منتدى العمق

المغرب وحكماؤه

قبل أن ابدأ كلامي أريد أولا ان اشير الى ان كلمة حكمائه التي جاءت بالعنوان نسبة الى الحكمة وليس الى الحكام، لأنني ان لم ابدأ كتابي بهكذا توجيه فلربما اعاني من المغرضين، فالمغرب ليس هو ذلك البلد المثالي الامن والاجمل في العالم كما كان من قبل عنوانا وقبلة للسياح.

فمنذ ذلك العهد تغير الكثير وفقد هذا البلد بريقه. فكل الاحداث التي تقع في العالم وتتصدر عناوينها صدر الصفحات الاولىللصحف العالمية والإقليمية والوطنية اليوم صرنا نحن في مركزها، كأننا نواة ذرة الإرهاب والتخلف والانحلال الأخلاقي. فإذا لم يتعرف علينا العالم عن طريق الاهاب أصبح يتعرف علينا عن طريق الانحلال الاخلاقي والاعتداءات الجسدية والمعنوية التي تقع بالشارع المغربي كل يوم. فحينما يقرأ مواطن من دولة خبر ما على واجهة احدى الصحف لم يبق له الا تأكيد الفاعل عبر البحث عن جواب هذا السؤال “هل فعلها مغربي”؟

تتوالى الاحداث والوقائع يوما بعد يوم، واسبوعا بعد أسبوع وشهرا بعد شهر ونحن المغاربة أصبحنا عناوين رئيسية على صدر الصفحات الاولى للصحف العالمية والإقليمية. والمشتبه به رقم واحد صار “المواطن المغربي”. هذا ما بينته اخر الاحداث التي وقعت بتوركو الفنلندية والاشتباه كما العادة من مغاربة فنلندا. فالواقع التالية: قطار مدريد، مقتل صحفيي شارلي ايبدو، دهس برشلونة، قضية فقيه ازيلال، اغتصاب فتاة بالناظور، وحادثة اغتصاب فتاة باريس والمجرد وواقعة الحافلة بالدار البيضاءكفيلة بان يعرفنا العالم كله ان المغرب نواة ذرة الإرهاب والتخلف والانحلال الأخلاقي والاعتداءات الجنسية والجسدية بدون منازع.

انه لمحزن بالنسبة للمغاربة البريئين الذين يعيشون في هذا الوطن البئيس ولا أولئك الذين يعيشون خارجه في مختلف بقاع العالم. فحينما يهم أحدهم للخروج خصوصا المغتربين سيتبادر الى دهنه كل الحوادث التي وقعت وتقع بالعالم. وعليه ان يكون مستعدا للإجابة على الأسئلة سواء للشرطة اولمواطني تلك الدول حينما يتعرفون اليه انه من المغرب.

حينما أتت رسل ربنا الى سيدنا لوط عليه السلام هرع اليه قومه مسرعين الخطى لطلب الفاحشة، وكانوا آنذاك يأتون الرجال شهوة من دون النساء، فما كان من سيدنا لوط الا ان يقوم الى قومه ويدعوهم الى أفضل الحلول واقترح عليهم بناته من اجل الزواج وترك الفاحشة فقال سيدنا لوط لقومه يا قومي هؤلاء بناتي فتزوجوهن هن اطهر لكم مما تريدون. بالنظر الى هذه القصة من عهد قوم لوط وما يقع اليوم بالمغرب نفس الشيء، انما هو امتداد للانحلال رغم الاختلاف القائم بين الحادثتين فالقاسم المشترك بينهما هو الانحلال الأخلاقي. وأنبه هنا انه إذا تجاوزنا هذه المرجلة بدون ان نصحح المسار وندق ناقوس الخطر فأكيد اننا سنصل الى تلك المرحلة في أقرب الآجال وسيتم استحلال الرجال من دون النساء. فالسؤال الذي على مغاربة العالم الاستعداد له هو “اليس فيكم رجل رشيد اليها المغاربة؟”

اين أنتم أيها العلماء والمفكرين والحكماء والفلاسفة والمنظرين من هذا الوطن، هل هذا البلد الذي تتبجحون ان له تاريخا يسير لنفسه في سكة التاريخ بدون من يقوده ولا يوجهه. لا يمكن لنا ان نخفي ان للإعلام دور في هدم الاخلاق والاسرة والمجتمع ككل، عبر مئات البرامج او الالاف التي تذيعها القنوات المغربية الستة طوال اليوم وعلى مدار الأسبوع، منها العديد من الأفلام والمسلسلات الغربية والأجنبية التي لا تعطي حيزا مهما للثقافة المغربية والذي أصبح ضيقا من أي وقت مضى داخل المجال السمعي البصري. ويتم اللجوء الى الثقافة الغربية والأجنبية لتلويتها والتي تداع بدون دراسة لحماية هذا الوطن.

ان الحوادث التي وقعت في الساحة الدولية (دهس برشلونة، قضية الفنان المجرد …) والوطنية (حادثة اغتصاب بالحافلة، قضية فقيه ازيلال …) مرتبطة فيما بينها وتشير كلها الى ازمة الأخلاق بالمغرب. وما يزيد الطين بلة قطيع الحٌملان التي تخرج في كل مرة دون ان تعي الأسباب ولا الخلفيات ولا النتائج فتراهم في كل واد يهيمون، فالاغتصاب فعل شنيع لا يقبله أحد لكن ما بال قطيع الحملان التي خرجت تندد باحتجاز الشرطة الفرنسية بأمر من القضاء للفنان سعد المجرد في قضية الاغتصاب التي هزت الأوساط الفنية بفرنسا وتنادي بأطلاق سراحه، بينما نادى نفس القطيع الى احتجاز وسجن الشبان الذي فعلوا نفس الفعل بالحافلة بمدينة الدار البيضاء. هاتين الحادثتين مشتركتين في فعل واحد وهو الاغتصاب سواء كنت مذنبا ام لا، ومخرج واحد وهو القضاء يجب ان يقول كلمته في النهاية.

قطيع الحملان يعلم ان فرنسا تتمتع بقضاء نزيه ومستقل ولن يؤثر عليه أي شيء سواء خرجوا منددين بالجرم او مطالبين بإطلاق سراح الفنان حتى يقول القضاء كلمته في النازلة. لكن القطيع لا يستعمل عقله في هكذا حوادث ما دام القضاء موجود. اننا بذلك الخروج نقول لأولادنا قبل العالم افعلوا ما شئتم ونحن نؤيدكم في افعالكم سواء كانت تلك الافعال جميلة ام قبيحة، فآباءكم سيدافعون عنكم ظالمين او مظلمون لذلك لا يجب علينا البكاء إذا وقعت أمثال تلك الوقائع في بلدنا وامام انظارنا.

لغرابة الامر نفس القطيع خرج في حادثة الحافلة ويعطي أوامره للقضاء للزج بأولئك الشباب الذي تلبسوا بالجرم في السجن والضرب بيد من حديد. مع العلم انه من قبل كان يعطي أوامره للقضاء الفرنسي لإطلاق سراح الفنان سعد المجرد الذي اتهم كذلك بنفس التهمة. انا لن اعطي رائي اوحكمي في هذا وانما سأفسر الظاهرة الى ماذا ستؤول، إذا أقنعنا أنفسنا ان لدينا في هذه البلاد قضاءا مستقلا ونزيهامثل أي بلد اخر فعلينا الالتزام بالحياد وتركه يبث في النازلة ونعطيه مساحة من اجل تلك الاستقلالية دون التأثير عليه من طرف الجماهير،لان الجماهير قد تغير مسار القضية ويحكم لما يوافق اهواءها.

المضحك في تلك الخرجة الأخيرة اللافتات التي تم رفعها من طرف قطيع الحملان، حيت دعا البعض من النساء اللواتي حضرن الوقفة الى نسف ما تبقى من تلك الاخلاق التي لا تحمد، ورفعوا لافتات أخرى مغرضة ومحرضة منها “ماتغتاصبونيش كفتوا ……. ” هذا انحلال اخر يدعو الى انحلال ثاني. أتسأل هل هذا هو الحوار الهادفلتلك الخرجة.

انه لا يعقل ان تجد ان القضايا الوطنية التي تهم المجتمع يخصص لها ساعة واحدة من البث خلال أسبوع كامل داخل المجال السمعي البصري بينما باقي الساعات لبث السموم في المجتمع، فالمسلسلات التركية والهندية والبرازيلية والمكسيكية والكورية هي التي تملا شاشات التلفاز على مدار الأسبوع باستثناء تلك الساعة اليتيمة التي تبث فيها برنامج لقضايا تناقش مستجدات وطنية.

على كل الفلاسفة والمفكرين والعلماء والحكماء والمنظرين المغاربة الالتفاف حول بعضهم البعض والدعوة الى المصالحة للسير قدما الى الامام، ودق ناقوس الخطر من اجل انقاذ ما يمكن انقاده من القيم الأخلاقية التي وصلت الى حد الاندثار. حيت نرى أطياف عدة كل يغني على ليلاه، وليُعرفنا هؤلاء بالمغرب ذلك البلد الذي له انتماءه وتاريخه وله رجالاته وليس حفنة من الجمعيات والمنظمات المشبوهة هي من تسير هذا البلد.

ولا تنسوا الإجابة على هذا السؤال المطروح “أليس فيكم رجل رشيد أيها المغاربة؟”