وجهة نظر

حزب العدالةوالتنمية والحاجة إلى نقاش هادئ ومسؤول:

لعل الذي يتابع المسار السياسي للبيجيدي بعد (اعفاء/تعيين) رئيس الحكومة، سيجد أن الحزب قد أصبحت تتجاذبه فكرتان،أو أن هناك طرفين في الجاري من الأمر، من مع الولاية الثالثة ومن هو ضد الولاية الثالثة. والحال أن كلا الطرحين يكون صحيحا او خاطئا اذا ما استحضرنا نتائجهما على المستقبل السياسي للحزب، وأيضا على البناء الديمقراطي لنظام السياسي المغربي. وسأبدأ مع الطرح الرافض للولاية الثالثة (محاولة التحليل وليس القول بصوابية هذا الطرح وفشل الاخر).

السؤال الذي يتبادر الىالذهن هو لماذا معارضة الولاية الثالثة؟ وما هو  البديل وكيف هو هذا البديل؟

إن أصحاب هذا الطرح يؤسسون رأيهم على فكرة أساسية قوامها أن عهد عبد الإله ابن كيران الأمين العام للحزب قد انتهىدوره السياسيمع إعفاءه من مهمة تشكيل الحكومة، وأيضا قولهم بأن الولاية الثالثة غير مناسبة للحزب، وقد تؤدي إلى التصادم مع اصحابالقرار الحقيقيين في الدولة،لكن وبالرجوع لتحليل هذه الأسباب والوقوف على منطقيتهامن عدمها، وهل تقف على أرضية صلبة. ونحن نتناول هذا الأمر يجب أن نستحضر عناصر النقاش الأساسية الأخرى، والتي تتعلق أولا بشخص الأستاذ بن كيران نفسه والذي لا يختلف اثنان في مركزية دوره في ما تحقق من نجاحات انتخابية أساسا(نتائج الانتخابات الجماعية والتشريعية)وهذا معطى أساسي في أي عملية تحديد لنجاح أو فشل أي رئيس حزب. كما يقال العبرة بالنتائج، لكن في نفس الوقت لم يتوفق في تكوين أغلبية حكومية بعد أشهر من مفاوضات عسيرة إنتهت بإعفاءه وتعيين رئيس المجلس الوطني للحزب أمينا عاما جديدا للحكومة.

إن أصحاب الطرح الأول لم يقدموا أي مقترح أو أطروحة سياسية تجيب على اسئلة المرحلة والمستقبل معا، وبالتالي من الصعب جدا ومن غير المعقول أن ترفض طرح سياسي معين دون أن تكون لك القدرة على بلورة طرح آخر، وهذا الأمر زاد من تهافت هذا التوجه،واتضأح بأنهم يرفضون الولاية الثالثة دون أن يقدموا البديل لذلك‘ وحتى ما تعلق بعدم قانونية الولاية الثالثة فهو أيضا كمبرر للرفض قد استنفذ الغاية منه بعد أن استطاع مناضلوا البيجيدي وبشكل قانوني طرح المادة 16 من القانون الأساسي للحزب للتعديل.

ومن جانب ثان، والذي يتعلق بالطرح القائل بضرورة التمديد، وإن كانت منطلقاتهالأساسية صحيحة، كون عبد الإله ابن كيران يتمتع بشرعية صناديق الاقتراع، من خلال تحقيقه لفوز انتخابي تلو الآخر، دون أن تكون له القدرة أيضا على بلورة هذا الفوز الانتخابي الى تكوين أغلبية حكومية تمكنه من الاستمرارية في تنزيل مشروع الإصلاح في ظل الإستقرار. وهنا لابد من التساؤلبأي أطروحة سيعود بن كيران، طالما أن الطريقة الأولى لم تؤدي إلى تشكيل الأغلبية وبالتالي ما الفائدة من 125 مقعد برلماني بدون أن تكون لك القدرة والامكانية على الترجمةالإيجابية لذلك على المشهد السياسي الوطني.

والنتيجة وباستحضار البلاغين الأخيرينلإجتماع الأمانة العامة للحزب، والتي غاب عنهما بن كيران، بحيث إن أهم ما جاء فيهما هو ضرورة طي صفحة تشكيلالحكومة،  وأن الجميع يتحمل المسؤولية في ما حدث، لا يبدو في الأفق المنظور قدرة الحزب على النهوض من جديد وتوجيه الجهود الى القضايا المجتمعية المختلفة، في ظل عدم حسم نقاش الولاية الثالثة من عدمه.

إن توجيه كل النقاش لقضية واحدة وهي قضية داخلية، وصرف كل الجهد فيها دون القدرة على حسمها، يؤثر في الصورة السياسية للحزب عند الناخب المغربي. فمن جملة الأمور التي جعلت حسم هذا الأمر عسيرا هو تصدير النقاش الي خارج مؤسسات الحزب، ودخول أطراف خارجية تحاول تعديل كفة طرف على حساب الآخر، أضف الى ذلك الخروج الإعلاميلأعضاء الأمانة العامة للحزب بتصريحات مختلفة كهربت كثيرا من جو النقاش الداخلي. وبالتالي أصحابالطرح الثاني لا يملكون شيئا يقدمونه غير ضرورة التمديد لبن كيران، دون أن يبلوروا خطة سياسية للعودة، أي ما هو المشروع الذي يقدمونه كمبرر للتمديد.

إن الفرصة التاريخية والوحيدة المتبقية للحزب، من أجل تصحيح ما يمكن تصحيحه، وتجاوز حالة الارتباك الحالية، هي لحظة المؤتمر، والتي يجب أن تكون أولا لحظة محاسبة ومكاشفة حقيقية، بحيث يتحمل الجميع مسؤوليته عما وقع، ومن ثم المرور لصياغة أطروحة سياسية جماعية وحقيقيةمتوافق بشأنها وقابلة للتنزيل سياسيا، في بيئة يبدو أنها كسرت المعتاد من الأمر وأظهرت بجلاء أن الأحزاب السياسية التي خاضت تجربة الحكومة كلها خرجت بخلاصة واحدة وهي استحالة تحقيق الشي الكثير، مما يدفعنا للتساؤل حول الخيارات السياسية الأخرى التي قد تكون جوابا عن هذا الفشل، والتي يبدو بأن جبهة ديمقراطية موسعة قد تكون هي البديل المنتظر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *