وجهة نظر

أثقلتني الهموم

عندما تكون مثقلا بالهموم و يأتيك السهر، وتفتح صفحات مدينتك لتكتشف أنك تعيش في وطنك المنهوك من مافيا الفساد، لا العباد ولا البلاد تعرف الراحة فهل نعلن للعالم أننا نعيش في زمن الحداد، أبحث في قاموسي عن مصطلحات الجمال لكي أعبر عن ما يخبؤه قلبي لهذه المدينة من مشاعر الحب لها، لكن أشعر بقبط فكري، كلما دونت الفكرة إلا وأعصر معها الآلام والمعاناة، واقع بئيس، شروط الحياة الطبيعية يكاد المواطن اليوسفي يفقدها، صيحات من المواطنين من وراء الستار ولكن الذين يعنيهم الأمر في سبات عميق، وكأن الأمر لا يستحق الاهتمام، إن بعض المسؤوليين كما يقول المثال (لا يعطون الرائحة إلا بعد حكهم كما يفعل بالكامون).

مدينة كما قلنا وقال جميع الشهود تعاني وتعاني في صمت، كشفت التقارير الصحفية، الكتابية والشفوية أن اليوسفية عفوا(اليوسوقرية) سيتم الإعلان عنها من المدن المنكوبة، فبعد تلوث الفضاء في كل صباح ومساء، تشهد المدينة ظاهرة الأزبال منتشرة في كل مكان، إذهب إلى أي حي من أحيائها ستجد القمامة في كل مكان، ومن النكت العجيبة أن الفضاء المخصص للأطفال (السيرك) جاء في المزبلة، وكأن قدرهم هو الأزبال والسيد المسؤول مرتاح البال، أضف إلى ذلك أن هذا الفضاء يوجد بين أعرق الأمكنة بها.

وَمِمَّا يستدعيك لطرح العشرات من الأسئلة هو تقسيم المدينة، فإن قدر الله لك وزرت ديور النصارى لا تصدق نفسك في مدينة اليوسفية، هذا الحي من بقايا الاستعمار، لم يتعرض لعوامل التعرية البشرية كما تعرفها باقي الأحياء الأخرى، وما نتأسف له هو رغم مرور المستعمر من البلاد لم نستفد من هندسته في صناعة المدينة النظيفة والجميلة، فحي ديور النصارى يذكرك بالمدن البارسية، في تنظيمها، وهندستها، وجمالها بالطبيعة المحيطة بها، وفي هدوئها.

وما إن تبدأ المسير من الحد حتى تتوغل في أدغال اليوسفية، لتكشف عن الهشاشة الحقيقية التي تعانيها كل أطراف المدينة باستثناء (ديور النصارى)، لا أعرف كيف أبدأ الحكاية عن أدغالها المخيفة، بسبب التعرية البشرية، حي فيلاج مسعودة أو حي السعادة على سبيل المثال، تعرضت أزقته مرات عديدة لعملية الحفر والرّدم، الساكنة تعيش المعاناة مع أصحاب الورشات الصناعية، علما أن الحي الصناعي يوجد بالمدينة على الأوراق فقط، لا يتوفر على مدرسة ابتدائية، أطفال الحي يهاجرون إلى منطقة الحد حيث يعبرون طريق وعرة ومخيفة تهدد أمنهم، أو يقطعون الجبال لمدرسة الوحدة بحي الكريان، هذا نموذج فقط وقس عليه كل الأحياء الأخرى، كالسويحة، كريان النخلة، حي الزلاقة، حي الراية، حي الستينات، حي العرصة، حي الرمل، القائمة طويلة.

فغياب الحس بالمسؤولية عطّل حركة الإصلاح بالمدينة، وتحكم أهل الفساد في ميزانيتها، كيف يعقل أن تصنف المدينة من أغنى المدن المغربية ومعظم شبابها يعيش البطالة، وانعدام مقومات الحياة الطيبة بالمدينة؟ كيف يلتقي الفوسفاط و الفقر بالمدينة؟ كيف يكون ضمير من بيدهم سلطة تغيير هذا الواقع البئيس؟ هل ما تشهده اليوسفية من معاناة مكتوب عليها في علم الغيب أم بفعل فاعل؟
أسأل الله تعالى أن يهيئ لهذه المدينة من يقوم بحقوق العباد و يبني البلاد، ومن أراد بهذه المدينة سوءا فاللهم اجعل تدميرهم في تدبيرهم.