منتدى العمق

سلام عليك أيها الريف

لأنك كنت ولازلت شامخا شموخ جبالك فلا يضرنك أن يتكالب عليك السمسار والدلاْل بُغْية النيل من كبريائك، فالأنفة وعزة النفس لا يدركها المنبطحون ممن قايضوا كرامتهم ورهنوا وجدانهم وسريرتهم بمنصب أو ما حسبوه جاها ، إذ لامعنى عندهم للقيم والمبادئ والأخلاق .

لقد ألفنا واستأنسنا بأصوات الغربان التي ترى في الحراك الشعبي من أجل حقوق مهضومة فتنة وعمالة أجنبية. إنه التوجس الذي ينتابهم من حين لآخر مهابة زوال النعم التي يرتعون فيها جراء اغتنائهم على حساب بؤس فئات محرومة من أبسط ظروف العيش الكريم ، وهو الهلع أو ما يصطلح عليه باللسان الدارج ببُوطزْطازْ الذي يعتصرهم من سُرّاتهم وبطونهم خوفا من ضياع ما ركموه من امتيازات لحدّ التمادي في الهرطقة وتلفيق التهم وتخوين المحتجين ممن ضاقوا درعا بسياسات التهميش والتعسف في استعمال السلطة ، إنه أسلوب وسياسة من لا سياسة له ، وهو السبيل الوحيد لتحاشي كشف عوراتهم بتحويل بلد بأكمله إلى مرتع يرتاعون فيه ويغرفون مما تبقى من خيراته ، إذ لاهمّ لهم إلا تضخيم ارصدتهم البنكية وإبتداع أساليب وطرق تمكنهم من الترامي على ثرواث البلد من قبيل أراضي خدام الدولة وتمكين ذويهم من مناصب ومسؤوليات للحفاظ على مصالحهم.

سلامّ عليك أيها الريف ، فلست وحدك المكلوم في هذا البلد الموؤود باستشراء الفساد وثلة من الفاسدين والمفسدين الذين نهبوا واغتنوا بدون حسيب ولا رقيب ، فالمحسوبية والزبونية اكتسحت كل مناطق المغرب وقاطبة مناطقه وأرجائه ، وإن كانت ممن بادروا للتنديد بهذا الحيف المسلّطّ على أرجاء بلادنا من حفنة من المتاجرين والمقامرين بمصلحة البلد فسلامّ عليك وعلى أبنائك وكل الشرفاء من أبناء وطننا الذين بادروا وتضامنوا معك وعبروا عن قرفهم تجاه من تفننوا في ابتداع أشكال من الزيف والبهتان ، فلا تأنيب ولا لوم عليك ، فهم يدركون جيدا أنهم يخاصمون في باطل ويرمون به أبرياء ، لقد أضحى التخوبن سمة من سمات بنيتهم الفكرية لكبح أصوات المطالبين بالعدالة الاجتماعية والمساواة ومحاربة الفساد ، وهم مستعدون لشحذ ألسنتهم سواء تعلق الأمر بمنطقة الريف أو غير الريف فمخيالهم يستبطن شتى أنواع التهم الجاهزة وهي نوع خاص من المكارثية المغربية.
علي صدقي