وجهة نظر

الديموقراطية و”محاربة الإسلاميين”

كيف نريد أن ننزل الديموقراطية في المغرب وجل الأحزاب السياسية المعنية بهذا الورش لا تعتمد الديموقراطية في بيتها الداخلي؟ كيف نريد أن ننجح اختياراتنا الديموقراطية لبناء وطننا منذ أن نلنا الإستقلال إلى اليوم ومعظم الأحزاب المعنية بخلق الديموقراطية لا تطبقها في تأطير نخبها ومناضليها؟ وخير دليل على ذلك ما وقع في مؤتمر إحدى الأحزاب.

إحياء مغرب ديموقراطي يضمن حقوق مواطنيه، كان حلم الملك المناضل محمد بن يوسف والنخب السياسية والفكرية المغربية منذ استقلال المغرب. لغاية الوصول إلى هذا الهدف، خاض المغاربة معارك نضالية منها ما هو دموي وسلمي، ولعل آخر معركة هي الحراك الشعبي إبان الربيع العربي الذي أطاح بحزب وصف منذ ولادته أنه الخادم الأول للفساد والاستبداد في المغرب، هذا الحزب المكون من خمسة أحزاب ميكروسياسية عرف عنها منذ تأسيسها أنها أحزاب إدارية يرجع تاريخها للراحل البصري، ولدت لغاية التشويش على الاختيارات السياسية للمواطنين وإفقادهم الثقة في تحديد المصير من خلال صناديق الإقتراع والتحالف فيما بينها بالمجالس المنتخبة لغاية إضعاف قوة الأحزاب الشعبية والجماهيرية، يمكن أن نصف هذا الحزب الجديد في تأسيسه و القديم في نهحه باللقيط، لأن لا هوية له ولا مرجعية له ولا إيديولوجية له والأكثر من ذلك لا وجود للمساندة الشعبية له، منطقه في المجتمع ليس هو السياسة من أجل الصالح العام بل السياسة من أجل الأعمال، وخدمة مصالح اللوبيات التي تريد التحكم بالحياة السياسية ولكن بطريقة غير مباشرة، حتى وإن صوت مليون مغربي على هذا الحزب الجديد في تأسيسه والقديم في تنظيمه بإقتراع 4 شتنبر وجب التذكير بأن هذا المليون أكثرهم يقطنون في المجال القروي وبراءتهم من المكائد والجرائم السياسية كبراءة الذئب من دم يوسف.

أكثر من ذلك، الباحثون السياسيون يفسرون هروب الحزب المعلوم للقرى و استغلال الأوضاع المادية للقرويين من أجل الفوز في الانتخابات بانهزامه في إقناع المواطنين الواعين ببرامجه التحكمية، حزب مثل هذا الذي طرده المواطن الشريف من مدنهم ولجأ للمواطن العفيف في الجبال والقرى كي يتغذوا على دمه سيمارس السياسة لإصلاح المجتمع؟

لا يخفى على المتتبع للشأن السياسي المغربي ظروف تتويج قائد هدا الحزب، في ظرف عشرين ثانية، أعلن عن فتح باب الترشح لمنصب الأمين العام للحزب رشح القائد نفسه، مباشرة بعد ذلك هتف الجمهور باسمه ثم أعلن أنه الأمين العام الجديد للحزب دون التصويت أو التساءل على الأقل إن كان هناك من يريد ترشيح نفسه للمنصب، كل هذا في 20 ثانية، هذا هو العبث، كل العبث، هل يمكن لحزب أن يساهم في تنزيل الخيار السياسي الديموقراطي على قرابة ثلاثة وثلاثين مليون مغربي وهو في الأصل لم يطبقها في هيكلة بيته الداخلي أي بين بضع مئات من المؤتمرين؟ إنه العبث كما أنزل.

ما كتب لحد الآن لا يكفي لوصف عبثية هذا الكائن العجيب، لنجيب أكثر على مدى شرعية الحزب في إنزال الديموقراطية يجب أن نطرح سؤالا جوهري و هو: ما هي القيمة المضافة للحزب المعلوم بالساحة السياسة المغربية؟

أولا: هذا الحزب العجيب الذي يحتوي كوكتيلا من الشيوعيين الشوفينيين وفتات الأعيان وأتباع اللوبيات العالمية الفاسدة بالإضافة إلى النخبة المهترئة لبعض الأحزاب الإدارية ومجموعة من التيكنوقراطيين الليبيراليين البرغماتيين لم ولا ولن يعطي أي قيمة مضافة في الساحة السياسية المغربية، وتأسيسه ليس لغاية ممارسة السياسة كما يجب أن تمارس، أي تسيير الدولة من أجل إقرار الديموقراطية، بل لمحاربة الإسلاميين سواء القانونيين الذين يريدون الانخراط في العمل السياسي لإقرار العدالة والتنمية في المجتمع باعتماد مقاربة الإصلاح في ظل الإستقرار أو الإسلاميين الذين يريدون إقرار العدل والإحسان لكن بتغيير النظام كله. وهذا الهدف اعترف به الأمين العام الجديد للحزب المعلوم مباشرة بعد تعيينه على رأس الحزب.

ثانيا: ماذا سيقدم الحزب المعلوم كقيمة مضافة للمغاربة والسياسة المغربية، من خلال أعضائه المعروفين في الصفوف الأخيرة لأحزاب اليسار المختلفة، ماذا سيعطون للمغرب وهم الفاشلون في تنظيماتهم السابقة؟ وماذا سيقدم الولاة والعمال السابقون في الداخلية وهم الذين يشرفون على تطبيق السياسة المخزنية في المغرب منذ مدة؟

ثالثا: ماذا سيقدم هذا الحزب المبتلع للأحزاب الإدارية والمولود في كنفها بعد اجماع علماء السياسة في العالم، إن مثل هذا النمودج من الأجزاب لا يقود الشعوب إلى الديموقراطية بل إلى الذلقراطية التي تستعبد المواطنين وتحد من حرياتهم الفردية والاجتماعية؟ ماذا سيقدم الحزب المعلوم للمجتمع وهو لا يتوفر على بوصلة سياسية أو مرجعية قائمة أو أيديولوجية معينة أو برنامج سياسي يوضح غايته في المجتمع؟ هل هذا حزب يمين أو يسار؟ هل هو لبيرالي أو علماني أو إشتراكي أو شيوعي أو وثني؟ انتظروا لقد أفاد أمينه العام أن غايته هو محاربة الإسلاميين… هل نقول انتهى الكلام!