يموت الحصان ويبقى سرجه وينتهي الإنسان ويبقى اسمه

تمر الحياة بشكلها الاعتيادي على كل مرء خاصة في هذا الزمن الاستثنائي حتى يسمع عن فقدان قريب أو قريبة أوعزيز أو عزيزة،ولم يبق لنا من مخلفات هذا الزمن العجيب وتداعياته سوى عزم شركات على إنتاج مسحوق الحشرات لإطعامه للبشر وضمه حتى لحليب الأطفال،ولوكان من خلاصة الغذاء البحري لقلنا لابأس من ذلك،لكن أن يشمل حتى المستخلصات من أصل بري أو برمائي،فهذا هو الهراء بعينه.
الناس تفقد أرواحها بدون ذلك لما أصبحت عليه من أمراض مزمنة متعددة الأشكال والمشارب بسبب ما تدخل إلى بطونها من عينات يختلط بها الطيب مع الخبيث من مواد يعلم الله كيف صنعت وروج لها عالميا حتى أضحت متاحة ومطلوبة لدى الصغار والكبار بعيدا عن الأكل الصحي والشراب الصحي المستخلصين من الطبيعة التي خلقها الله نقية صافية دون مواد حافظة أو معدلة جينيا أو مضافات كيميائية.
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا،وإنا لفراقك يا أطيب عم في الدنيا لمحزونون
قبل يوم أو يومين،ودعنا أحد أعزأعمامنا الذي كان محبوبا من طرف الجميع ،ويتعلق الأمربالدكالي أبا عن جد، الحاج أحمد المنطري المسؤول الأسبق والمتقاعد بمكتب الاستثمار الفلاحي فرع بولعوان بإقليم الجديدة.
لقد كان هذا الرجل الشهم الكريم والهادئ الطباع رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جناته من أعز الأعمام ،وكان يحب الخير للجميع ويصلح ذات البين بين المتخاصمين والمتخاصمات ولا تسمع منه إلا خيرا ،وهو واحد ممن سهر على تعليمنا وتربيتنا في صغرنا، بل أنه دربني على توقيع خاص بي في سنوات العمر الأولى احتفظت به طوال الحياة حتى يومنا هذا.
ومع مرور الزمن،تعرض رحمه الله لنوبات قلبية قوية، فأجرى بعدها عمليات جراحية،لكن المرض العضال الذي قدر عليه مع أمراض أخرى لم يمهلاه طويلا حتى وافته المنية.
لقد كان رحمه الله كثير النصح لنا فيما ينفع ,واسع الكرم في بيته،فلن أنسى ما حييت جميله وحسن تعامله ،لنعم الرجل هو ونعم العم هو وبشهادة الكثير من أهل دكالة.
فنم يا أعز إنسان قرير العين،ولتكن بإذن الله آلامك مما أصابك من علل مزمنة خير سبيل ليغفر الله لك ما تقدم وما تأخر من ذنوب قدرت عليك دون أن تكون أنت من طينة من يسيئون للناس أو لأنفسهم أو لذويهم،وقد خلق الإنسان ضعيفا بطبعه على كل حال.
ومن باب التذكير بحقيقتي الحياة والموت،لابأس من تعزيز هذه المادة الرثائية في حق عزيز افتقدناه على حين غرة،بجزء من مقال صدر يوم 24 دجنبر 2018 بمدونات موقع “الجزيرة “الإلكتروني للدكتور فتحي الشو يقول فيه.
الموت ليس بزائر غريب
قد يبدو الموت وكأنّه زائر غريب يطرق أبوابنا فجأة ليخطف أحدنا مع أنّه ليس بالوافد وليس بالغريب فهو يعرفنا بقدر جهلنا به أو تجاهلنا له. فنحن نعيش ظاهرة الموت في كلّ لحظة وحين، فكلّ خلايانا تحمل كتاب موتها المبرمج فتموت الملايين منها لتبرز ملايين أخرى في توازن بديع بين نظامي الموت والحياة وعمليّات الهدم والبناء وقد يختلّ التّوازن وينهار أحد النّظامين لينتصر الآخر. “يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ” (سورة الروم، الآية 19.
