مجتمع

بعنوان : كرة القدم من رياضة شعبية إلى لعبة في يد الرأسمالية

قبل أزيد من 14 قرن من الآن بينما رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم مع أصحابه جالس والإسلام دخل في كل قطر وكل مصر بدخول الناس في دين الله أفواجا , هذا الدين الذي يمنح معتنقه من معاني العزة والقوة الشيء الكثير ,  أخبر أصحابه وهو الذي لا ينطق عن الهوى بـ” لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ, قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى, قَالَ: فَمَنْ؟ ” وها نحن على مشارف القرن 15 من الهجرة نرى ونسمع ترجمة كلامه إلى واقع ملموس بتبعيتنا العمياء لما أطلق عليه الرسول “سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ” , وآسفي على هذه الأمة كيف كانت وكيف صارت وأصبحت , لم تتعظ بما حذر منه رسولها فأحسنت وأبدعت الإتباع لليهود والنصارى – الغرب – ولعل أول المتسابقين إلى ذلك هم حكام هذه الأمة , حكام الجبر الذي يتميزون عن العاض بالتبعية والموالاة المطلقة لأسيادهم أمريكا والصين , إلا أن هذا ليس بموضوعنا الآن , لأني أسعى لمعالجة ظاهرة خطيرة لاحظتها في مجتمعاتنا , وهي التعلق الأعمى “بكرة القدم” تلك الرياضة الشعبية أو التي كانت كذلك وأصبحت حكرا على أصحاب الأموال عندما دخلت الرأسمالية بمنطقها السوقي , ذاك النموذج التائه – بوصف الإمام عبد السلام ياسين في كتابه ” في الاقتصاد :  بلا غاية من وراء مسلسل الإنتاج والاستهلاك، وتلك الإستراتيجيات القائمة على حروب نهب الشعوب واستعباد العباد لقد قال ماركس يوما منتقذا ما تصنعه الكنيسة من ظلم واستبداد باسم الدين على المستضعفين ب  الدين أفيون الشعوب ” وأنا أستبدل الدين بالكرة لأنه يمكن القول أن الكرة أصبحت اليوم تلعب ما كانت الكنيسة تلعبه وقتها , إنها مخدر لهذه الشعوب الغريبة عن دينها البعيدة عنه بعد السماوات عن الأرض , لعبة توجه لعبة منطلقها غاية التحكم في الإنسان بشكل غير مباشر والانسان المسلم خاصة , الأخير لا يشاهد من أجل الهواية والاستمتاع فقط كما يفعل الإنسان الغربي , يشاهد الفريق المحبوب في حالة خسر كما ربح ليترك النتيجة خلفه في الملعب ويخرج ليمارس حياته الاعتيادية من جديد , هذا السلوك لا نجده عند الانسان في مجتمعنا , لأنه إن خسر فريقه فلا تستطيع التحدث معه , فهو يفرغ كامل غضبه في الغير ولعل ما تشهده المقاهي بعد نهاية الكلاسيكو مثلا تبدأ الشجارات بين مشجعي الفريقين بكسر الكؤوس وتكسير الكراسي على بعضهم البعض , فعل يسميه الإمام عبد السلام ياسين ” غثائية ” فهو يقول في كتابه ” سنة الله : يسمى هذا الرجس بلسان سنة الله “داء الأمم”، ويسمى غثائية، ويسمى نقصا في الخلق، وعجزا عن التقاط الحكمة، وهزيمة  منكرة في ميدان المروآت، والمروءة عقل و حرفة بل أحيانا يصل الأمر إلى تفريغ هذا الغضب في الأسرة من زوج وأولاد وأم وأب … ولكن العيب في الأمر انك تجد فريقين من نفس البلد يتصارعون مع بعضهم البعض هذا كذا وهذا كذا وكل حزب بما لديهم فرحون ومن أجله يتعصبون , إن الأمر لا يخرج عن كونه حمية الجاهلية كما وصفها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم  في الحديث المعروف يعلق الإمام بحمية الجاهلية هي الشيء المنتن وكفى . بلوصل الحد إلى أن تجد الطفل  الغير البالغ لعشر سنوات أصابه نفحات هذا المخدر , لأن الأمر نتاج الوسط المجتمعي  والأسري الذي ولد وتربى فيه هذا الطفل فكما يقولون ” الإنسان ابن بئيته ” , فهو عندما يفتح عينه  يخرج لأول مرة إلى الحي يجد فلان يتحدث عن نجوم الكرة وعن الفريق الفلاني وغريمه العلاني … هذا الأمر لم نكن نراه قديما فطفل الأمس كان عندما يسأل عن أهدافه وأحلامه تجده يطمح أن يسير على خطى العلامة الفلاني والمحدث العلاني … يريد أن يصير طبيبا مثل ابن سينا أو حجة مثل أبي حامد الغزالي أو عالم رياضيات مثل الخوارزمي وغير ذلك , أما الآن تسأله  فيجيبك بنيته أن يصير لاعب كرة مثل رونالدو أو ميسي , والأمر هنا راجع إلى غياب وغربة عن ديننا الحنيف الذي أمر  بإقرأ فأصبحت أمة اقرأ لا تقرأ , إن أزمتنا هي في الاول والأخير أزمة تربية قلبية ثم تربية عقلية ثم تربية سلوكية كما يقول الإمام ياسين ذلك أن التربية الإسلامية، الدائرة حول محور جهاد النفس، وإقامتها في الاتجاه السليم صعدا في عقبة الإيمان، هي قوام الجهاد، وقاعدته، وأساسه