مجتمع

بنشماش: مقاربة التصدي للإرهاب لم تعد كافية لمحاصرة التطرف العنيف

أكد حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين، أن هناك توافقا دوليا على كون المقاربة التي اعتمدها المجتمع الدولي، على مدى العقدين الماضيين، للتصدي للتطرف العنيف وأساسا في سياق تدابير مكافحة الإرهاب ذات الطابع الأمني، “لم تعد كافية للحيلولة دون انتشار التطرف العنيف، وذلك مع ظهور جيل جديد من الجماعات المتطرفة”.

وقال بنشماش، في مداخلته خلال افتتاح الندوة الدولية التي نظمها مجلس المستشارين بشراكة مع اللجنة البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون بأوروبا، نهاية الأسبوع الماضي، حول “ظاهرة انتشار التطرف العنيف بمنطقة منظمة الأمن والتعاون بأوروبا والإستراتيجية الكفيلة بالحد من استقطاب وتجنيد المنظمات الإرهابية للشباب: المقاربة المغربية”، إن الملك محمد السادس سبق له أن أرسى رؤية وفلسفة المملكة بشأن مكافحة الإرهاب والتطرف ومسؤولية المنتظم الدولي في هذا الإطار.

واستعرض بنشماش بعض عناصر الإستراتيجية المغربية المندمجة المعتمدة على مقاربة استباقية في مكافحة الإرهاب، معتبرا أن المجهود المتضافر للسياسات الأمنية -المرتكزة على احترام حكم القاعدة القانونية- والتربوية وإعادة هيكلة الحقل الديني الذي يشرف عليه الملك شخصيا بصفته أميرا للمؤمنين، وتكريس الطابع المركزي لقيم الإسلام السمح، ومساعي الرعاية اللاحقة والمراجعات الإرادية والتدريجية التي قام بها عدد من المحكومين سابقا في قضايا الإرهاب، إضافة إلى المسلسل الذي أطلق مؤخرا لمراجعة مناهج التربية الدينية، تعد مرتكزات المقاربة المغربية الخاصة في مجال سياسات الوقاية من الإرهاب، والمحصنة بضمانات دستورية واتفاقية دولية متينة.

وبخصوص جهود البرلمان في محاربة التطرف العنيف، قال بنشماش إن مجلسي البرلمان المغربي يتقاسمان تمام التقاسم الأولويات والإطار المنهجي للسياسات الوطنية والإقليمية والشاملة لمكافحة الإرهاب كما وردت في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، كما يتقاسمان بنفس القدر من الأهمية، الأولويات المتعلقة بالدور الخاص للبرلمانات في المجهودات الهيكلية لمكافحة الإرهاب، وعلى رأسها أولوية التعاون الثنائي والإقليمي في مجال مكافحة الإرهاب وإيجاد الإطار التشريعي الملائم لذلك، خاصة في ما يتعلق بالتعاون الأمني، القضائي وتبادل الخبرة والمعلومات والتجارب، والعمل عبر إجابات تشريعية وسياسات عمومية فعالة، على الإدماج الاجتماعي للفئات الهشة الأكثر عرضة للتهميش والأكثر عرضة لمخاطر الانزلاق نحو التعصب والتطرف الديني.

وأضاف رئيس المستشارين في سياق مداخلته، أن “سياسات التشغيل وتطوير التعليم والتكوين وسياسات العدالة الاجتماعية بشكل عام، ومكافحة خطاب الكراهية والعنصرية والغلو، هي مداخل أساسية للقضاء على الأسباب البنيوية المغذية للإرهاب”، مشددا على أهمية تنظيم هذه الندوة، باعتبارها تأتي في إطار مواصلة المجهود الجماعي للتفكير في أنجع السبل لتطويق هذه الظاهرة المقيتة، وفي سياق تواجه فيه دول المنطقة تحديات مشتركة متعلقة بقضايا المقاربات الشاملة والمندمجة في مجال مكافحة الإرهاب على ضوء التطور المقلق لبعض الظواهر كظاهرة المقاتلين الأجانب والتحدي الأمني الذي تطرحه على دول المنطقة.

وفي ختام هذه الندوة الدولية، جدد بنشماش التأكيد على التزام المغرب وانخراطه القوي بكل مؤسساته في الجهود الإقليمية والدولية في مجال مكافحة الإرهاب والتصدي للعوامل والبنيات التي تغذيه، معتبرا أن الكفاح في سبيل مواجهة الإرهاب والبنيات المغذية له، معركة طويلة المدى، داعيا الجميع إلى أن يكون في جاهزية لمواجهة التحديات والتهديدات التي قد تتفاقم في المستقبل وقد تطول لعوامل متعددة، معددا بالأساس قدرة التنظيمات والجماعات الإرهابية على التكيف وتغيير إستراتيجية وأسلوب عملها، واستمرار الفقر والهشاشة والشعور بالحرمان والإقصاء، كمنابع تغذي التطرف العنيف والإرهاب، علاوة على تزايد التفاوتات المسجلة على الصعيد الدولي على مستوى إنتاج وتوزيع الثروة، فضلا عن انسداد الآفاق أمام قطاعات اجتماعية واسعة وخصوصا الشباب في دول منطقة المنظمة.

وأكد السيد بنشماش أن هذه العوامل مجتمعة وغيرها، تبرز الضرورة الملحة للاستمرار في الرصد والتتبع لفهم المتغيرات التي تحدث على مستوى هذه الجماعات، واستيعاب مضامين الخطاب الذي يغذي الحركات الإرهابية، والاهتمام أكثر بالإرهاب الإلكتروني، كما تبرز الحاجة أكثر لمقاربة شاملة ومتعددة الأبعاد تتقاطع فيها الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية، على قاعدة احترام حقوق الإنسان، أي مقاربة مبنية على خطاب مضاد لخطاب الجماعات الإرهابية الأكثر جاذبية واستقطابا للشباب من مختلف دول العالم.

وفي ختام مداخلته، التمس رئيس مجلس المستشارين من مسؤولي الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون بأوروبا، اعتماد المخرجات الغنية لهذه الندوة الهامة وتوظيفها ضمن الرصيد الهائل الذي تتوفر عليها في مجال مكافحة التطرف والإرهاب، حيث توجت هذه الندوة الدولية الهامة بـ “إعلان الرباط حول مكافحة التطرف العنيف”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *