وجهة نظر

أحلامي بين اليقظة والنوم

أكبر و تكبر أحلامي معي، حتى إذا اشتعل رأسي شيبا شاخت أحلامي، أحيانا تأخذني نحو الشمس، وآمالي صوب النجوم، و متمنياتي نحو القمر، فأحلامي وآمالي ومتمنياتي إذا ما حققتها سرت سعيداً، من بداية طفولتي مرورا بريعان شبابي إلى أن أصبح شيخا مسناً.
فكلما تقدمت في الحياة إلا و نداء الخيال يتحول إلى الواقع، حقائق أعيشها بتفاصيل متشابهة بين الخيال والواقع، تزهر أحلامي وروداً متفتحة، وأتجول بين الجداول و أستنشق نسيم الأزهار التي تنبعث في الواقع.

وأنا تحت فراشي أحلم وأفكر وأتخيل، أدْرُس و أدرّس مرة أخرى، أتعلم و أعلم، أشتغل و أشغِّل، كما لا أتوقف عن الركض في صغري، لا أتوقف عن التفكير في كبري، وعن الرفع من معنوياتي، حتى صارت أحلامي في اليقظة كأحلامي في المنام، لقد صرت أستاذا، ومديرا، وشرطيا، وعسكريا، انتحلت كل الشخصيات، عملت كل المهن، وتجاوزت كل المواقف السهلة والصعبة، أحب أن أتخذ البطولة في كل المواقف، وأن أكون ذلك الرجل الذي يتميز بالجد، و الجمع بين البسط والقوة في كل أحلامي.

لكل منا حلما، بل أحلاماً يجتهد من أجل تحقيقها، إما أن يعيش السعادة في تحقيقها، أو التعاسة عند الفشل في ذلك، فيشعر بالشقاء و الحزن و خيبة الأمل.

حلمي الكبير أن أشتغل في العمل الاجتماعي، وأكون قريبا من كل من عاش حياة الفقر و أراد أن ينجح في حياته، أحب أن أبدأ من الصفر لأنتقل إلى الرقم واحد، وإثنان، وثلاثة، وهكذا حتى أصل إلى أعلى رقم.

أعود و أتكلم لكم عن العمل الاجتماعي، إذا أردت أخي الكريم أن تتوغل في الذات الانسانية فعليك أن تملك مفاتيح الخير، و أن تتمتع بحب الخير ليس لنفسك فحسب بل لكل الناس، فالسعادة لا تكون كاملة إلا عندما يعيشها من حولك، فكل الآلام التي يعرفها العالم كانت نتيجة الأنانية والنرجسية المفرطة في حب النفس، وطغيان شعار نفسي نفسي، فإن كل فرد تحلّى بالصفة الاجتماعية الإيجابية لعشنا في هناء وتعاون.

انتحلت مختلف الصفات كما ذكرت لكم سابقا، وأذكر لكم واقعة عشتها في أحلام اليقظة والخيال، حتى جسدت في أرض الواقع، من أحلامي أن أكون أستاذاً، فليس كل همي هو أن أحرص على المال في الخيال أو الواقع، عندما كنت صغيراً أدخل إلى فراشي قصد النوم، ومع دفئه ترتفع درجة أحلامي، فعندما أتخيل أني أشتغل أستاذا أتقمص شخصية أستاذي المفضل في المرحلة الابتدائية، ذلك المربي الخلوق، المجد، الاجتماعي، دائما أحاول أن أمسح على رأس كل تلامذتي، و لا أفرق بينهم، أحاول أن أجمع بين العلم و التربية ، كل هذه الأحلام كانت يقظةً، وفي كل يوم أحد أجمع أطفال الجيران مقلداً أستاذي المفضل، أتقمص شخصيته، وآخذ غمار التعليم و التربية، و أنا في أمس حاجة لهما، يتحول الحلم من اليقظة إلى الواقع، و يكبر حلمي، وتضاف إليه شخصيات أخرى، و يتغير الفهم، حتى أصبحت أستاذاً متدرباً في مؤسسة أرض السلام، أحببت التلاميذ واستمتعت بكل وقت أقضيه معهم، وأهتم بضعيفهم، وأشجع مجتهدهم.