مجتمع

معركة إيسلي .. ملحمة تضامنية تؤكد وقوف المغرب الراسخ إلى جانب جيرانه

تحل، غدا الاثنين، الذكرى ال173 لمعركة إيسلي (ضواحي وجدة)، التي وقف فيها المغرب – بشكل ثابت وراسخ – إلى جانب الجزائر، في ملحمة تضامنية سجلها التاريخ بمداد من ذهب، مقدما كل أشكال الدعم والمساندة لجيرانه في مواجهة الأطماع الاستعمارية.

ففي 14 غشت 1844، صنع المغرب حدثا تاريخيا استثنائيا حين تصدى للمد الاستعماري والتزم بالوقوف إلى جانب جيرانه في المغرب العربي، لا سيما الجزائر التي انخرط في احتضان ودعم المقاومين الذين ناضلوا من أجل وحدتها واستقلالها، في أحلك الظروف التي مرت بها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين.

ويعود سبب اندلاع هذه المعركة غير المتكافئة، على بعد كيلومترات من مدينة وجدة (إيسلي)، إلى دعم المغرب للمقاومة الجزائرية، حيث كان السلطان مولاي عبد الرحمان (1822 – 1859) قد قرر منح اللجوء للأمير عبد القادر الجزائري، وتزويده بقوات عسكرية؛ ما مثل عائقا كبيرا في وجه الجيش الفرنسي لتنفيذ عملياته في الجزائر.

وتشهد معركة إيسلي على تشبث المغرب بقيم التضامن وأخلاقيات حسن الجوار مع أشقائه، حيث تعرضت مدينة وجدة لوابل من القصف المكثف، وأدت ضريبة الانحياز للمبادئ السامية بكل نبل وفي نكران للذات يعز نظيره بين الأمم.

ووقعت معركة إيسلي بين جيش السلطان مولاي عبد الرحمان مساندا بقبائل بني يزناسن وأهل أنجاد وغيرهم من أفراد الشعب المغربي من جهة، والجيش الفرنسي القادم من الجزائر تحت قيادة المارشال طوماس روبير بيجو من جهة أخرى.

ولم يتردد المغرب عبر تاريخه في تقديم الدعم للجزائر في نضالها ضد الاستعمار. وتقول المصادر التاريخية إن السلطان سيدي محمد بن عبد الله وجه إنذارا إلى الدول الأوروبية بتاريخ 8 شتنبر 1785، جاء فيه أن “الذي قبل كلامنا من الدول ولم يدخل الجزائر فنحن معهم على الصلح والمهادنة كما كنا، والذي أراد منهم دخول الجزائر ومراسيها ولم يمتثل لما أمرنا به فنحن معهم على المحاربة”.

وتتوالى الشواهد التاريخية المتواترة على دعم المغرب للجزائر في نضالها ضد الاستعمار، خلال هذه الفترة وقبلها وبعدها، كما أن علماء المغرب كانوا يصدرون الفتاوى لدعم هذه المساندة في وجه المحتل الأجنبي.

وقد أثار رفض المغرب تسليم الأمير عبد القادر – الذي وجد الملجأ الآمن في البلد والدعم والمساندة من سلطانه، حفيظة فرنسا؛ ما أدى إلى وقوع معركة إيسلي في 14 غشت من سنة 1844.

وهب المغرب للوقوف إلى جانب جيرانه، حيث تم إرسال جيش يتكون من أكثر من خمسين ألف رجل، وهم أساسا من الفرسان المساندين بمتطوعين ينحدرون من قبائل بني يزناسن وأهل أنجاد. واشتبك في هذه المعركة 11 ألف جندي من الفريقين، فقد فيها المغرب 800 من أفراد قواته.

غير أن المتطوعين المغاربة ما لبثوا أن أنزلوا بالمستعمر هزيمة نكراء خلال مشاركتهم في معركة سيدي إبراهيم قرب مدينة الغزوات القريبة من الحدود المغربية في الفترة من 23 إلى 26 شتنبر 1845، في ملحمة أخرى أكدت دعم المغاربة، ملوكا وشعبا، لأبناء الجزائر.