وجهة نظر

الإستقامة في الوسط الجامعي

غالبا مانقرن كلمة الإستقامة بالتدين، بمعنى الإمتثال للأوامر واِجتناب النواهي، إلا أن الإنسان يمكن أن يكون متمثلا معنى الاستقامة وإن لم يكن ملتزما بالتدين بالشكل المتعارف عليه عموما، متمثلا ذلك في نفسه أولا من خلال انسجامه مع ذاته ومع أفكاره، من غير تبعية حمقاء ولا استيلاب أعرج، ثم من خلال انسجامه مع أولوياته حسب دوره ووظيفته…

في الوسط الجامعي يكون الدور الأول للطالب هو التحصيل المعرفي، وبالتالي يكون أي زيغ عن هذا الدور أساسا هو زيغ عن الإستقامة، وبالمقابل كل فعل يؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الإستزادة المعرفية –عموما- أو تحسين ظروف الدراسة هو فعل يعبر عن استقامة فاعله، أي أن الطالب في جامعته يكون مستقيما كلما تعلم وطلب مزيدا من المعرفة وكلما علم وساعد الآخرين على التعلم، وكلما سعى لتحسين ظروف تحصيل هذه المعرفة، وناضل من أجل حقه وحق اللاحقين به في المعرفة، وعلى عكس ذلك يكون الطالب زائغا عن الإستقامة كلما اشتغل بفكره وبفعله عما دون المعرفة أو مايدور في فلكها، وكلما همته النقطة وسعى لتحصيلها بأسلوب غير المعرفة (الغش مثلا)، وكلما شغلته سفاسف الأمور عن جِدِّها وشغلته قشور الأشياء عن جوهرها، وكلما كذب على نفسه وعلى الآخرين في علاقات فارغة من أي جدية، ليس فيها إلا المضيعة للوقت، والآماني الفارغة في نجاح أو تفوق ومستقبل أحسن.

الإنسان المستقيم هو إنسان أمين، أمين على ثقة الآباء، أمين على وقت الشباب، أمين على مصلحته ومصلحة الآخرين، وأمين على قيمة العقل..