مجتمع

باحثون يؤكدون على دور المجتمع المدني في حماية الفرد

أجمع مشاركون في ندوة “مستقبل المجتمع المدني” التي التأمت بالرباط أول أمس السبت على أهمية القراءة الجديدة لأدوار ورهانات المجتمع المدني. وأجمعت المداخلات على ضرورة الحفاظ على وظيفة المجتمع المدني الأساسية والمتمثلة في حماية الفرد من شطط السلطة.

وفي هذا الإطار، اعتبر الباحث في العلوم السياسية حسن طارق، في كلمة له، أن التعبيرات المدنية التي بدأت في العالم العربي منذ انهيار جدار برلين ساهمت في انفجارات وتحولات وثورات 2011. وأضاف أن الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان مقولات أنتجت في ظل دينامية المجتمع المدني العربي، وساهمت في أن توصل الساحات العامة العربية إلى تبني وإلى تملك هذه المفاهيم. وحول أهمية ودور المجتمع المدني قال طارق إن ما وقع سنة 2011 “هو نتيجة حضور مدني ومواطن على وسائل التواصل الاجتماعي وتنظيمات حقوق الإنسان وديناميات مدنية، مثل حركة كفاية ونقابية مثل الاتحاد العام للشغاليين بتونس”.

وأضاف طارق، أن الحضور المدني هو أحد عوامل قوة ثورات 2011، لأنها لم تنتج بنى شمولية وأيديولوجية سرعان ما تغلق لحظة ثورة وتحولها إلى دولة، تكيف المجتمع وفقا لقيمها وتصوراتها، لكن في الآن ذاته هو إحدى عوامل هشاشة هذه الثورات الديمقراطية، لأن هذه النخب المدنية لم تكن تتوفر على قوة تنظيمية تسمح لها بالتفاوض ما بعد الثورة. وذكر طارق بأن كثير ممن يتحدث اليوم باسم المجتمع المدني هو امتدادات للدولة واشتغال في مشاريع وفي برامج للدولة.

ومن جهة أخرى اعتبر السوسيولوجي عبد الرحيم العطري، أننا في حاجة اليوم إلى قراءة المجتمع المدني خاصة، مشيرا أننا “نعيش في صلب تحولات كبرى ربما تعصف بحالنا”.

وعزا العطري أهمية المجتمع المدني، إلى الحاجة للاختلاف قائلا :“لا ينبغي أن ننسى بأن الإجماع يقتل الديمقراطية، فنحن في حاجة إلى ثقافة الاختلاف وثقافة الممانعة وليس إلى ثقافة التواطؤ”.

وحول واقع المجتمع المدني بعد الحراك العربي، قال العطري “من بركات الربيع العربي تحرير القول وتوسيع المجال العام وإعادة تملك المجال العام، فالمواطن الذي كان يهاب المجال العام أصبح الآن يتملك هذا المجال ويفصح عن آرائه”.

ولم ينس العطري أن يذكّر بوظيفة المجتمع المدني المتمثلة في دور الوساطة الذي يقوم به “فالمواطن دائما لديه إرادة الاستقلال وإرادة الفعل، لكن الدولة لديها إرادة الهيمنة، ويأتي المجتمع المدني هنا لكي يحاول أن يجد علاقة وسطية لا تنبني على الهيمنة ولا تنبني على الخضوع، خاصة وأن المجتمع المدني وجد ليحمي الفرد من شطط السلطة، فهو يدافع عن حقوق الإنسان وعن حقوق الفرد وهو من شروط بناء المجتمع المدني” يختم العطري.

وبدوره، ذكر الباحث محمد الشيكر بالسياق الذي يطرح فيه سؤال المجتمع المدني والمتمثل في سياق الربيع العربي، إذ “طرح كمطلب بديل وكرافعة أساسية وكرافد من روافد التغيير في المجتمع”.

غير أن هذا المجتمع المدني، كما هو موجود حاليا، حسب وصف الشيكر، يبقى “معطوبا، فهو لا يعرف كيانه أو لا يؤسس مرجعياته بالشكل المطلوب. أو قد تكون لدينا جملة من الجمعيات والتنظيمات والهيئات التي ترسم لنفسها مجموعة من الأجندات في مواجهة للدولة أو في محاولة للتخلص من هيمنتها”.

وتوقف الباحث في الوقت ذاته عند مآلات المجتمع المدني حيث ”أصبحت الدولة هي التي تملي مجموعة من الأوراش وتفتح مجموعة من الاختيارات والبدائل. وأصبحت هذه الجمعيات ذات منحى خدماتي. ولم تكن ذلك الضمير الحي الذي يدافع عن مصالح الناس وقيمهم ومعاييرهم وما يتوقون إليه، وهنا تصبح هذه الجمعيات أداة تنفيذ لمجموعة من الأجندات المرتبطة بمصالح الدولة”.

يذكر أن الندوة تأتي في سياق المساهمة العلمية لمنبر الحرية وشركاؤه في متابعة التطورات الاجتماعية والسياسية الحاصلة في العالم العربي، انطلاقا من مقاربات متكاملة. وسبق لمنبر الحرية أن نظم العشرات من اللقاءات والمؤتمرات المحلية والدولية والجامعات الصيفية، كما أصدر أوراقا للسياسات تهم عددا من المجالات الاجتمياعية والسياسية والاقتصادية.