سياسة

الحكومة تلجأ للمجلس الوزاري للفصل في “صراع” العتبة الانتخابية

فيما يشبه الالتجاء إلى التحكيم الملكي في القضايا المختلف عليها بين الأحزاب السياسية بخصوص الانتخابات التشريعية المقبلة، أعلن بلاغ صادر عن المجلس الحكومي المنعقد صباح اليوم الجمعة، إحالة مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالانتخابات المقبلة على المجلس الوزاري للحسم فيها.

وأوضح بلاغ صادر عن المجلس الحكومي، توصلت “العمق المغربي” بنسخة منه، أن المجلس المنعقد صباح اليوم الجمعة، اطلع على مقترح وزارة الداخلية بخصوص ثلاثة مشاريع قوانين تنظيمية، تمهيدا لعرضها على مصادقة المجلس الوزاري، يتعلق الأمر بمشروع القانون التنظيمي رقم 20.16 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، ومشروع القانون التنظيمي رقم 21.16 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، تقدم بهما الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية.

وأفاد البلاغ أن مشروع القانون التنظيمي رقم 20.16 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، المقترح من الداخلية، ينص على تخفيض العتبة إلى 3 في المائة بعدما كانت في السابق 6 في المائة، وذلك “استجابة لطلب عدد من الأحزاب السياسية”.

في السياق ذاته، ينص القانون التنظيمي المتعلق بـ “الأحزاب السياسية والمتعلق بإمكانية تأسيس تحالفات بين الأحزاب السياسية لتشمل انتخابات أعضاء مجلس النواب”، على قبول لوائح الترشيح المقدمة من لدن تحالفات الأحزاب السياسية التي تتضمن مترشحين ينتسبون إلى الأحزاب التي تتألف منها التحالفات المعنية.

وتابع البلاغ الصادر عن المجلس، أنه “لتجاوز الأنماط التقليدية في تنظيم الحملات الانتخابية، يكرس هذا المشروع حرية تعليق الإعلانات الانتخابية من طرف وكلاء لوائح الترشيح أو المترشحين كمبدإ عام، مع الإحالة على نص تنظيمي لتحديد القواعد المتعلقة بتنظيم تعليق الإعلانات الانتخابية والأماكن والتجهيزات التي يمنع فيها تعليق تلك الإعلانات”.

وفي الوقت الذي دعت فيه أحزاب مثل العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة إلى رفع العتبة إلى 10 في المائة، دعت أحزاب أخرى مثل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري إلى تخفيضها إلى 3 في المائة لتضمن إمكانية تشكيل فريق نيابي في الولاية التشريعية المقبلة.

وأثار موضوع العتبة جدلا كبيرا في الأوساط السياسية، حيث عبر عدد من الناشطين عن رفضهم لتخفيضها معتبرين أن ذلك سيؤدي إلى “بلقنة” المشهد السياسي.

واعتبر القيادي الاتحادي جليل طليمات تعليقا على تخفيض العتبة إلى 3 بالمائة، “هاهي وزارة الداخلية تنبطح” أمام ضغوط سياسوية وانتخابوية وحزبوية ضيقة، بل وانتهازية”.

وتابع في تدوينة له على “فيسبوك”، أن “الموقف الأصلي المطلوب لليسار هو رفع العتبة، أو الاحتفاظ ب6 في المائة المعمول بها منذ 2007، باعتبار ذلك أحد مداخل عقلنة المشهد الحزبي “البدين” من جهة، وعاملا مساعدا لبناء قطبية حزبية واضحة الملامح من جهة أخرى.. لكن الرياح جرت عكس”، يورد القيادي الاتحادي.

القيادي في حزب العدالة والتنمية خالد الرحموني من جهته، قال إن ما يتم الترويج له من خفض العتبة الانتخابية إلى 3 بالمائة إن صح، “فسنكون أمام ردة حقيقية على مستوى منظومة القوانين الانتخابية، التي من المفترض أن تحصن البلد ضد أي إمكانية للنكوص، لجهة البلقنة والتفتيت المراد للمشهد السياسي”.

وأضاف عضو الأمانة العامة لحزب المصباح أن “إضعاف المؤسسات الديمقراطية هو المقصود من تخفيض العتبة، بالإضافة إلى إنهاك المؤسسات الدستورية وتفريخ الكيانات الحزبية المجهرية وضرب مسار العقلنة السياسية التي انفتحت مع التناوب الديمقراطي، واستمرت مع التناوب الثاني بقيادة العدالة والتنمية”، على حد تعبير الرحموني.

بدوره، انتقد رئيس المجلس الوطني لحزب المصباح سعد الدين العثماني، تخفيض عتبة احتساب الأصوات الانتخابية من 6% إلى 3%، معتبرا الأمر مؤسف ويسهم في بلقنة البرلمان.

غير أن وزير الخارجية السابق، قلل من إمكانية تأثير مشروع القانون على مقاعد “البيجيدي” في الانتخابات المقبلة، وأشار في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، إلى أن تخفيض العتبة “لن يضر العدالة والتنمية”.

اعتبر محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، أن تقليص العتبة الانتخابية من 6 إلى 3 في المائة سيؤدي إلى صعوبة تشكيل الحكومة القادمة، وسيقلص الفارق بين العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة.

وأشار المحلل السياسي، في هذا الحوار الذي أجرته معه جريدة “العمق المغربي”، أن أكبر المتضررين من التعديلات هي الأحزاب الكبرى، خاصة العدالة والتنمية والاستقلال والأصالة والمعاصرة، بينما المستفيد الأبرز هي الأحزاب الوسطى، الاتحاد الاشتراكي وفيدرالية اليسار والتقدم والاشتراكية، فيما الأحزاب الصغرى لن تستفيد من التعديلات.