أمّا أجسادنا فهي منتظمة بذاتها في تنفّسها وخفقان القلب وكلّ العمليات الأيضية والحيويّة وقد يختلّ نظامها بتدخّلنا الفجّ وفي حالات أخرى قد تتعطّل الوظيفة بلا سابق إنذار، تلك الأجساد الّتي تستنزف وتجهد في النّهار فتحتاج إلى قسط من الرّاحة في اللّيل ليخمد الشّعور والإدراك ويهيمن اللاّشعور فتتحرّر الأرواح و تعرج متحدّية المكان والزّمان. هي موتتنا الصّغرى اليومية المتواترة مع حياتنا الصّغرى في عمليّة تدرّب.
واستحضار لتلك الكبرى وكأنّها تنذرنا بأنّ حياتنا الدّنيا الفانية ليست سوى جسر عبور نحو أخرى خالدة. “اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” (سورة الزمر، الآية 42
ثقافة الحياة وثقافة الموت.
يتلاعب بعض الدّهريين ومروّجي العدميّة والعبثيّة بالمفاهيم ليضفوا كلّ المعاني الجميلة الجذّابة على الحياة ،مزيّفين إيّاها و متلاعبين بوعي الأفراد بحتميّة النّهاية، عازفين على وتر غريزة حبّ البقاء و معتبرين أنفسهم بذلك مستنيرين وحاملي لواء ثقافة الحياة في مواجهة لثقافة الموت والفناء. هو خرق متعمّد لسنن الثّنائيات، تضخيم للحياة كبالون ينفخ فيه ليتمطّط وينفجر في النّهاية.
فالحياة مهما ازداد بريقها وعظم جمالها فلن يتحقّق مقصدها إلاّ بالتنبّه لحقيقة زوالها وتغييب ذلك يسقطنا في سوء مآلها. وكأنّ الحياة حلم لا تتجاوز مدّتها تلك الثّواني الّتي نستغرقها في الحلم، وكأنّ الموت يوقظنا من ذاك الحلم لنكتشف بأنّنا لم نبلغ نهاية القصّة بل هي مجرّد البداية. إنّ التركيز الممنهج على الحياة وتجاهل الموت حوّلها إلى وهم وسراب فلا يوجد وهم نتعامل معه كأنّه حقيقة كما الحياة ولا حقيقة نتجاهلها و نتعاطى معها كأنّها وهم كما الموت.
أنّ نحبّ الحياة فذاك مفروض ومطلوب لكن دون تناسي منيّة قد تأتي دون ميعاد بمبدأ اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنّك تموت غدا. واجب علينا أن نعرف كيف نحيا ومن الواجب أيضا أن نعرف كيف نموت، فاستذكارنا و استحضارنا لحقيقة الموت يجعلنا ضرورة نستوعب حقيقة الحياة لتفادي الزلّات والمطبّات ولنكن على استعداد لرحيل أكيد هو آت زادنا فيه ما جمعناه من حسنات
أقوال وحكم عن الموت:
الخوف من الموت غريزة حية لا معابة فيها، وإنما العيب أن يتغلب هذا الخوف علينا ولا نتغلب عليه
يموت الجبناء مرات عديدة قبل أن يأتي أجلهم، أما الشجعان فيذوقون الموت مرة واحدة
لا يعني الموت شيئًا، لكن أن تعيش مهزومًا وذليلًا يعني أن تموت يوميًّا
إذا غامرت في شرفٍ مروم، فلا تقنع بما دون النجوم، فطعم الموت في أمر حقيرٍ، كطعم الموت في أمرٍ عظيم
لا تحسبوا أني أخاف الزمان أو أرهب الموت إذا الموت حان, الموت حق، لست أخشى الردى، وإنما أخشى فوات الأوان
اترك تعليقاً