وجهة نظر

مصير تعويضات الساعات الإضافية بنيابة الرشيدية.

ما تزال اجراءات تنزيل الأكاديمية الجديدة للتربية والتكوين بجهة درعة تافلالت تجري على قدم وساق، وفي هذا السياق عقد لقاء تنسيقي بنيابة الرشيدية، بمقر الفرع الإقليمي للمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالرشيدية يومي 18 و 19 دجنبر 2015 كان موضوعه “مسار إحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وفق التقسيم الجهوي الجديد”.

ويندرج هذا اللقاء الجهوي ـ حسب منظميه ـ في إطار تفعيل المراسلة الأكاديمية عدد:15/68 بتاريخ 14 دجنبر 2015، وهو اللقاء الذي ضم اللجان التقنية المشتركة بين أكاديمية مكناس تافيلالت وأكاديمية سوس ماسة درعة، اللتان تتقاسمان جغرافيتهما الجهة الجديدة “درعة تافلالت”، بهدف تحقيق “الإنسيابية” اللازمة في الانتقال إلى التقسيم الجهوي الجديد تنفيذا للتوجهات الوزارية المتضمنة في المذكرة الوزارية رقم 15×100 الصادرة بتاريخ 16 أكتوبر 2015. وذلك لتفعيل مختلف الإجراءات والتدابير القانونية والتنظيمية المتخذة لكي تتمكن الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في صيغتها الجديدة من الاضطلاع بأدوارها الكاملة، دون أن تكون مثقلة بمخلفات الأكاديميتين القديمتين بما فيها المخلفات المالية.

وقد كان المحور الأول في هذا اللقاء يتعلق بمجال “التدبير المالي والمادي سواء من حيث صرف الاعتمادات وحصر وضعية تنفيذ ميزانيتي الاستغلال والاستثمار والميزانية العامة للدولة أو من حيث تحديد اعتمادات التثبيت والمتأخرات والديون…”.

وبالرجوع إلى تاريخ نيابة التعليم بالرشيدية وإلى بيانات النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية ونضالات الشغيلة التعليمية بما فيها المتعاقدون، فإن التدبير المالي يعتبر من أهم النقاط السوداء بهذه النيابة، ذلك أن النقابات التعليمية طالما تحدثت بياناتها عما اسمته “الفساد المالي” المستشري بالنيابة، وصل حد تشخيصه بـ”الشيكات المالية”من قبل نقابة الجامعة الوطنية لموظفي التعليم بالرشيدية المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب (UNTM) في مذكرة إقليمية.

ومن بين النقاط السوداء في الجانب المالي هو عدم صرف تعويضات الساعات الإضافية لعدد من الأساتذة والأستاذات الذين وضعوا ملفاتهم في هذا الشأن بالنيابة، عدا الذين لم يضعوها لِيأْسِهم من إمكانية تعويضهم، وللبيروقراطية المعقدة المتمثلة في الوثائق التي يطالب الأستاذ والأستاذة بملئها. كما لم يتم صرف تعويضات عن التنقل من أجل مداولات الدورة الاستدراكية لسنتي 2012 و2013 الخاصة بالامتحان الوطني للباكالوريا التي ما يزال يطالب بها عدد من الأساتذة بثانوية مولاي رشيد التأهيلية بأرفود.

وفي هذا السياق وقع عدد من الأساتذة والأستاذات عريضة تحت عنوان ” عريضة المطالبة بصرف تعويضات الساعات الإضافية بالنيابة التعليمية بالرشيدية”. استنكروا فيها “التأخر الكبير والتماطل ” في صرف التعويضات المستحقة عن الساعات الإضافية. والتمسوا فيها من وزارة التربية الوطنية التدخل لصرف تعويضاتهم قبل نهاية الموسم الحالي.

