مجتمع

لهذه الأسباب يحترم سائقو مدن الشمال ممرات الراجلين

يواصل سكان مدن الشمال إبهار زوارهم بالحرص الشديد على احترام ممرات الراجلين، سواء من طرف السائقين أو الراجلين، وذلك في ظاهرة أصبحت تميز عددا من هذه المدن دون غيرها، خاصة تطوان والمضيق والفنيدق ومرتيل وشفشاون والحسيمة، إضافة إلى مدينة طنجة.

جريدة “العمق” عاينت انبهار عدد من زوار مدينة تطوان القادمين من مدن أخرى، من سلوكيات السائقين والراجلين رغم “الاختناق” المروري الذي تعرفه المدينة في فصل الصيف جراء الإقبال الكبير عليها، حيث عبر عدد من الزوار عن تفاجئهم من وقوف السيارات عند ممرات الراجلين بشكل متكرر لفسح المجال أمام الراجلين للعبور، عكس كثير من المدن الأخرى.

واللافت في هذا السلوك، أن سائقي سيارات الأجرة بصنفيها الكبير والصغير، يحترمون بدورهم ممرات الراجلين، بالرغم من الصورة الشائعة عن كونهم يسرعون في السياقة، وهو الأمر الذي جعل عددا من زوار تطوان والمدن المحيطة بها، يشيدون بهذه الظاهرة عبر تدويناتهم ومنشوراتهم، في حين ينتقد بعض نشطاء تطوان وضواحيها، ما يعتبرونه عدم احترام قوانين السير من طرف بعض السائقين من خارج المدينة، وهو ما يخلق نوعا من الفوضى في هذه المدينة، حسب تعبيرهم.

أسباب الاحترام

بناصر بولعجول، الكاتب الدائم للجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير، أشاد بسلوكيات السائقين والراجلين في مدن الشمال، معتبرا أنها تستجيب لمتطلبات السلامة الطرقية بشكل كبير جدا، قائلا: “ما نراه من احترام لقوانين السير على مستوى مدن تطوان والمضيق والفنيدق ومرتيل، ومؤخرا على مستوى طنجة أيضا، يسر القلب”.

وأرجع الخبير في ملف حوادث السير، أسباب احترام سكان الشمال لقوانين السير بشكل كبير، إلى مستوى النضج بالسلامة الطرقية، ووجود بنية تحتية متطورة على مستوى مدن الشمال، خاصة وأنها تتوفر على مجموعة من الحواجز الواقية التي تؤطر تنقل الراجلين، حسب قوله.

اقرأ أيضا: بولعجول: ينبغي الاقتداء بمدن الشمال في احترام قوانين السير

وأضاف في حوار مصور مع جريدة “العمق”، أن من بين الأسباب أيضا، ما أسماه بالتوزيع العادل للفضاء العمومي عبر تخصيص ممر كافي للراجلين وللدراجات النارية والهوائية، وهو ما يقلل من إمكانية تواجد وسائل نقل متعددة في نفس المكان، بحيث لا نجد في نفس الطريق السيارة والحافلة والشاحنة والدراجة والراجلين وعربة تجرها الدواب، وفق تعبيره.

قدوة لباقي المدن

المتحدث ذاته، دعا سكان المدن الكبرى مثل الدار البيضاء والرباط ومراكش وأكادير وباقي المدن، إلى الاقتداء بمدن الشمال في سلوكيات قوانين السير، حيث “يستحيل أن ترى في الشمال شخصا يريد اجتياز الطريق عبر ممر الراجلين دون أن تقف له السيارات، بمن فيها سيارات الأجرة”، وفق وصفه.

وأشار إلى أنه حتى السائقين الذين يأتون من الدار البيضاء والرباط ومراكش وباقي المدن الداخلية التي لا يوجد فيها هذا السلوك منتشرا بشكل كبير، يغيرون من سلوكهم ويحترمون ممر الراجلين في الشمال، وهذا يدل على أن المنظومة ككل حاضنة لبعض السلوكيات، فيكفي أن يكون سلوكا معمما بين الناس ليتم فرضه بشكل آلي، وفق تعبيره.

اقرأ أيضا: بولعجول: حوادث السير ليست قضاء وقدر فقط بل تعبير عن خلل في التربية

وتابع بولعجول قوله: “يستحيل اليوم أن يذهب أي واحد مهما كان سلوكه إلى مدن الشمال أو المدن الإسبانية والأوروبية، إلا وعليه احترام السلوك والانضباط لقوانين السير بشكل كبير”.

وشدد على أن الطموح اليوم هو تعميم هذه “العدوى الإيجابية” على باقي المدن، خاصة وأنها مسألة سلوك بالأساس عبر الانخراط الكلي للمواطن، لافتا إلى أن هناك مجهودات على مستوى الجماعات الترابية في عدد من المدن كالدار البيضاء والرباط ومراكش وأكادير، حول إمكاينة تكريس سلوك احترام ممر الراجلين.

اكتظاظ .. حوادث

إلى ذلك، تعيش مدينة تطوان وضواحيها، حالة ازدحام غير مسبوق خاصة على شوارعها، في ظل إقبال كبير من طرف الزوار المغاربة والأجانب لقضاء العطلة الصيفية بشواطئ المدينة، فيما أنعشت الأمطار طقس الحمامة البيضاء وأضفت عليه جوا باردا في عز فصل الصيف.

وعاينت جريدة “العمق”، “اختناقات” مرورية متكررة بأهم شوارع تطوان ومرتيل والمضيق والفنيدق والطرق الرابطة بينهم، طيلة الأيام الماضية وإلى حدود اليوم، فيما اضطرت شرطة المرور إلى فتح شارع محمد الخامس الخاص بالراجلين فقط، أمام السيارات بعد اختناق حركة السير وسط المدينة.

ومع الازدحام الشديد على طرقات تطوان، عرفت المدينة في الأيام الماضية، عددا من حوادث السير، خلف بعضها جرحى، خاصة في الطريق الرابطة بين تطوان والحسيمة، تطوان والفنيدق، تطوان وطنجة، إضافة إلى حواث أخرى داخل المدار الحضري للمدينة.