سياسة

المشكل أكبر من قرار محكمة العدل الأوروبية

تحليل إخباري

من كل ردود الفعل الرسمية التي خلفها قرار محكمة العدل الأوروبية بشأن إلغاء اتفاقية التبادل الحر التي تربط الاتحاد الأوروبي مع المغرب، كان لتدخل الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، امباركة بوعيدة أمام مجلس النواب خلال جلسة الأسئلة الشفوية يوم أمس الثلاثاء، جانبا كبيرا من الصواب حين قالت بأن القرار “مشكل سياسي كبير”، باستغلال “خلل أوروبي داخلي من أجل الانحياز إلى أطروحة الطرف الآخر فيما يخص القضية الوطنية.”

ولعل الوزيرة، وهي تتساءل عن جدوى الإبقاء على البناء التعاقدي مع الاتحاد الأوروبي، أمسكت بمبضع الجرح في طبيعة العلاقة التي تربط المغرب مع الاتحاد الأوروبي، وتداعيات حكم المحكمة الأوروبية، حين تحدثت عن كونه قرارا “أخذ بعين الاعتبار القرارات الأممية التي كانت قبل سنة 1988، بمعنى، “أنه تجاهل تطورات القضية ومشروع الحكم الذاتي، وتطورات القضية الوطنية على أرض الواقع بما فيها الإصلاحات والمجهودات التي قام بها المغرب”. قبل أن تطالب الاتحاد، باسم المغرب، بتوضيح المواقف فيما يخص “الشراكة المتميزة التي ندعيها جميعا مع الاتحاد الأوروبي، بحيث هي شراكة اختارها المغرب منذ 1976، وتطورت إلى حد اليوم، لذلك وجب أن يكون التعامل مع القضية بطريقة شاملة وفورية من الآن، من أجل الحد من المشكل”. 

وفي انتظار استئناف الحكم الذي أعلنه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، يبدو بالفعل، أن ثمة خللا واضحا في مواقف الاتحاد تجاه المغرب، وما رشح عن اجتماع وزراء خارجيته يوم الإثنين الماضي، يعطي مؤشرات على أن وضعنا أمام التحديات التي تطرح تجاه قضية وحدتنا الترابية يجعلها في موقف لا يحسد عليه.

ناقش مجلس وزراء الاتحاد ملفات كثيرة تخص المملكة المغربية، ووقفوا على “تباطؤ الإصلاحات السياسية والحقوقية المغربية سنة 2015، ومسألة “تقرير المصير”، كما ورد في تقرير الاجتماع، إلى جانب مسألة تأييد البحث عن اتفاقية في مجال مكافحة الإرهاب ومنها تبادل المعلومات الاستخبراتية، والهجرة؛ إذ من المنتظر أن تبدأ المفوضة الأوروبية المكلفة بالسياسة الخارجية والأمن فدريكا موغيريني خلال الأسابيع المقبلة بحث هذا التعاون الاستخباراتي مع المغرب.

ويمنح موقع الشراكة المتقدمة التي تجمع المغرب والاتحاد الأوروبي، لهذا الأخير الحق في تقييم سنوي للعلاقات الثنائية وأيضا للوضع السياسي والحقوقي في المغرب، كما أنه يقدم له مساعدات لإصلاح القضاء واحترام حقوق الإنسان.

إلى ذلك، فقد ناقش وزراء خارجية الاتحاد خلال اجتماعهم الأخير، بشكل سلبي، ملفات حقوق الإنسان، ما اعتبره مراقبون أنه يزيد من قوة الدول الأوروبية التي تطرح مسالة حقوق الإنسان في ملف الصحراء والموارد الطبيعية، رغم إشادة مجلس الاتحاد بدور المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وترحيبه بقانون الجهوية المتقدمة، والتزامه بتقديم المساعدة للدولة المغربية لتطبيق هذا القانون في البلاد.

إلا أن مجلس الاتحاد قال بتأييده لمبدأ تقرير مصير الصحراء” من دون أن يذكر تفاصيل أكثر حولها، لكن، أيضا، من دون أن يشير إلى مشروع الحكم الذاتي، مثلما كان عليه حال مواقفه في السابق.

أمام كل هذه المعطيات، يكون المغرب، مجددا، أمام تحديات كبيرة تتعرض لها قضية وحدته الترابية، واجتماع لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان اليوم، وأيضا لجنة الفلاحة، مدعوان إلى التعاطي مع هذه المستجدات بالجدية اللازمة، وقد يستدعي تجنيد كل القوات الحية في البلاد لمواجهة هذا التحدي.