مجتمع

الرقاص: مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة يضعف الشرعية ويحرج المغرب دوليا

وجّه محتات الرقاص، رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، انتقادات لاذعة لمشروع القانون رقم 25.26 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، معتبرا أن النقاش الدائر حوله يتجاوز الحسابات التقنية والتنظيمية ليصل إلى صلب المشروع المجتمعي والديمقراطي للمملكة.

وقال الرقاص، خلال اللقاء الدراسي الذي احتضنه مجلس المستشارين، اليوم الاثنين، إن من المؤسف أن يتحوّل النقاش حول قضايا مجتمعية مركزية كحرية الصحافة إلى ساحة تجاذب وتوتر وتشرذم، ما أفرغ الحوار من مضمونه الحقيقي، وأعاق التقدم نحو إصلاح فعلي وشامل. وأضاف: “نحن لا نناقش قانونا تقنيا أو قطاعيا، بل نتحدث عن الصحافة كرافعة للديمقراطية والبناء التنموي”.

وانتقد الرقاص بشدة ما اعتبره “افتقارا للمقاربة التشاركية”، مشيرا إلى أن الحكومة لم تُشرك المؤسسات الدستورية المختصة في مراحل إعداد النص، رغم مكانتها المحورية في هندسة السياسات الحقوقية، وعلى رأسها المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مسجلا بأسف بالغ أن الحكومة تعاملت مع الملف “بقدر من الارتجال والتسرع”، مبرزا أن تجاهل رأي هذه المؤسسات الدستورية أضعف شرعية النص المعروض.

وتابع موضحا أن الحكومة كان بإمكانها، قبل إعداد المشروع، إحاطة نفسها بلجنة تشاورية من المؤسسات المهنية والدستورية المعنية، تفاديا للوضعية الراهنة التي وصفها بأنها “ورطة تنظيمية وتشريعية”، متسائلا: “هل كان ضروريا أصلا تقديم هذا المشروع؟ ألم يكن من الأفضل تنظيم انتخابات المجلس الوطني في نهاية الولاية، وفتح ورش إصلاح شامل لاحقاً؟”

واعتبر الرقاص أن التركيبة المقترحة في المشروع الجديد تفتقر إلى توازن التمثيلية بين الناشرين والصحافيين، كما أنها تهمّش المجتمع المدني، وتُقصي تمثيليات ناشئة تمثل التحولات الواقعية للحقل الإعلامي. وأوضح أن هذا “اختلال جوهري” يفقد المجلس الوطني للصحافة أحد أهم أسس التنظيم الذاتي: الشرعية المهنية.

وأشار إلى أن مبدأ الانتخاب، الذي نص عليه دستور 2011 وكان مفخرة وطنية تم تضمينه في التقارير الحقوقية للمملكة ضمن الاستعراض الدوري الشامل، “يتم التخلي عنه دون مبررات مقنعة”، وهو ما يطرح، حسب قوله، تساؤلات حول مصداقية النص المطروح ومدى اتساقه مع الالتزامات الحقوقية للمغرب.

وهاجم الرقاص ما سماه “الخطاب التبريري” الذي تروّج له الحكومة بشأن الاستشارة التي أنجزتها اللجنة المؤقتة لتدبير المجلس الوطني، موضحا أن هذه اللجنة لم تكن لها صلاحية إعداد القوانين أو التفاوض باسم الجسم المهني، وأن وظيفتها كانت محصورة في تقديم خارطة طريق للحكومة.

وأضاف: “كيف يمكن أن تدعي اللجنة المؤقتة أنها استشارت الجسم المهني، وهي نفسها لا تملك الشرعية التمثيلية، وكل المهنيين يرفضون المسار الذي جاءت به”؟ قبل ان يشير إلى أن الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، إلى جانب أغلب المنظمات المهنية، تُجمع على رفض المشروع بصيغته الحالية، مؤكدا أن “أزيد من 90% من الجسم الصحفي يعارض هذا القانون”، إلى جانب مؤسسات دستورية وخمسة وزراء سابقين للاتصال من مشارب سياسية مختلفة، مما يجعل استمرار الحكومة في الدفع به “خارج منطق الحكامة”.

ودعا المتحدث الحكومة إلى التحلي بـ”رزانة الدولة”، مشددا على أن “التراجع عن هذا المشروع لا يُعدّ هزيمة سياسية، بل إنقاذاً لوضع فراغ قانوني وتنظيمي يهدد شرعية المؤسسة، ويضر بصورة المملكة على المستوى الدولي”.

وشدد  رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، على ضرورة اصطلاع مجلس المستشارين بدوره التشريعي والرقابي في هذا الملف الحساس، عبر رفض المشروع أو تعديله جذرياً بما يضمن تمثيلية متوازنة، واحتراماً للمبادئ الدستورية.

ومضى قائلاً: “ماذا ستقول المملكة المغربية في الاستعراض الدوري الشامل القادم، بعد أن كانت تفخر بوجود مجلس وطني للصحافة منتخب؟ هل ستقول إنها اختارت التعيين؟ هذا القانون يضع بلادنا في إحراج حقوقي دولي لا حاجة لنا به”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *