مجتمع

غضب عارم بفيسبوك بسبب “قمع” المتضامنين مع “سيليا” بالرباط

أثار التدخل الأمني العنيف في حق متظاهرين متضامنين مع الناشطة “سيليا” وباقي معتقلي الريف، مساء أمس السبت أمام البرلمان، غضبا عارما من طرف رواد موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، من سياسيين وحقوقيين ونشطاء.

فقد أعلن المستشاران البرلمانيين عن حزب العدالة والتنمية، نبيل شيخي وعبد العلي حامي الدين، أنهما وجها سؤالا شفويا آنيا إلى وزير الداخلية، حول المسؤول عن إعطاء التعليمات لاستخدام العنف لتفريق الوقفة الاحتجاجية السلمية، وعن الأساس القانوني الذي استند عليه في هذا التدخل الأمني، مطالبين لفتيت بتحديد الإجراءات التي يعتزم اتخاذها لمحاسبة المسؤولين عن المس بالحق في التظاهر السلمي.

واعتبر القيادي في الحزب ذاته، عبد الصمد الإدريسي في تدوينة على حسابه بفيسبوك، أنه “يتأكد بعد كل مبادرة، تأتي قوة جذب إلى الوراء”، مشيرا إلى أنه بعد كلام الملك في المجلس الوزاري وكلام العثماني في البرنامج التلفزيوني، كانت بعدها تدخلات أمنية عنيفة.

وأضاف: “بعد اللقاء الحواري الذي جمع الرميد مع الجمعيات الحقوقية، يأتي تدخل عنيف غير مبرر، سؤال الحكامة الأمنية من جديد ومن يتخذ القرار الأمني، من يسائل الأجهزة الأمنية وكيف السبيل لبسط الرقابة عليها”.

البرلماني الاتحادي السابق، حسن طارق، علق ساخرا على التدخل الأمني بالقول: “صبرا.. بعد أيام سيخبروننا بأن عبد الوافي لفتيت أمر بإصلاح نظارات عبد العزيز النويضي”، في إشارة إلى تكسير رجال الأمن لنظارات الحقوقي عبد العزيز النويضي في وقفة أمس بالرباط.

وتابع في تدوينة له بالقول: “لمدة تفوق ثلاثون عاما، درَّس لطلبته في مدرجات كلية الحقوق بفاس وسلا والرباط، مادة الحريات العامة، وكان يقف كل مرة- بإسهاب بيداغوجي قريب من إعادة تشخيص الحالة- على مسطرة فض التجمعات من طرف المكلف بإنفاذ القانون، خاصة من خلال إجراء إستعمال مكبر الصوت قصد إخبار المجتمعين بعدم قانونية التجمه، لكنه فقط اليوم، وبعد كل العمر، اكتشف عبد العزيز النويضي أمام البرلمان، ما المقصود بـ:إستعمال البوق!”.

الكاتب عبد النبي الحري تساءل في تدوينة له على فيسبوك: “أي ديمقراطية هذه التي لا تتحمل وقفة احتجاجية سلمية؟”، في حين علق القيادي في جماعة العدل والإحسان حسن بناجح بالقول ساخرا: “الدولة ستعيد إصلاح كل العظام التي كسرت اليوم أمام البرلمان”.

وتساءلت البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، آمنة ماء العينين، بالقول: “الذين استخدموا القوة والعنف لتفريق تظاهرة سلمية أمام البرلمان، ماذا يريدون بالضبط؟ ماهي أهدافهم الحقيقية؟ فيم كان سيضر تنظيم وقفة احتجاجية في مكان يشهد تظاهرات متكررة؟”.

وأضافت في تدوينتها: “ما الذي ستقدمه للمغرب واستقراره وأمنه صور نساء وناشطات معنفات ملقيات على الأرض؟ من المستفيد من تعنيف الحقوقيين والمواطنين المسالمين الذين يمارسون حرياتهم كما أقرها القانون والدستور، هل ستتجاوب وزارة الداخلية مع الأسئلة البرلمانية الآنية وطلبات “الإحاطة” بخصوص هذا الموضوع؟ المهم أن نقوم بأدوارنا في انتظار صحوة قد تأتي وقد لا تأتي”.

ووصف الناشط الحقوقي والأستاذ الجامعي، المعطي منجب، ما وقع في الرباط أمس بأنها “مجزرة حقيقية”، كاشفا تعرضه للضرب على مستوى كليته اليمنى على يد رجل أمن، مشيرا إلى أن الحقوقيين عبد العزيز النويضي وفيصل أوسر وربيعة بوزيري وآخرون، تعرضوا بدورهم للتعنيف، إضافة إلى المصور الصحافي أحمد الراشد الذي أصيب بشدة وفقد الكلام، وفق تعبيره.

الحقوقية والصحفية سعيدة الكامل، تفاعلت بدورها مع تعنيف المحتجين بالقول: “وقفة تضامنية مع سيليا دعت لها مبادرة مغربيات ضد الإعتقال السياسي، كان من المقرر أن تدوم نصف ساعة أمام البرلمان، فتعرضت لقمع همجي، إصابات في صفوف الكثير من النشطاء، ولم يسلم حتى الصحافيون من الضرب وكل من يحمل هاتفا للتصوير فهو مستهدف، فتيات تعرضن للضرب في مناطق حساسة من أجسامهن، إنه موسم التبوريدة”.

أستاذ العلوم السياسية عبد الرحيم العلام، اعتبر أن ما وصفه بـالنظام الاستبدادي الديكتاتوري، يبرهن مرة أخرى على أنه مهووس بالصفع والركل والكسر والتعذيب، ويأبى أزلام النظام إلا وأن ينتقموا من الثقافة والتنوير والكرامة”، متسائلا بالقول: “هل ينتظر أزلام الاستبداد أن نصفق لهم عندما نراهم يصفعون أستاذنا وقدوتنا البروفسور النويضوي، لا لشيء إلا لأنه توجه لشرطي ونبهه إلى أنه لم يحترم القانون؟!”.

وأضاف في تدوينة له: “هل ينتظر منا الطغيان أن نخشاه ونرتعد منه عندما نرى أزلامه يعتدون على المؤرخ والأستاذ المعطي منجب، لا لشيء إلا لأنه مارس حقه في تنفيذ وقفة تضامنية فوق الرصيف المقابل للبرلمان، ولم يعتد على أمن ولم يعرقل حركة سير؟! هل ينتظر منا عبدة الحكم المطلق أن ننظم إليهم، عندما نرى آلة القمع الإجرامية تفتك بشابات في مقتبل العمر وتعتدي على الرجال والنساء، و”تمرمد” الرجل الوطني عبد الحميد أمين، وترسل المصورين الصحفيين للمستشفيات؟!على هؤلاء أن يعلموا جيدا إن الطغيان لزائل، وإن الحرية والتحرر لقادمان. وإن التاريخ لم يسجل أن نظاما طاغيا استمر إلى الأبد”.

الصحافي محمد لغروس مدير نشر جريدة “العمق”، فقد كتب بدوره على حسابه بفيسبوك: “خيبة أمل كبيرة تنتابني بعد أن تحول دستور 1 يوليوز 2011 إلى حبر على ورق، وأنا الذي صوت عليه لأول مرة أمارس التصويت في حياتي، لكن تأكدت أن صوتي منحته لجهة غير أمينة وأن لاحام ولا ساهر على حقوقنا فيه، بعبارة أخرى أملنا مشى خلا في دولة مثل بريطانيا تحول الدستور إلى ديكور بعد أن تجاوزته القوانين ووعي الدولة والمواطنين، عندنا وضع الدستور في الرف وسرنا نطالب بتطبيق نصفه أو ربعه أو حتى إعمال روحه…لكن ولكل أسف أصبح التعنيف وشج رؤوس المواطنين منظما وممنهجا وأصبحت الزرواطة والظلم أعدل الأشياء قسمة في وطني الحزين”.

وأشار الناشط في جماعة العدل والإحسان عبد الله لامين، إلى أن “الرميد، وزير حقوق الإنسان، قال منذ أيام أنه سيتحدث في الوقت المناسب وأن هذا الوقت المناسب قريب جدا.. قولوا له أنه لا حاجة للأحرار والحرائر بكلامه الخشبي بعد القمع الوحشي الذي كانت الساحة قبالة البرلمان مسرحا له اليوم.. فمحام وحقوقي وقيادي حزبي ووزير سابق للعدل والحريات، يبلع لسانه وينتظر أن تؤتي آلة القمع أكلها يجب عليه أن يبلع لسانه للأبد “.

وتدخلت قوات الأمن بقوة لتفريق وقفة احتجاجية نسائية أمام البرلمان، مساء أمس السبت، شارك فيها ناشطات ونشطاء للتنديد باعتقال سليمة الزياني المعروفة باسم “سيليا”، وكافة معتقلي حراك الريف.

التدخل الأمني الذي وُصف بالعنيف، خلف حوالي 15 إصابة في صفوف المحتجين، من ضمنهم حقوقيون وصحافيان ومواطنون عاديون، تم نقلهم إلى المستشفى عبر سيارة إسعاف.