وحسب ذات العريضة فإن تاريخ عدم التعويض يعود إلى 2006 أي ما يزيد عن 9 سنوات، وكان مبرر النيابة ومصلحة المالية تحديدا دائما هو عدم وجود الاعتماد المالي، في الوقت الذي سوت فيه عدد من النيابات التعليمية هذه الملفات كنيابة تنغير المستحدثة مؤخرا، ونيابة زاكورة وغيرهما. كما وقعت عريضة أيضا حول عدم صرف تعويضات عن التنقل للمداولات للدورة الاستدراكية.

ولئن كانت هذه النقطة جزئية بالنظر إلى نقطة قضية التعويض المالي للموظفين وطنيا في إطار ما يعرف ب”الماكرو” و”الميكرو”، فإنها بالنسبة للأستاذ والأستاذة العاملين في نيابة الرشيدية هي نقطة ليست جزئية، لأنه في الأخير يقيس بمقياس هل تم تعويضه ماليا أم لا؟ في ظل التعويضات المالية لكبار الموظفين والوزراء والبرلمانيين، والتي يصفها الأغلب بالكبيرة وغير العادلة، ثم تعويضات باقي موظفي وزارة التربية الوطنية في الإدارة المركزية وإدارة الأكاديميات والنيابات التي لا تتأخر لهذه المدة التي تأخر فيها التعويض عن الساعات الإضافية والتنقل.

وإذا كان جزء كبير ممن يصنف ضمن “الطبقة المتوسطة” من ـ أساتذة وأستاذات ـ  يفهم أحيانا الإكراهات المالية التي تتحدث عنها الحكومة، فإنه لن يفهم كيف يتم صرف تعويضات مضاعفة عشرات المرات لبعض موظفي الدولة ووزرائها وبرلمانييها في حينه، في وقت تتذرع فيه النيابة التعليمية بالرشيدية ـ كممثل للوزارة وضمنيا للحكومة والدولة ـ بعدم وجود اعتمادات مالية للتعويض عن الساعات الإضافية منذ تسع سنوات !!!

فهل تفهم الوزارة الوصية على قطاع التربية والتعليم والحكومة أن لذلك آثار سلبية نفسية على الأساتذة أقلها إحساسهم بالإهانة وعدم الاكتراث لتضحياتهم لسد النقص المهول في الموارد البشرية في قطاع التربية الوطنية؟ إضافة إلى شبه غياب لأي تشجيع معنوي لرجال التعليم ونسائه في هذه النيابة التعليمية بالرشيدية.

وبالعودة إلى اللقاء التنسيقي السالف الذكر، نجده في توصياته يؤكد على “ضرورة التسريع بتوفير السيولة اللازمة من أجل أداء جميع المستحقات”، فهل يدخل في هذه التوصيات صرف تعويضات الساعات الإضافية والتنقل للمداولات؟

أن البعد المعنوي لصرف هذه التعويضات في حينه أهم بكثير من البعد المادي ـ الذي لا يساوي شيئا أمام قيمة تعويضات أضخم ـ لما يتركه ذلك من أثر ايجابي في نفسية رجل التعليم وامرأة التعليم ينعكس ايجابا على مردوديتهما ، وأثر سلبي كما هو حاصل الآن يترجم في تذمر ويأس. ثم إن قرارات معنوية كذلك لا تكلف النيابة ماديا في إطار معاني الشفافية والتشاركية والنزاهة التي نص عليها دستور 2011 من شأنها أن تعيد الاعتبار للمدرسة العمومية إدارة وأساتذة وتلاميذ وآباء ومجتمعا، لكن غيابها أو فعل نقيضها يكون له مفعول عكسي غالبا ما يعالج بالزجر والتأديب والعقوبات في مجال أساسه الأول والأخير هو الاحتضان والتشجيع والتربية والتكوين وقيم الضمير والإحساس بالمسؤولية.

ــــــــ
مصطفى هطي/ عضو المكتب المحلي للجامعة الوطنية لموظفي التعليم. عضو اللجان الثنائية.