وجهة نظر

التعدد الديني أية افاق …؟؟

مؤخرا طفحت مجموعة من الظواهر الغريبة التي لقيت نجاحا باهرا و صدى واسعا في أوساط كل الفئات العمرية بمختلف مشاربها الثقافية.

إذ من الموضة، أيضا إلى جانب تغيير أثاث المنزل واقتناء أخر صيحات الملابس و الهواتف…، تغيير الديانات و تلبس ديانة بأخرى كتلبس الأفعى جلدا جديدا.

حديثي عن تعدد الملل في المغرب على وجه الخصوص لم يولد من فراغ بل بعد معاينة الواقع و تخمر قضاياه، و بعد انبثاق طوائف دينية عقب الأخرى في مجتمعنا، الشيء الذي استفز فضولي للبحث عن حيثيات استفحال الدعوة للتنوع الديني و المطالبة بممارسة الشعائر و سائر الحقوق…

فهل المغرب الراهن قابل للتنوع و التداخل الديني؟ و ما افاق ذلك؟
المغرب، بعد بحث معمق في الموضوع، يتضح أنه يعرف تنوعا دينيا لا يظهر لأي كان. ففي الوقت الذي يقصد فيه السني المسجد لمناسك الصلاة، يلبي فيه الشيعي نداء روحه، و يهودي بزيه علنا، و مسيحي يطلب المجد كل صباح، و بوذي أمام تمثاله و بهائي بشعائره، فملحد و لا ديني… كلهم يعيشون في المغرب.

جراء هذا البحث وجدت مجموعة من الدراسات التي تؤكد كل ما سبق، ففي سنة 2013 أدلت الوزارة الخارجية الأمريكية بتقريرها السنوي، أكدت فيه بأرقام تدل على عدد الطوائف الدينية بالمغرب و معتنقيها.

في السابق كانت اليهودية ثانية طائفة دينية بالمغرب بعد الدين الرسمي للبلاد، الإسلام، في الآونة الأخيرة شهدت تراجعا لصالح الديانات الأخرى حيث استقر سقف اليهود بالمملكة عند 4 الاف يهودي أو ما ينقص، موزعين بين الدار البيضاء و الرباط و مراكش.

كما أفاد التقرير أن شخصيات يهودية وازنة تربعت على مناصب سامية في البلاد، تعمدت دوما سد المنفذ أمام المسيحية و أنظمتها التبشيرية. هذه الأخيرة بلغ معتنقيها ما يربو على 25 الف مسيحي موزعين بين كاثوليك و بروتستانت معرضين حسب التقرير لمضايقات أمنية.

أما الشيعة فقدر التقرير عددهم في 8 الاف شيعي معظمهم من سوريا و لبنان و العراق.

بناءً على هذا التقرير، أشار الباحث في الشأن الديني محمد بوشيخي في منابر إعلامية مختلفة أن التعددية الدينية في الوطن المغربي راجع بالدرجة الأولى إلى هوة العوامل النفسية مع تسارع وثيرة انتشار العولمة الثقافية و تزايد الأنشطة التبشيرية للمسيحية.

في حين أكد الخبير في ملف المنظمة المسيحية للتبشير، محمد السروتي، ان المسيحية تعتمد على تمويلات خارجية ضخمة تبني امالها للوصول إلى نسبة 10 في المائة من المسيحين في افق 2020 بالمغرب.

هذا ما تلمسته، شخصيا، مساء الجمعة 17 نونبر 2017 إثر الندوة التي عقدتها جريدة هيسبريس حول : ” الأقليات الدينية بالمغرب بين الواقع و المتخيل” هناك تضاربت الآراء بين البهائي و الشيعي والمسيحي، كل أدلى بمطلبه و رأيه، أما المسيحي فظاهر أنه وقع في حسابات الأجندة المسيحية التي تستفيد من فاعلية نشاطها التبشيري و مصادر تمويلها، كما تتبنى خطا إعلاميا محترفا و متخصصا على عكس الديانة الإسلامية الرسمية، التي تراجع نشاطها و ضعف تأطيرها للمؤسسات الرسمية و محدودية تأثير خطابها الإعلامي…

الأمر الذي يضعنا في موقف حيرة عن إمكانات تداخل الأديان بالمملكة و مستقبل الديانة الرسمية للبلاد و ضعف تمويلها أمام المنظمات التبشيرية المتضاربة لبسط نفوذها، كثيران هائجة في رقعها. إذ من الصعب البتة الجمع بينها إلا بعد تطاحن سياسي، ثقافي، عرقي، اجتماعي، و نفسي.
إلى حين ظهور مؤشرات جديدة سأدع المقال مفتوحا على اشكال مفاده: “هل اعتناق دين غير الدين الأول موضة أم ابتزاز و ضغط”؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • جمال افياس
    منذ 6 سنوات

    كما نعلم نوع سلوكيات الانسان و افعاله عندما يكبر راجعة لتنشئة الاجتماعية التي تلقاها في الصغر ندهب قليلا لسنوات الماضية انعتها بالجميلة كنا ندهب للمسجد حيث كانت له اهمية في المجتمع المغربي في المدرسة كدالك كنا نتلقى نصائح من الاساتدة دات طابع ديني اسلامي من اخلاق و مبادئ و قيم الى غير دالك و بالتالي هدا كله ساهم في جعل مكانة للدين الاسلامي في ما مضى لكن في الحقبة التي نعيشها هاده الامور اندثرت مما ساهم في التقليل من مكانة اللدين الاسلامي و منح ساحة للظواهر الغريبة من فرض داتها و ساهمت من ظهور افكار و ثقافات جديدة في المجتمع المغربي التي دكرت