مجتمع

“الحي العطشان” .. تجمع سكني بزاكورة بدون ماء ولا كهرباء منذ 18 عاما (فيديو)

بالرغم من كبر مساحته وتوسعه العمراني، إلا أن حي الوفاق بزاكورة، أو “الحي العطشان” بحسب التسمية المحلية لهذا التجمع السكني، لم يحظ بأي عناية من لدن المسؤولين المحليين، حيث ظل هذا الحي منذ إحداثه قبل حوالي 18 سنة مهمشا ولم يتم ربطه بالماء والكهرباء منذ ذلك الحين.

جريدة “العمق” زارت الحي، واستمعت إلى سكان هذا الحي، حيث عبر عدد من النسوة اللواتي التقتهم الجريدة عن تذمرهم من بقاء وضع الحي على ما هو عليه، مبرزين أن الغريب في الأمر هو أن الحي حديث التصميم وهو مجهز على مستوى المسالك الطرقية، غير أنه لم يتم ربطه لا بالماء ولا بالكهرباء بالرغم من أهمية هاتين المادتين.

وحمل عدد من النسوة اللواتي تحدثن إلى الجريدة، عامل الإقليم مسؤولية عدم ربط حيهم بالماء والكهرباء، مشيرين أن أغلب قاطني الحي من جنود القوات المسلحة المتقاعدين، غير أن جزاءهم كان هو حرمانهم من الماء والكهرباء، مشددين على أن هذا الأمر حول حياتهم إلى جحيم، وخصوصا خلال فصل الصيف.

وأوضحوا أنهم لا يجدون ماءً يشربونه أو يغتسلون به خلال فصل الصيف، ما يزيد من معاناتهم مع درجة الحرارة التي تشتد بهذا الإقليم، مشيرين أيضا أنهم يعانون من انعدام الكهرباء من منازلهم، حيث لا يمكن استعمال التلفاز ولا آلات التبريد، وهو ما يُصعّب الحياة في هذا الحي، الذي يتم تشييد المنازل به بواسطة رخص رسمية، من بينها رخص البناء ورخص التصميم من لدن مهندس معماري معتمد.

معقل “انتفاضة العطش”

شكل هذا الحي، الذي تتوزع هوية ساكنيه بين الأمازيغ والعرب الناطقين باللهجة الحسانية، معقل شرارة الاحتجاجات التي عرفتها مدينة زاكورة طيلة شهر أكتوبر من سنة 2017، حيث تحولت هذه المنطقة الجغرافية النائية بالجنوب الشرقي للمغرب، إلى ثاني أيقونة للاحتجاجات الاجتماعية ضد السياسات العمومية بعد مدينة الحسيمة، حيث خرج عدد كبير من سكان المدينة في احتجاجات عارمة للمطالبة بالحق في الحصول على الماء الصالح للشرب.

وشبيها بما حصل في الحسيمة، تصدت السلطات المحلية لاحتجاجات الساكنة وأقدمت على اعتقال عدد من أبناء المدينة وقامت بتقديمهم للعدالة بتهمة الاحتجاج غير المشروع، حيث أصدرت المحكمة الابتدائية بزاكورة، في الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء 31 أكتوبر 2017، أحكامها بالحبس لمدة 24 شهرا في حق 8 معتقلين في ملف ما بات يعرف بـ”انتفاضة العطش” بزاكورة، فيما تنظر محكمة ورزازات في قضية معتقلين آخرين، بينهم قاصر.

ولقي الحكم، موجة من الاستنكار في صفوف عائلات المعتقلين ومحاميهم والهيئات المدنية والحقوقية، حيث وصفوا الحكم بأنه “جائر” ولم يحترم شروط المحاكمة العادلة، حيث أكد المعتقلون الثمانية لهيئة الدفاع، أن ما دُوّن بمحاضر الشرطة لا علاقة لهم به، وأنها لم تقرأ عليهم، وأمضوا عليها تحت التهديد بالإحالة على غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بورزازات.

ومباشرة بعد صدور الأحكام في حق المعتقلين، تحول محيط المحكمة إلى مكان لإقامة عزاء جماعي وبكاء وعويل وإغماءات في صفوف عائلات المعتقلين الثمانية، حيث أشار مصدر حقوقي في تصريح لجريدة “العمق”، أن “سكان زاكورة البسطاء ليس لهم من حيلة بعد سماع الأحكام الصادرة في حق أبنائهم سوى ترديد حسبي الله ونعم الوكيل”، مشيرا إلى أنه “في الوقت الذي يجب على الدولة أن تهتم بساكنة زاكورة الواقعة على الحدود وتلتفت إلى معاناتهم تعاقب أبنائهم لأنهم طالبوا بقطرة ماء”.

محاكمة “غير عادلة”

وفي هذا السياق، قال الحقوقي إبراهيم رزقو، عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بزاكورة، إن “شروط المحاكمة العادلة والمشروعة لم تتوفر في جلسة أمس وهو ما يشكل سابقة خطيرة وصمة عار في تاريخ القضاء”، مضيفا أن “هؤلاء خرجوا من أجل قطرة ماء تروي ظمأهم وما اعتذار رئيس الحكومة بمجلس النواب لسكان زاكورة إلا دليل على براءتهم”.

واعتبر أن الأحكام التي صدرت في حق المعتقلين الثمانية “مفبركة وعلى المقاس وتضرب في استقلالية القضاء وتثبت بأن القضاء موجه”، مشيرا إلى أنه “يجب القطع مع هذه الأساليب التي تذكرنا بسنوات الجمر والرصاص”، مضيفا أن “التصريحات المدونة في محاضر الضابطة القضائية انتزعت من أصحابها قهرا بالضرب والتعذيب وهو ما أكدته هيئة الدفاع جميعا وبالملموس أمام رئاسة الجلسة”.

وأكد أن “المحاضر باطلة بناء على مجموعة من الحيثيات المدونة بها، لا على مستوى الشكل والمضمون”، مبرزا أنه على مستوى الشكل، فـ “الأخطاء غير مقصودة، ولكن تبين أن المحاضر باطلة، فعلى سبيل المثال أحد الضباط يدون محضرين لمتهمين في نصف ساعة وفي نفس الوقت، وهذه سابقة خطيرة في محاضر الضابطة القضائية”، مضيفا أنه “لا يعقل أن يدون تاريخ 9/9/2017 في محضر والوقفة نظمت يوم 8/10 2017 ولا يعقل أن يحرر المحضر يوم 8 أكتوبر على الساعة الثالثة بعد الزوال في حين أن الوقفة لم تبدأ بعد”.

المصدر الحقوقي، كشف أيضا أنه “وقع خلط للضابطة القضائية وللنيابة العامة في القانون بين الوقفة والتظاهرة، حيث إن الوقفة بناء على الفصل 14 من قانون الحريات العامة لا تحتاج لأي ترخيص، ومع ذلك تمت متابعة المتهمين بتهمة التظاهر غير المشروع”.

وأردف عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بزاكورة، أن “كل هذه المعطيات تثبت براءة هؤلاء المتهمين وحتى المصرحين من ضباط القوات المساعدة والشرطة ورجال الأمن الذين قالوا إنهم تعرضوا للضرب صرحوا بأنهم يجهلون هوية من قاموا بالاعتداء عليهم، بمعنى أن وسائل الإثبات والإدانة للمتهمين منعدمة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *