وجهة نظر

هل باع يسري فودة “إخوانه” للأمريكان؟!

مرت سنين وأعوام عن ذلك اليوم المشهود، الحادي عشر من شتنبر 2001، اليوم الذي تغير فيه وجه العالم، أو هكذا أريد لنا أن نفهم.

طائرتان أمريكيتان أقلعتا من مطارين أمريكيين بطيارين أمريكيين، لكن “هبوطهما” بطيارين عربيين مسلمين ظل لغزا حير العالم من أقصاه الى أقصاه.

انقشع ما وراء غبار منهاتن لينقسم العالم إلى شطرين، شطر ولى وجهه صوب أمريكا فيما شطر آخر كان يتطلع إلى ما وراء جبال تورا بورا.

فيما كان العالم بغربه وشرقه يتكهن من الفاعل، رفعت أمريكا اصابع اتهامها عاليا متطلعة الى جبال تورا بورا دون تقديم اي دليل يثبت الادعاء.

بين هذا وذاك، كان يسري فودة ينفض الغبار عن القاعدة وبعضا من رموزها.

تارة يقول ان البداية كانت بفاكس وتارة اخرى يقول انها كانت باتصال هاتفي ، لا يهم،الذاكرة هي الاخرى تخون احيانا…وكانت البداية!

فجأة وجد نفسه وجها لوجه، ومع من؟ مع من وضعت امريكا على رأس كل واحد منهما تاج قيمته 25 مليون دولار،خالد شيخ محمد ورمزي بنشيبة.

يحكي يسري انهما اشترطا فقبل ووعد فأوفى،قبل ان يسجل معهما ازيد من ساعتين وصور بعضا مما يعتبر ادلة مادية تثبت ما قبل التنفيذ وما بعد التخطيط.

لكن في خضم هذا التزاحم الكمي والنوعي من المعلومات والاحداث، والاهمية الامنية لمستضيفيه،هل كان فودة يعلم اين يلقي بقدميه؟
أم أن أنانية الصحفي الباحث عن السبق جعلته يضرب بالاحتياطات الأمنية عرض الحائط؟

الإجابة عن هذه الأسئلة سنجدها في ثنايا صيد يسري نفسه

سجل يسري وصور كل ما عرض عليه،تسلم التشكيلة الرسمية لفريق غزوة منهاتن،حصل على كنية كل واحد منهم التي اكتسبها في معسكر الفاروق بأفغانستان، منح له “الإخوان” خطة لعبهم، وعينوا له عميد كل فريق، كان الهدف فصل رأس الأفعى عن الجسد في الدنيا وغنم حور العين في الآخرة.

جمع حقائبه وعدد “سكوباته” العالمية فغادر،ممنيا نفسه بجزاء الدنيا تاركا نعم الاخرة لخالد ورمزي ومن وراءهم!

هل كل مرة تسلم الجرة؟ هذه المرة ستتفتت صخرة القاعدة بين يديي يسري،ما ان مرت شهرين عن لقائه ب100 مليون دولار،وقبل ان يبث البرنامج،كانت اولى “غنائم ” يسري تظهر أمامه على شريط العاجل للقناة التي يشتغل لصالحها:السلطات الباكستانية تلقي القبض عن رمزي بنشيبة!

بثت حلقات البرنامج، ما ان مرت حوالي خمسة أشهر حتى القيا القبض على خالد شيخ محمد نفسه!

لغز آخر ينضاف إلى لغز 11 شتنبر

لا يوجد عاقل في العالم كله لا يجد رابطا بين تحداث 11 شتنبر والقاعدة، كما لا يوجد عاقل ايضا لا يربط بين لقاء يسري بالزعيمين وبين اعتقالهما،حتى وان كان الطرفان مقبض السكين الذي يمسك به احدا من وراء الستار!

في الحلقات الثمانية التي اعدها يسري حول الموضوع،توجد اجابات كثيرة عن الغاز اليوم المشهود،في ثناياها تظهر بعضا من الاجابات عن لغز الفخ المزدوج الذي وقع فيه رمزي وخالد.

في الحلقة الثالثة من ” اجراس الخطر”، يلفت يسري انتباه مشاهديه ان عميلا امريكيا اتصل باحد افراد طاقم التصوير يستفسره عما هم بصدد فعله وعما ينوون القيام به.

ببساطة، يسري كان يتجول “كهوف” الإخوان والعناية الإلهية والعين المخابراتية الامريكية تحرسه من كل جنب.

أليس هذا إنذار كاف ليسري حتى يعدل عن فكرة اقتحام البيت الامن في كراتشي حفاظا على سلامة مستضيفيه،ام ان السبق الصحفي فوق كل اعتبار؟

طغى الطمع المهني على حساب الانسان الصحفي،فطار يسري الى كراتشي،هناك يجد “ابو بكر” الضابط الاعلامي للقاعدة في انتظاره حتى يوصله كبضاعة للبيت المشؤوم!

اثناء عرض تفاصيل الرحلة على قناة الجزيرة،سيظهر الضابط الاعلامي بالصوت والصورة وهو يقابل يسري لوضع اللمسات الاخيرة للقاء حينها تساءل المشاهدين عن سر هذا التصوير لشخصين منفردين في غرفة فندق ولا ثالث لهما الا الله. معظم التخمينات حينها راحت الى القول ان يسري نصب كاميرا خفية للضابط المضبوط!

جزئية بسيطة قد تضيئ سر هذا اللقاء السري المصور، كتب يسري في مقدمة كتابه الذي صدر له مؤخرا “على طريق الاذى” ان الشريط الذي كان موضوع التخمينات لم يكن هو من صوره، بل صورته أجهزة مخابراتية التي عملت إلى توصيله إليه في اليوم الموالي للقاء.

اي اناني هذا؟ عميل امريكي يتصل بك ويسألك عما تفعل،وعميل باكستاني يلقي اليك بشريط لقائك بالضابط الإعلامي للقاعدة دليلك الى البيت الامن،كل هذا لن يحرك فيك ادنى شعور بالمسؤولية بما انت ماض فيه، مهما بلغ منسوب حسن نية يسري،ومهما بلغت مهنيته، ومهم بلغ عفته وزهده، فإن للإنذارين السالف الذكر معنى واحدا،يسري سعى الى السبق باي ثمن،ولو كان على حساب من أكرما ضيافته.