجديدة لتعيد التوازن للمصايد.
وفي تصريح له، أوضح مسؤول بقطاع الصيد البحري بالمنطقة أن “هذا التحول الإيجابي بميناء طانطان يعكس تجاوز مرحلة من التراجع الذي طال أسطول صيد السردين في السنوات الأخيرة بسبب تقلبات مناخية وبيولوجية أثرت على حجم المصطادات”.
وأضاف: “جاءت هذه النتائج لتؤكد نجاعة التدابير التي نهجتها كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري، من خلال حزمة إجراءات تهدف إلى تنظيم المصايد وضبط أنشطة الأسطول وتعزيز آليات المراقبة. وهو ما ساعد على استعادة الميناء لزخمه الاقتصادي، وتحويله مجددا إلى قطب حيوي يعج بالنشاط التجاري والحركة البحرية”.
وشدد على أن “هذا التطور يشكل دليلا ملموسا على فعالية التدابير الاستراتيجية في ضمان استدامة الثروة البحرية واستقرار القطاع، كما يبرز مساهمته في دعم التنمية المحلية وخلق قيمة اقتصادية واجتماعية لفائدة آلاف الأسر التي تعتمد على البحر كمصدر رزق رئيسي”.
اترك تعليقاً