أدب وفنون

باحثون يشرحون “التشرميل” بقيادة فاطمة المرنيسي

اجتمع باحثون اجتماعيون وإعلاميون حول عمل شرحوا فيه ظاهرة “التشرميل”، في قراءات تعددت وتنوعت بين السوسيولوجي في الظاهرة والصورة التي يمنحها إياها الإعلام المكتوب في المغرب، سبق وأن أطرته السوسيولوجية المغربية الراحلة مؤخرا، فاطمة المرنيسي.

عن دار “الفينيك”، صدرت الترجمة العربية لدراسة اجتماعية حول ظاهرة التشرميل في المغرب.

ويتعلق الأمر، بمؤلف جماعي أشرفت عليه باحثة الاجتماع الراحلة فاطمة المرنيسي، وبمشاركة خديجة العلوي، جلال توفيق، عبد الرحيم العطري، أحمد غيات، رضا دليل، فاطمة البيه، حنان الودغيري.

وصدر هذا المؤلف الجماعي الذي يقع في 180 صفحة من الحجم المتوسط، بعنوان “التشرميل، تأملات حول عنف الشباب”، فيما ترجمه إلى العربية الباحث عزيز مشواط.

ومن الخلاصات التي انتهت إليها فاطمة المرنيسي، عبر هذا العمل، “تبيان أن الغنى اللامادي”، للمغرب يكمن في “ذلك الإنصات بين الحاكمين والمحكومين”، لأن “التشرميل”، في الواقع، هو رغبة ذلك الشاب المهمش في لفت انتباهنا حتى عندما يلجأ إلى الترويع باستعمال السلاح الأبيض.

فخلف السيف الذي يشهره الشاب المشرمل في صوره، يختفي ذلك الكائن الذي يحس بأنه متروك لمصيره ومتخلى عنه، هذا ما يمكن استخلاصه عند قراءة كل المساهمات الواردة في هذا الكتاب.”

من جهته، عدد البروفيسور، جمال توفيق، مدير المركز الوطني للمعالجة، الوقاية والبحث في الإدمان، خلال مساهمته، العوامل التي تنتج الظاهرة، حيث نقرأ له: “التطرف الفكري والسلوك،  يترعرع وينشأ في المجتمعات الفاشلة، إذا أخذنا على سبيل المثال ردود الفعل القمعية والمهينة تجاه الشباب الممارس للعنف، فسنجد أنه بمجرد ولوج المؤسسة السجنية، يتجه نحو التخلص من هذا الوضع من خلال تبني الأطروحات المتطرفة في محاولة للانتقام من الإحباط الناتج عن هذا الاحتواء الخاطئ، في غياب برامج إعادة التأهيل الاجتماعي”، اعتبر بأن “تبني هؤلاء الشباب لأفكار راديكالية، وانضمامهم لمجموعات متطرفة، هي محاولة لإعادة بناء نظرته الذاتية ومحاولة التعويض عن الإحباط وكسب الاعتراف بالذات”.

وفي مساهمة أخرى، نقرأ للناشط المدني، أحمد غيات، بعنوان: “لاتترك الشارع للشارع”، بأن ظاهرة “التشرميل”، وإن ضخمت من الشعور العام بانعدام الأمن بين كافة الناس، فإنها أدت أيضا إلى عواقب جانبية في مقدمتها، احتقار واستصغار فئة من شبابنا، والامتعاض والعداء والحكرة والتباهي والتفاخر. معتبرا بأن هذه السلوكات، تشكل خطرا مجتمعيا ، ولا يمكن إلا أن يعزز من انقسامات المجتمع .داعيا إلى إعادة خلق الروابط بين كل الفئات المكونة له.

في مقالتها، “لماذا الأمهات عاجزات؟”، أبدت رئيسة تحرير المجلة الشهرية “الأسرة المعاصرة”، خديجة العلوي ، تفاؤلا بإمكانية الطي النهائي لصفحة العنف، إلا أنها أكدت، مع ذلك، على ضرورة تشجيع ومساعدة ساكنة الأحياء الفقيرة والمهمشة من أجل استرجاع الثقة في مستقبل واعد، وهو ما يتطلب العديد من الإجراءات، وتطويرا لأرضية  قادرة على الاستفادة من كل الطاقات.

أما الصحفية حنان الودغيري،في مقالتها “التشرميل في المجتمع الرقمي”، فإنها  أكدت على أنه آن الوقت للكف عن محاكمة شبابنا عوض تشجيعهم، داعية إلى فتح مقاهي أنترنيت مجانا لكل التلاميذ والطلبة على شاكلة مكتبة تكنولوجية للمعلومات، وعلى استغلال أموال الضرائب لفائدة جيل المستقبل.

 وبرؤية الباحث السوسيولوجي المختص، أبرز الباحث عبد الرحيم العطري في دراسة له أغنت الكتاب، وسمها ب”اللباس على درب التشرميل، ثقافة اغتراب أم نمط عيش مضاد”، حيث نقرأ منها: “يمكن اعتبار التشرميل على أساس أنه تصفية للحساب بين الشباب والمؤسسات التي قدمت استقالتها منذ زمن بعيد، لقد وجد الشباب نفسه في مواجهة الفراغ والاستقالة الطوعية القسرية للمؤسسات”.

فيما رصدت فاطمة البيه للظاهرة “كازا فرصة كازا حكرة” جميعهم سكارى بأوهام الانتصار الذي يخفي شراسة الفشل والهزائم المتوالية في واقع لا يلوح بالأفق. كان لهم خيار التواجد بشكل آخر مختلف، الفتوة بمعنى فتى الحي القوي المدافع الممثل للشهامة، المستعصي…الذي يأخذ كل شيء بالقوة، ويبرز قوته في المجال ويخشاه الجميع.

كما نقرأ في مساهمة حول “التشرميل في الصحافة المكتوبة”، ليوسف مداد، “لا بد من الاعتراف بأن الفوارق الاجتماعية تتسع بشكل مهول، مما يؤدي إلى ظهور حالات تختزن حمولات عنف كبيرة. وهناك تخوف من أن المقاربة الأمنية تعالج الظاهرة بشكل سطحي”، ففي إمكانية أن  تكون “موجة التشرميل”، عرضية، إلا في حالة “وجود نار تحت التبن”، يمكن أن تؤدي إلى حرائق جديدة، كما قال.