وجهة نظر

الهوية الإسلامية في ظل تحديات العولمة

حظية مسألة الهوية باهتمام كبير في الآونة الأخيرة نظرا لكونها قاعدة أساسية للصمود ومواجهة تحديات العولمة في العصر الحديث، والتي تمتلك قوة خاصة تستطيع بها فرض نفسها في الحياة المعاصرة في عديد من الجوانب أو المستويات الاقتصادية منها والسياسية، الفكرية، العلمية، الإعلامية، الثقافية، التربوية والتعليمية.

فالهوية كما نعلم أنها هي جوهر الشيء وحقيقته فهي كالبصمة للإنسان يتميز بها عن غيره، لذا فالهوية الثقافية العربية والإسلامية بالخصوص يجب أن نرسخها في أذهاننا وأنفسنا أولا ثم في محيطنا من العائلة والجيران والأصدقاء وخصوصا في المحيط التلمذي لأننا أكثر احتكاكا به. ومن واجبنا أن نعتز بها لما يترتب عن ذلك من تحقيق للتقدم في ظل التحديات الراهنة في عصر العولمة
وهناك من يعتقد أن الحديث عن الهوية، أو أزمة الهوية في الحقيقـة ليست حقيقية، وإنما هي أزمة مفتعلة توجد في الذهن أكثر مما توجد في الواقع، نتيجـة لعدة عوامل لعل أهمٌها التغيرات والتحولات التي يشهدها العالم المعاصر، وخاصة مع ظهور نظام العولمة.

فالأزمـة ليست في الهوية، ولكن في العقل الذي وجد صعوبة كبيرة في القـدرة على استيعاب المتغيرات وإنتـاج عقل جديد وثقافـة جديدة.

لقد أدركت كل الأمم أن قضية الهوية قضية محورية، وأن من لم ينتبه إليها سيذوب حتمًا في ثقافة غيره، وستتلاشى مميزاته الخاصة ليكون ذيلاً أو ذنبًا.. وأعداء الأمة لم ولن يتركوها على هويتها الإسلامية وعقيدتها التوحيدية وثقافتها الإيمانية، بل يكيدون الليل والنهار، ليزحزحونا عنها ويطمسوها عنا.

تتكاثر المظاهر التي قد يراها البعض انفتاحاً وتقدماً ورقياً في حين يراها الآخرون إذلالاً وتبعية وذوباناً للهوية
يقول احد الدكاترة: يمكنك أن ترى أزمة الهوية الإسلامية في الشباب الذي يعلق علم أمريكا في عنقه وفي سيارته، وفي الشباب الذي يتهافت على تقليد الغربيين في مظهرهم ومخبرهم.

ويقول الدكتور عبد العزيز التويجري: إن الخطر الأكبر الذي يتهدد الأمم والشعوب في هذا العصر، هو ذلك الخطر الذي يمسّ الهوية الثقافية والذاتية الحضارية والشخصية التاريخية للمجتمعات الإنسانية في الصميم، والذي قد يؤدي إذا استفحل، إلى ذوبان الخصوصيات الثقافية التي تجمع بين هذه الأمم والشعوب، والتي تجعل من كل واحدة منها، شعباً متميزاً بمقومات يقوم عليه كيانه، وأمة متفردة ً بالقيم التي تؤمن بها وبالمبادئ التي تقيم عليها حياتها.

إن البلدان العربية الإسلامية في حاجة إلى نهضة حقيقية وإرادة قوية، وبصيرة ثابتة تمكنها من فهم حاضرها وتعي حقيقة وجودها، هذا الفهم وهذا الوعي لا يمكن أن يكون إلا وفق منهج علمي وعملي سليم يتجاوز المحلية نحو العالمية، نحن بحاجة إلى تغيير شامل لواقع الأمة العربية الإسلامية تغييرا جذريا وجادا، ولنبدأ من الهياكل والمؤسسات الأساسية التي بواسطتها نستطيع التأثير والتغيير، فالحل في اعتقادي يكمن في قيام المؤسسات التربوية بدورها المنوط بها بدءا من الأسرة فالمدرسة فالجامعات، إذن دعونا نغير بيوتنا وتعليمنا، دعونا نتوحد ونتجمع في شكل كيانات قوية تمكننا من التعامل مع الكيانات الأخرى من موقع المحاور وليس من موقع المنفذ الذي تملى عليه السياسات من الخارج، وبدلا من الإنسياق والتساؤل دائما عن كيفية اللحاق بالغرب، لماذا لا تنهض هذه المجتمعات العربية بمشروعات حضارية، تنطلق من التمسك بثوابت الأمة والتأكيد على الهوية الثقافية والدينية للعالم العربي الإسلامي.