مجتمع، ملف

مغربي يروي للعمق كيف عاد للحياة بعد 12 يوما تحت الأنقاض (فيديو)

في واحدة من أغرب القصص التي لا نسمع عنها إلا في الأفلام السينمائية، قضى مواطن مغربي يدعى “بابا أموحى”، 12 يوما تحت الأنقاض بعد أن انهار عليه جبل، وهو بصدد العمل في أحد مقالع مادة “الغاسول” بميسور.

وأوضح المواطن “بابا”، في حوار مصور أجرته معه جريدة “العمق” بمنزله بمدينة ميسور، أنه كان يشتغل في مقلع للغاسول في الثمانينات، وفي ليلة 16 ماي من سنة 1981، انهار عليه جبل وهو داخل النفق الذي كان يشتغل به لاستخراج الغسول.

وأضاف أن مكان اشتغاله كان في الطابق الثالث تحت الأرض وأنه بعد انهيار الجبل، هرب إلى آخر النفق ليحتمي هناك حتى لا يستمر الجبل في الانهيار ويلقى حتفه، مضيفا أنه سمع صراخ العمال الذين كانوا خارج النفق وهم ينادونه إن كان على قيد الحياة، مشيرا أنه أجابهم أنه لايزال حيا، وأنه عاد إلى آخر النفق مخافة أن ينهار عليه الجبل من جديد.

وأردف “بابا”، أنه في الصباح الموالي ليوم الحادث لم يعد يسمع صوت أي من العمال واستمر الأمر كذلك أياما أخرى، مضيفا أنه في كل مرة كان يحس فيها بالجوع يقوم بأكل قطع من خشب “الكاليبتوس” وأيضا قطع من الغسول التي تشبه الشكولاطة -على حد تعبيره-، أما العطش فقد كان يقاومه بشرب بوله الذي يجمعه في إناء صغير ليروي به ظمأه.

وعلى شاكلة الفيلم الشهير “33” الذي يحكي قصة 33 عاملا تشيليا انهار عليهم منجم وبقوا عالقين تحت أنقاضه لمدة عشرين يوما يسترسل بابا في حديثه: “بعد أيام أحسست بالوحدة والبرد القارس، لم أعد أعلم إن كان العمال وأفراد القبيلة يبحثون عني أم لا”، ليضيف، أنه بعد إنقاذه أخبروه بأنهم ذهبوا بخروف ومواد غذائية لوالدته كواجب عزاء وأخبروها بأنني قضيت تحت الأنقاض، غير أن أمي لم تستسغ الأمر وأحست بأنني مازلت على قيد الحياة.

وأوضح “بابا”، أن رئيس الجماعة التي ينتمي إليها قام رفقة بعض أفراد القبيلة بجمع مبلغ مالي قدره ثمانية ملايين من أجل كراء جرافة كبيرة لإزالة الجبل الذي انهار على النفق الذي كنت أشتغل به، من أجل البحث علي”، مضيفا أنه بعد أن جمعوا المبلغ المالي قصدت القبيلة عامل الإقليم ليخبروه بخطوتهم من أجل البحث عني، وأنهم اتصلوا بمسؤول في المناجم بفاس وأخبرهم أنه قانونيا يجب البحث عن المفقود.

وأشار بابا في حديثه للجريدة، قائلا بأن عامل الإقليم أجرى اتصالاته وفي تلك الليلة جاءت جرافة من أجل البحث عنه “وعندما بدأت الجرافة بالاشتغال سمعتها وكنت في حالة يرثى لها كنت أبكي وأطلب من الله فقط أن أموت لأنني عانيت كثيرا، آكل التراب والغسول والأعواد وأشرب البول لمدة 12 يوما وأعاني من البرد”.

وأضاف بابا قائلا: “الشركة التي كنت أشتغل لصالحها كان ذلك اليوم هو آخر يوم لهم في المقلع وبعد ذلك ذهبوا إلى حال سبيلهم وتركوني هناك”، ليضيف وهو يحكي كيف تم إنقاذه، أنه بعد أن اقتربت الجرافة من الوصول إلى الطابق الذي كان فيه، وعندما سمع صوتها، أخذ قطعت من الخشب ليحدث بها أصواتا كي يسمعها سائق الجرافة ويقوم بإنقاذه، وبعد ذلك علموا أنني ما زلت على قيد الحياة، وأخبروا عامل الإقليم بذلك، فأمر بتعزيز عملية الحفر بآليات أخرى، وفي ليلة الجمعة قاموا بإخراجي”.

وأردف “بابا أموحى” أن أفراد القبيلة والسلطات قاموا بالذهاب به إلى المستشفى من أجل تلقي العلاجات اللازمة، مضيفا أنه كان غير قادر على الكلام لتناوله كميات كبيرة من التراب والغاسول، والتي سببت له أمراضا في المسالك البولية.

“وبعد أن تحسنت حالتي الصحية، غادرت المستشفى وذهب بي أفراد القبيلة إلى المنزل في موكب احتفالي، وبعد مرور أيام قصدت محاميا من أجل رفع قضية على الشركة التي كنت أشتغل لصالحها غير أنه أخبرني أنني لا أتوفر على أي وثيقة تربطني بالشركة وبالتالي فمتابعتهم قضائيا لن يجدي نفعا”، يضيف “بابا”.

وأوضح “بابا أموحى” أنه بعد أن تجاوز محنته وتماثل للشفاء اشتغل في مقلع للغاسول بميسور يعود لشركة “الصفريوي”، استطاع من خلالها أن يضمن تقاعده وحقوقه، على عكس الشركة التي كان يشتغل لصالحها والتي لم يكن يربطه بها أي عقد عمل ولا يستفيد من الضمان الاجتماعي.