مجتمع

وداعا للعلاج الكيميائي.. “الحرارة الضوئية” ترسم مستقبلا جديدا لمكافحة السرطان

في خطوة قد تعيد رسم مشهد علاجات الأورام، كشفت دراسة حديثة أجراها البروفيسور جاستن ستيبينغ، أستاذ العلوم الطبية الحيوية في جامعة “أنجليا روسكين”، عن تطوير تقنية واعدة منخفضة التكلفة، تستخدم الضوء المنبعث من الصمامات الثنائية (LEDs) لتدمير الخلايا السرطانية بكفاءة عالية، مع الحفاظ على سلامة الأنسجة السليمة المحيطة بالورم.

ويعتمد هذا العلاج الجديد، الذي قد يحدث نقلة نوعية في مكافحة السرطان، على الجمع بين ضوء LED القريب من طيف الأشعة تحت الحمراء وجسيمات نانوية من أكسيد القصدير (SnOx)، لقتل الخلايا السرطانية المستهدفة دون الإضرار بالخلايا السليمة.

وقد سلط البروفيسور جاستن ستيبينغ، أستاذ العلوم الطبية الحيوية في جامعة “أنجليا روسكين”، الضوء على هذا الإنجاز في مقال تحليلي نشره عبر منصة “The Conversation”، مؤكدًا أن هذا الابتكار يمثل تقدمًا محوريًا في المساعي الرامية إلى جعل علاجات السرطان أكثر أمانًا ودقة، وأسهل منالًا.

كيف يعمل هذا العلاج؟

تندرج هذه التقنية المبتكرة ضمن ما يُعرف بـ”العلاج الحراري الضوئي” (Photothermal Therapy)، الذي يقوم على مبدأ بسيط وفعال: تسخير الضوء لتوليد حرارة موضعية تهاجم الخلايا السرطانية وتدمرها.

وأوضح البروفيسور ستيبينغ أن مفتاح نجاحها يكمن في استخدام رقائق نانوية مجهرية من أكسيد القصدير (SnOx)، وهي أصغر بمليون مرة من سُمك ظفر الإنسان. صُممت هذه الرقائق خصيصًا لامتصاص ضوء الأشعة تحت الحمراء القريبة (Near-infrared light) بكفاءة عالية، وهي موجات ضوئية قادرة على اختراق الأنسجة البيولوجية بأمان. وعند تسليط ضوء الـ LED على الورم المحتوي على هذه الرقائق، تعمل الأخيرة بمثابة “سخانات مجهرية”، فتُنتج حرارة كافية لتدمير أغشية الخلايا السرطانية وبروتيناتها، مما يؤدي إلى موتها دون التأثير على الخلايا السليمة المجاورة.

تفوق على الإجراءات التقليدية وأمان أكبر

تكمن الأهمية الكبرى لهذه الطريقة في قدرتها على التغلب على الآثار الجانبية المدمرة للعلاجات التقليدية. فالعلاج الكيميائي، على سبيل المثال، يهاجم الخلايا سريعة الانقسام في جميع أنحاء الجسم، مما يتلف الأنسجة السليمة، بينما قد يضر العلاج الإشعاعي بالأنسجة المحيطة بالورم ويسبب إرهاقًا ومضاعفات طويلة الأمد.

على النقيض من ذلك، يقتصر تأثير العلاج الحراري الضوئي على المنطقة المستهدفة بالضوء فقط، ولا يسبب أي سمية جهازية (Systemic Toxicity)، مما يجنب المريض تراكم الضرر في الأعضاء السليمة أو الشعور بالإنهاك الشديد.

علاوة على ذلك، وبفضل استخدام أنظمة إضاءة LED منخفضة التكلفة وسهلة التشغيل بدلًا من أجهزة الليزر المعقدة والمكلفة، يفتح هذا العلاج آفاقًا واسعة لتطبيقه في المراكز الطبية والمناطق ذات الموارد المحدودة، ليصبح أداة قوية ومتاحة في المعركة العالمية ضد السرطان.

يفتح هذا الابتكار العلمي الباب أمام إمكانية القضاء على الأورام بدقة غير مسبوقة. ففي حين أن علاجات فعالة كالعلاج الكيميائي والإشعاعي لا تزال أدوات حيوية، إلا أنها تفرض تكاليف باهظة، ليست مالية فحسب، بل جسدية ونفسية أيضًا، حيث تلحق الضرر بالخلايا السليمة وترهق المرضى بآثار جانبية طويلة الأمد. وعليه، تقدم هذه التقنية الجديدة أملًا في مستقبل تكون فيه علاجات السرطان أكثر لطفًا على الجسم، وأكثر فتكًا بالمرض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *