مجتمع

أساتذة الغد ذات خميس.. تضامن على قدر “بشاعة” التعنيف

بعد حالة الاستنكار الواسع الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعي إثر تعنيف الأساتذة المتدربين من طرف قوات الأمن الخميس الماضي بعدد من المدن، تفاعلت العديد من الهيئات الحقوقية والنقابية والسياسية والطلابية والجمعوية مع الموضوع، وأصدرت مواقف وبيانات أجمعت كلها على إدانة ما حدث ومطالبة الدولة بمتابعة المتورطين.

وأجمعت مختلف الهيئات على إدانة التدخل الذي وصفته بالبشع والدموي في حق الأساتذة، ولعل من بين الأمور التي -خففت- ربما من هول ما أصاب الأساتذة أنه على قدر “بشاعة” التعنيف جاء التضامن.

شبيبة البيجيدي والتجديد الطلابي.. أول المنددين

بعد انتشار صور ومقاطع الفيديو التي تظهر تعنيف الأمن للأساتذة المتدربين، سارعت شبيبة العدالة والتنمية بجهة سوس، إلى إصدار أول بيان تنديدي في الموضوع.

واعتبرت الكتابة الجهوية لشبيبة حزب العدالة والتنمية بجهة سوس، أن تعنيف الأساتذة المتدربين بإنزكان، “استهداف للخيار الديمقراطي وانتكاسة حقوقية مقصودة قبل أن يكون استهدافا لأجساد المحتجين”، مستغربة عبر بلاغ لها، “تزامن هذه التدخلات الأمنية العنيفة مع تنامي الاحتجاجات ضد الوضع الأمني المتردي بالمنطقة”.

بدورها، دعت منظمة التجديد الطلابي، في بيان أصدرته عقب التدخل، الجهات المسؤولة إلى رد الاعتبار للأساتذة المتدربين بعد تعنيفهم من طرف قوات الأمن، محملة رئيس الحكومة ووزير الداخلية ووزير العدل مسؤولية ما حدث.

ونددت الهيئة الطلابية بما أسمته “استباحة حرمة المراكز الجهوية لتكوين الأساتذة من طرف القوات العمومية”، داعية إلى فتح حوار جاد ومسؤول بين الأطراف بما يخدم جودة التعليم، وفق البيان.

العدل والإحسان: دماء الأساتذة على أعتاب الخوصصة

أدانت شبيبة العدل والإحسان، وفصيل طلبة العدل والإحسان، العنف الذي استهدف الأساتذة المتدربين إثر التدخل الأمني في عدد من مسيراتهم الخميس المنصرم.

وقالت الشبيبة في بيان لها الجمعة، إن الدولة “تقدم دماء الأساتذة المتدربين هدايا على أعتاب مشروع خوصصة التعليم”، معبرة عن استغرابها لـ”حجم القمع والعنف الهمجي ضد حقهم في الاحتجاج السلمي على قرارات حكومية مجحفة وغير عادلة”.

وحملت الهيئة المسؤولية للجهات الحكومية والوزارية المعنية، داعية الحكومة إلى التوصل لحل هذا الملف، وفتح حوار جاد بدل اللجوء إلى استعمال العنف، مضيفة أن “العنف ما هو إلا هدية تقدمها الدولة على أعتاب مشروع خوصصة التعليم”.

تضامن حزبي..

في هذا الإطار طالب الفريق البرلماني لحزب الاستقلال، بعقد اجتماع عاجل للجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة، بحضور وزير الداخلية والمدير العام للأمن الوطني، لتدارس التدخل الأمني العنيف الذي تعرض له الأساتذة المتدربون.

بدوره، أعلن فريق حزب العدالة والتنمية بمجلسي النواب والمستشارين، عن تقديم سؤالين إلى وزير الداخلية، حول “معاودة تعنيف الأساتذة المتدربين في عدة مدن مغربية”.

وشجبت الكتابة الجهوية للاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية سوس ماسة، العنف “غير المبرر ضد نخبة من الشباب المعول عليه في أي إصلاح حقيقي للنظام التعليمي”، معتبرة هذا النهج في التعاطي مع كل حركة مطلبية أو احتجاجية “ردة حقوقية وسياسية فعلية من شأنها أن تزيد من الاحتقان الاجتماعي وأن تتحول إلى تهديد للاستقرار”.

جمعيات حقوق الإنسان تندد

أصدرت كل من منتدى الكرامة لحقوق الإنسان وطنيا، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع إنزكان أيت ملول، والمركز المغربي لحقوق الإنسان بجهة مراكش آسفي، بيانات شديدة اللهجة تجاه تعنيف الأساتذة، توصلت “العمق المغربي” بنسخ منها.

منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، اعتبر ما وقع مسا بالحق في التظاهر السلمي الذي أقره دستور المملكة، والتزامات المغرب الدولية، داعيا إلى فتح قنوات الحوار لمعالجة ملف الأساتذة المتدربين، في إطار مقاربة قانونية واجتماعية “تراعي المكانة اللائقة بأساتذة الغد وتؤمن بإمكانية إيجاد الحلول المناسبة لجميع المشاكل المطروحة”.

الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بإنزكان أيت ملول، اعتبر تعنيف الأساتذة “مجزرة رهيبة”، معبرا عن تضامن الجمعية المطلق واللامشروط مع الأستاذات والأساتذة المتدربين بالمراكز الجهوية للتربية والتكوين.

وطالبت الجمعية في بيانها، “الدولة المغربية بإعمال المواثيق الدولية بخصوص التظاهر والاحتجاج السلمي”، داعية الحكومة إلى “التراجع عن قرارها الجائر بخصوص فصل التكوين عن التوظيف”.

بدوره، اعتبر المركز المغربي لحقوق الإنسان بجهة مراكش آسفي، تعنيف الأساتذة “منعطفا خطيرا” في المجال الحقوقي، مستنكرا “لجوء الحكومة إلى أساليب العنف والقمع في مواجهة الاحتجاجات السلمية”، ودعا بالمقابل إلى فتح حوار جاد ومسؤول مع المحتجين والاستجابة الفورية لمطالبهم، حسب البلاغ.

النقابات تتضامن..

الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أعلن عن تضامنه مع الأساتذة المتدربين، منددا في بيان للجامعة الوطنية لموظفي التعليم ماسماه “منطق العنف والقمع كحل لملفهم”، ودعى إلى عقد لقاء مستعجل لمدارسة الحلول الممكنة “درءا لأي احتقان في هذا الموضوع”.

وطالب المكتب الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم التابع للاتحاد الوطني للشغل، الحكومة بفتح تحقيق عاجل للكشف عن ملابسات “الهجوم على نضالات الأساتذة السلمية”، حسب البلاغ.

بدورها، عبرت النقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل، عن اعتزازها وفخرها بنضالات الأساتذة المتدربين في مختلف المراكز الجهوية للتربية والتكوين، منددة وبشدة بالقمع الدموي الذي تعرضت له معتصماتهم واحتجاجاتهم في أغلب المراكز الجهوية.

ويطالب الأساتذة المتدربون بإسقاط مرسومين وزاريين أقرتهما وزارة التربية الوطنية، ينص الأول على فصل التكوين عن التوظيف، ويقلص الثاني من قيمة المنحة، معتبرين إياهما “تراجعا خطيرا في القطاع التعليمي”.

وتصر الحكومة على تطبيق المرسومين مشيرة إلى أنهما سيوسعان من دائرة المستفيدين من التكوين لإعدادهم للالتحاق بالوظيفة العمومية أو القطاع الخاص، لافتة إلى أن المرسومين سيساهمان في “تجويد الولوج لسلك الوظيفة العمومية لقطاع التربية والتكوين”.

بنكيران: العالم تقلب لأعلم تفاصيل تدخل إنزكان وسأتخذ القرار المناسب

أكد رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، أنه منذ علمه بالتدخل الأمني في حق الأساتذة المتدربين بإنزكان أول أمس الخميس، اتخذ جميع الإجراءات وأجرى كل الاتصالات اللازمة من أجل معرفة ما وقع بالضبط، مشددا أن “العالم تقلب” لكي يعلم ما جرى بالضبط وتفاصيل الحادثة وفق تعبيره.

وشدد ابن كيران في كلمته اليوم السبت أمام أعضاء المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية بالمعمورة (الرباط)، أنه سيتخذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب ولما تكتمل لديه المعطيات، معبرا في الوقت ذاته عن رفضه للاستخدام المفرط للقوة وللتدخلات غير المبررة.

وأضاف الأمين العام لحزب المصباح، أنه ضد الاستعمال غير المبرر للقوة، كما أنه ضد خرق القانون وعدم احترامه في المظاهرات، مشددا أنه “لا يمكنه الوقوف مع الأساتذة المتدربين ضد الإدارة وضد رجال الأمن في كل شيء فهو أمر غير ممكن”، موضحا أنه يمكن أن يساندهم فقط في حالة كان معهم الحق، حسب قوله.

وحذر ابن كيران مما أسماه “الخطوات غير المحسوبة”، لأنها هي التي توصل عددا من الدول للكوارث، داعيا إلى إنصاف الجميع.

شبيبة النهج الديمقراطي تدين

أدان المكتب الوطني لشبيبة النهج الديمقراطي ما اعتبره “القمع الوحشي” الذي مارسته قوات الأمن في حق الأساتذة المتدربين، مطالبة بمحاكمة المسؤولين عن ما وقع.

وقالت الشبيبة في بيان لها، توصلت “العمق المغربي” بنسخة منه، إن “الأمن عوض أن يستجيب للمطالب العادلة والمشروعة للأساتذة المتدربين، أبى إلا أن يكشف عن طبيعته الدموية بتدخل همجي” حسب البيان.

وطالبت الشبيبة الدولة والحكومة بالاستجابة الفورية لمطالب الأساتذة “العادلة والمشروعة” المتمثلة في إلغاء المرسومين.

كما دعت شبيبة النهج الديمقراطي جميع الهيئات الديمقراطية السياسية والنقابية والحقوقية والشبيبية والنسائية إلى “تحمل مسؤوليتها التاريخية في الذود عن المدرسة العمومية عبر تشكيل هيأة وطنية للتضامن مع الأساتذة المتدربين”، حسب ذات البيان.

الريسوني: القمع الدموي للمحتجين يروم طمس إنجازات الحكومة

اعتبر القيادي الإسلامي البارز أحمد الريسوني، أن تصاعد القمع الدموي في التعامل مع المحتجين المسالمين في الشارع المغربي من أهدافه طمس إنجازات الحكومة وصرف الأنظار عنها.

وتساءل العالم المقاصدي في حوار مع جريدتي “العمق المغربي” و”عربي21″، بالقول “هل الأجهزة التي تضرب وتَسلح وتفعل ما تفعل في الشوارع مع المتظاهرين هل تريد طمس إنجازات الحكومة وصرف الأنظار عنها؟”.

وتابع عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، “يكفي أن نستحضر ما يسجله الجميع من مراقبين وصحفيين ومحللين من تصاعد للمشاريع الإصلاحية وإلى جانبها تصاعد القمع ودموية التعامل مع المحتجين المسالمين”.

وبعد تعبيره عن تضامنه مع الأساتذة المتدربين المعنفين، قال الريسوني، إن مما لا يشك فيه أحد هو “سلميتهم ووداعتهم ومشروعية مطالبهم حتى لو لم تلب بكاملها”.

وسجل الريسوني أن هناك نوعا من التناقض والخلل الكبير جدا كما يسجل كثيرون “فكأننا أمام حكومتين أو عدة حكومات وهذا شيء مؤسف”.

الرميد يعد بتحقيق عميق بعد التعنيف

أجبر عدد من الأساتذة المتدربين بمدينة أكادير، والي جهة سوس ماسة زينب العدوي على الجلوس معهم إلى طاولة الحوار، وذلك على هامش ندوة نظمتها رابطة قضاة المغرب والتي حضرها وزير العدل والحريات.

وجاء انعقاد هذا اللقاء بعد رفع عدد من الأساتذة لـ “شارات النصر” داخل الندوة التي احتضنتها غرفة التجارية والصناعة مساء الجمعة، ما دفع بوالي أكادير إلى طلب لقاء مع الأساتذة المتدربين داخل إحدى القاعات بالغرفة.

وبسط ممثلون عن الأساتذة المتدربين خلال لقائهم بوالي الجهة، الذي انضم إليه أيضا وزير العدل لمدة قصيرة قبل أن يلتحق مرة أخرى بالندوة، كل ما جرى يوم الخميس الماضي بإنزكان من تعنيف، متسائلين أمام الوالي ماذا فعلوا حتى يجابهوا بكل تلك القوة.

من جهتها عبرت الوالي عن رفضها لأشكال العنف الممارسة ضد الأساتذة، قائلة إنها ستتابع الحدث وستعمل على عدم تكراره، فيما وعد وزير العدل والحريات الأساتذة في كلمته القصيرة بفتح تحقيق وصفه بـ “العميق” من أجل تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات.