وجهة نظر

لماذا يسكت النسوانيون عن حق المرأة في الزواج ؟

النسوانيون قوم طيبو القلوب رقيقو المشاعر، يغارون على النساء أكثر من غيرتهن على أنفسهن، ويستبسلون في الدفاع عنهن وتبني همومهن أكثر من أي فئة أو طرف آخر في المجتمع، ولا يألون جهدا في حماية المرأة من ظلم الظلاميين، ووصاية الرجعيين، وتسلط الماضويين.

لذلك، يناضل النسوانيون من أجل المرأة في جبهات عدة، تحت مظلة حقوق الإنسان عموما، وحقوق المرأة خصوصا، ومن حقوق المرأة التي صدعوا بها رؤوسنا، وبالغوا في التشدق والتغني بها، إلى حد الإسفاف والابتذال في بعض الأحيان: حق المرأة في العمل، مهما كان بعيدا عن خلقة المرأة وأنوثتها ولطافتها، وحقها في المشاركة السياسية، وفي تولي المناصب والمسؤوليات، ولو بنظام الكوطا المسمى زورا بالتمييز الإيجابي، بل وصلت بهم الغيرة المفرطة والتعاطف الزائد، إلى درجة المجاهرة بحق المرأة في التصرف في جسدها، وحقها في الميراث على قدم المساواة مع أخيها الرجل، ولو أدى ذلك إلى مصادمة نصوص الشرع الصريحة القطعية.

غير أن المثير في تعاطي النسوانيين مع حقوق المرأة، هو طريقتهم الانتقائية، وأسلوبهم التجزيئي، في التعامل مع تلك الحقوق، إذ يتحدثون عن بعضها ويسكتون عن بعض، ويضخمون بعضها ويحجمون بعضا، وإلا لماذا يسكتون عن حق المرأة في الزواج، وفي الاستمتاع بحياة زوجية إنسانية فطرية، خالية من كل أنواع الابتذال والاستعباد والاستغلال الجنسي؟. أليس الزواج حاجة فطرية وحقا طبيعيا شرعيا؟ أليس من حق المرأة المسلمة أن تجد زوجا مسلما وهي التي يحرم عليها الشرع الزواج من غير المسلم؟ وهل ثمة بديل للزواج غير الزنى الحرام المرادف لاستغلال المرأة واستعبادها والمتاجرة بجسدها وامتهان كرامتها؟. لا جواب لدى النسوانيين على مثل هذه الأسئلة الملحة، ولا اهتمام لهم بالجواب عنها أصلا، لسبب بسيط، هو أن عفة المرأة وكرامتها وحاجياتها وهمومها الحقيقية لا تعنيهم كثيرا، بقدر ما تعنيهم حاجياتهم هم أنفسهم، ورغباتهم وما يريدونه من المرأة، لا ما تشعر به المرأة، وما تريده لنفسها في واقعها ومستقبلها.

لو رجع النسوانيون إلى المرأة في تحديد حقوقها، ولو استشاروها في أمر مطالبها، لسمعوا منها رأيا آخر، وترتيبا آخر، ولعلموا منها أن حقها في الزواج والإحصان، وفي الأمومة والأسرة، أهم لها من كل حق سواه، وأسبق عندها من حق العمل، وحق المشاركة السياسية، وحق تحمل المناصب والمسؤوليات العامة، وغيرها من الحقوق الثانوية، وأن هذه الحقوق جميعها ليست بديلا عن الزواج والإحصان والأسرة، ومع ذلك فهم مصرون على الحلول محل المرأة، وعلى الحديث باسمها، وعلى تزوير أزمتها، وتزييف الحلول لها، فدل ذلك على أن غيرتهم على المرأة غيرة كاذبة، وأن نضالهم عنها نضال عن أنفسهم وشهواتهم ونزواتهم لا عن المرأة ومشاكلها وحقوقها، وأن عفة المرأة وعرضها وكرامتها الحقيقية لا تعنيهم في شيء.

بكلمة، لو أن النسوانيين يغارون على المرأة حقا كما يزعمون، ولو أنهم يحترمون عقلها ورأيها كما يدعون، لرجعوا إلى المرأة نفسها في معرفة مطالبها وحقوقها، ولحكموها في ترتيب تلك المطالب والحقوق، ولما سمحوا لأنفسهم بأن ينوبوا عن المرأة في تحديد حقوقها، وترتيب مطالبها، مما يعد وصاية ظاهرة وحجرا حقيقيا.