منتدى العمق

يكما داخت ليكم لحلوفة؟؟‎

تعددت تحليلات، و تأويلات المهتمين، و المراقبين، و الخبراء، و دكاترة العلوم السياسية، حول أسباب إعفاء أول رئيس حكومة في تاريخ المغرب بعد الحراك الديمقراطي و درستور 2011.

قبل أن نخوض في الموضوع و كما جرت العادة في مقالات سابقة و تجسيدا للمثل الشعبي “كْثرْت الهم تَضْحْك” إليكم هذه القصة.

كنت في المقهى احتسي كأس شاي و إذا بي أدخل في نوبة من الضحك رغما عني و السبب تعليق أحد الجالسين على عودة المغرب للإتحاد الإفريقي كالتالي : ” راهْ غيْرجْع لْمعْلم غَيجري على هد الوزراء كامْلين…” وأردف قائلا ” رَاهْ مَدارُو وَالُو…حتَّى شي مدارُه”.

أطرقت برهة أفكر لا أدري لماذا تزاحمت الأفكار في رأسي : معادلة التغيير، التدرج في الإصلاح، التغيير الجدري، الإعلام، التوجيه، التأثير، ثقافة القراءة، الجهل، التقافة، نعمة الأمن، الفوضة الإستقرار، “مُولْ الشَّاقورْ”، ، الأولويات، التنازل، المرونة…

قطع تفكيري قهقهات صاحبنا، حدجته بنظرة من الشفقة، فهو في الأخير ضحية الأمية و أشياء أخرى…

” نْرْجْعُو لْصْح ْ” صدر بلاغ الديوان الملكي اتضحت الصورة  ” سْدَّتْ مَدامْ ”
لن أكرر ما جاء به المحللون في هذا الإطار، و لن نعيد ما سبق و تطرقنا له من أسباب البلوكاج الحكومي انطلاقا من إشكالية النظام الانتخابي النسبي، مرورا بِعَجْنْ المشهد الحزبي حسب الغاية المرجوة منه، إلى التحكم في نتائج الإنتخابات ” بالقانون “!!!.

بل سأذهب إلى شيئ آخر أو ما أعتقد أنه السبب الحقيقي في إزاحة بن كيران.
لنعد إلى بلاغ الديوان الملكي، قليلون هم من يتوقفون عند لغة البلاغات فهي لغة تختار كلماتها بعناية شديدة لا تضاف كلمة نسيانا ولا تسقط سهوا.

يقول البلاغ : ( وبمقتضى الصلاحيات الدستورية لجلالة الملك، بصفته الساهر على احترام الدستور وعلى حسن سير المؤسسات، والمؤتمن على المصالح العليا للوطن والمواطنين، وحرصا من جلالته على تجاوز وضعية الجمود الحالية، فقد قرر، أعزه الله، أن يعين كرئيس حكومة جديد، شخصية سياسية أخرى من حزب العدالة والتنمية).

إستخدام لغة غير مباشرة و احائية هنا دون ذكر مصطلح ( إقالة ) يدل استشعار الحرج و مكانة المعني بالأمر.

و يضيف البلاغ :  ( وقد فضل جلالة الملك أن يتخذ هذا القرار السامي، من ضمن كل الاختيارات المتاحة التي يمنحها له نص وروح الدستور، تجسيدا لإرادته الصادقة وحرصه الدائم على توطيد الاختيار الديمقراطي، وصيانة المكاسب التي حققتها بلادنا في هذا المجال.
وسيستقبل جلالة الملك، حفظه الله، في القريب العاجل، هذه الشخصية، وسيكلفها بتشكيل الحكومة الجديدة.

(2/2)‎

إذا اخدنا مصطلح “نص” الدستور نجده واضح في هذا الباب… تعيين رئيس الحكومة من الحزب الأول، أما إذا تعذر التشكيل كما جرى، يجب إعادة الإنتخابات، نقطة إلى السطر، هذا فيما يخص التأويل الديموقراطي، أما مصطلح “روح” الدستور ” فَالْكْلام فيه إنَّ ” كذلك هي رسالة للحزب كي لا يقلب الطاولة و يصطف في المعارضة.

ليضيف البلاغ (وقد أبى جلالة الملك إلا أن يشيد بروح المسؤولية العالية والوطنية الصادقة، التي أبان عنها السيد عبد الإله بنكيران، طيلة الفترة التي تولى خلالها رئاسة الحكومة، بكل كفاءة واقتدار ونكران ذات.) هذه الفقرة فيها رسالتين الأولى إلى الرأى العام ككل، و للمجلس الوطني للحزب و لأتباعه، تجنبا لردات فعل محتملة لأن صورة الرجل”مَشِي شْوِيَّة”…و لسان حال البلاغ يقول نتاقسم معكم نفس وجهة النظر نعم الرجل أبان عن كفاءة، و عفيف النفس، نظيف اليدين،و لكن “حسن سير المؤسسات،و المصالح العليا للوطن و المواطنين” اقتضت ذالك!!!.

“ؤُمْنْ لْخْرْ” سبب الإقالة هو عاملين:1 ) شعبية بن كيران، و مَكِينتُه التواصلية 2) “قصحية الراس” يعني “يقول لا و سيدنا فوق راسي” و لكي تكتمل عندكم الصورة تعالوا معي…

الدولة اذا سلمنا بنيتها الحسنة من الديموقراطية ككل، و رغبتها في التطبيع فعلا، تحتاج الآن إلى رئيس حكومة بنفس مواصفات بن كيران لاستمرار استقرار الشارع، و لتمرير قرارات إقتصادية بدون خوف على السلم الاجتماعي، و لمصالحة جزء من المغاربة مع السياسة سواء حبا في الديموقراطية أو حرصا على صورة المغرب في الخارج، لكن لا تريد كريزمة بن كيران و قدراته على التوصل، لأن هذه المواصفات و اذا نجح اقتصاديا طبعا، يجعل المغاربة يتساءلون ما معنى رئاسة الحكومة، وهذه التساؤلات سرعان ما تتحول إلى قناعات وهذه القناعات تترجم إلى ضغوط حول الصلاحيات و تسرع من وثيرتها وهذا ما لا ترده الدولة الآن.

هذا الصراع طبيعي بين الملكية و شيئ جديد على المغاربة إسمه مؤسسة رئاسة الحكومة هذا التاريخ و المملكة المتحدة ( بريطانيا) خير مثال.

إن المعادلة الصحيحة بالنسبة لنا كمواطنين بين الملكية و رئاسة الحكومة هي أن نقول لا في وجه الملكية عندما تريد أن تتراجع عن ما حققته رئاسة الحكومة، باعتبارها مؤسسة دستورية تستمد شرعيتها من صندوق الاقتراع، و ننتفض في وجه رئاسة الحكومة كذالك عندما تطالب بصلاحيات لا تناسب الظرفية التاريخية، و لمغرب اليوم، و لمستوى انخراط المغاربة في السياسة و لوعيهم السياسي كذالك، و لو أن هذا غير ممكن لأن الملكية لن تتنزل عن جزء من الصلاحيات طواعية بل بنضوج شروط و تحت ظروف معينة.

الملكية إذا ستثنينا الشرعية الدينية، والتاريخية، و الأمنية، فهي إِسْمَنْت المغاربة باختلاف مستوياتهم في تعليمهم و جهلهم، في غناهم وفقرهم، في اعراقهم و في ألوانهم… وهذا شيئ مهم جدا في انتقالية الأمم، ريتما نصل إلى قاسم مشترك و هو الوطنية، أو شيئ أكتر سمو ألا وهو الإنسانية، وهذا يحتاج وقت و مستوى عال من الوعي و الثقافة، آنذاك يمكننا أن نفتخر بما قدمته الملكية للوطن، وما وصلت إليه رئاسة الحكومة من صلاحيات.
بقي أن نشير إلى أن هذه الإقالة كشفت لنا عن حزب فكرة ومؤسسات لحد الآن على الأقل و ليس حزب أشخاص هذه حقيقة بعيدا عن التطبيل.
إذا فشل العثماني لا قدر الله يمكننا وقتها أن نتحدث على أشياء أخرة…
فهمتو دبا ولا مزال ديخا ليكم الحلوفة ؟؟؟

دمتم أوفياء للتساؤل.
دمتم أوفياء للتساؤل.
محسن الحمداوي.