وجهة نظر

الأنفة الجزائرية !‎

في أواخر سنة 2006، كان حكام الجارتين قد دخلا في هدنة غير معلنة ،وعرفت العلاقات بين البلدين انفراجا طفيفا.

كان اعلان ملك المغرب رسميا استعداده اعادة فتح الحدود البرية مع الجارة الشرقية بادرة طيبة ، رغم ان وقت اعلانها تصادف ووقت قيلولة بوتفليقة .

رغم رفض حكام الجزائر التجاوب “بريا” مع العرض المغربي ،فان فئة واسعة من الشعب الجزائري تجاوب معه “جويا”،حيث بدأ مطار محمد الخامس الدولي يستقبل افواجا من الجزائريين الراغبين في اكتشاف مغرب ما بعد الحسن واحداث مراكش94.
كنت رفقة صديق لي بالبيضاء ،فأخبرني انه على موعد استقبال ثلاثة اصدقاء جزائريين،كانت تجمع بينهم تجارة ما في مكان ما عبر الهاتف دون ان يسبق لهم ان التقوا .

رافقت صديقي الى المطار ، هناك انتظرنا وصول الطائرة القادمة من الجزائر ،بعد حوالي نصف ساعة ،وصل الاصدقاء الثلاثة ،فعدنا معا الى شقة اقامة صديقي بالبيضاء.

على براد شاي مغربي ،دخلنا في “كشكول” من النقاشات التي تلامس الحياة اليومية لدى الشعبين الشقيقين .

الاخوة الثلاثة اجمعوا في جل نقاشاتنا على ان “الدزاير زينة”،وان بوتفليقة هو الرجل المناسب في المكان المناسب ،كما اجمعوا على ان السعادة قمر يضيئ سماء “الدزاير”،امام هذا الخطاب الرسمي الغارق في المبالغة ،لم يسعنا (انا وصديقي) الا ان نردد وراءهم عبارة ” حتى حنااااا….حتى حنااااا…””
كان جهاز التلفاز قد ضبط على تردد احدى القنوات المغربية ،فوجدها احد الاصدقاء الاشقاء فرصة ل”يقلي لنا السم”
“خويا ،التلفزيون عندكم خاوي…”،يقول احدهم.
اجبته بسرعة:نعم صدقت يا اخي ،فاعلامنا لا يختلف كثيرا عن اعلامكم ،هو تخلف واحد موحد.
صديقنا لم ترقه المقارنة ،فاطلق قهقهات ساخرة واردفها بعبارة “فرق كبيييييير خويا””.
اجبته باقتضاب وبسخرية ايضا ،نعم فرق كبييير في المكان ،فاعلامكم يبث من الجزائر ،واعلامنا يبث من المغرب .
توترت اعصاب صديقنا ،واجاب بنرفزة واضحة :انت لا تعرف اعلامنا،انت تتحدث عن قنواتنا الفضائية ،تلك القنوات موجهة للخارج ،عليك متابعة برامج التلفزيون الجزائري الارضي قبل ان تحكم عن جودتها .

هنا فقط احسست ان صديقنا نجح في اختبار مادة التاريخ بعدما حفظ الحقد عن ظهر قلب ،فيما سقط في فخ الجغرافيا.
طبعا هو لم يكن يعلم اني فتحت عيناي في منطقة اهلها كانوا يعتبرون التلفزيون الجزائري الارضي بمثابة قناة مغربية ثانية، فوجدتها فرصة مواتية لكي استعرض عضلاتي في “قليان السم بالزيت المحروقة” ،وخاطبته بنبرة استفزازية:آآآه ،تقصد التلفزيون الام،الان اكدت مقارنتي بامتياز،فشبكة برامج “ارضيتكم” لا تختلف كثيرا مع شبكة برامج تلفزيوناتنا ،اهم ما يميزها كثرة الخطوط الحمراء وغياب البرامج السياسية مع الاكثار من برامج “الشطيح والرديح”،وخير دليل على ما اقول هو العودة للبرامج التي كانت تجمع الاسر الجزائرية حول “التلفزيون الارضي “،برامج ترفيهية (بين الثانويات،عايلة هايلة، صباح الخير يا جزائر )، برامج اجتماعية (كل شيئ ممكن ) الذي يعنى بحالات الاختفاء ، وبرنامج التحقيقات (فضوليون جدا ) الذي يرصد اغرب الظواهر بالبلاد ،وبرنامجا اخر حول حوادث السير (طريق الموت)،بالاضافة الى البرنامج الرياضي (من ملاعب العالم ) الذي كان يقدمه حفيظ دراجي ،وبعدها تنامون على سهرة ليلة الجمعة وانتهى اسبوعكم “الارضي” !!

بعدما فقد صديقنا الصوت والصورة ،تكلف صديقه الثاني بالرد فخاطبني قائلا :”انت دزايري خويا”؟؟؟
ملحوظة :شبكة برامج التلفزيون الجزائري الارضي انذاك كانت جد مميزة،فقط المقام كان لا يسعفني لهكذا اعتراف !