آخر أخبار الرياضة، العمق الرياضي

أمكراز يكتب: القراءة المتعسفة للمادة 14 من قانون الأحزاب السياسية

سبق أن أثارت إحدى الجرائد مقتضيات المادة 14 من القانون التنظيمي 29.11 المتعلق بالأحزاب ووضعتها حاجزا أمام تعديل المادة 16 من النظام الأساسي لحزب العدالة والتنمية في قراءة متعسفة واضحة ، وأعاد بعض الإخوة إثارة نفس المضامين التي أوردتها الجريدة المذكورة ، وتتلخص مضامين هذه القراءة المتعسفة لهذا النص في أن تعديل المادة 16 من النظام الأساسي للحزب إن تم إقراره في المؤتمر لا يمكن أي يكون ساريا إلا بعد التصريح به لدى وزارة الداخلية وأن تعديله في المؤتمر المقبل يجعل من غير الممكن إعماله في نفس المؤتمر قبل التصريح به لدى مصالح وزارة الداخلية .

لكن القراءة الموضوعية للمادة المذكورة في ظل باقي مواد نفس القانون و إعماله التحضيرية والنص الدستوري لا تسعف القراءة السابقة وسنوضح ذلك وفق الآتي :
في طبيعة الأجل المنصوص عليه في المادة 14 :

تنص المادة 14 على منح اجل 30 يوما للمسؤول الوطني للحزب قصد التصريح بأي تعديل يلمس النظام الأساسي للحزب ، ولا نحتاج الكثير من التعليل للقول أن هذا الأجل ليس له أي اثر واقف .
وأن التعديل يصبح ساريا بمجرد المصادقة عليه ويمكن الاحتجاج به في مواجهة الجميع بما في ذلك الإدارة داخل اجل 30 يوما من تاريخ المصادقة عليه.

وهو ما يتضح أكثر بقراءة مقتضيات المادة 17 خاصة الفقرة الثانية التي تعطي شرعية الاحتجاج بالتعديل المصرح به خارج الأجل من تاريخ التصريح به .

وللتدقيق فالمشرع استعمل عبارة ” من تاريخ التصريح بها ” فقط في حالة التصريح خارج الأجل ولم يستعمله عندما يتعلق الأمر بالتصريح داخل الأجل ، وهو ما يفيد ضمنيا أن التعديل يسري في مواجهة الجميع من لحظة المصادقة عليه .

ويتضح ذلك أكثر بالعودة إلى مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 11 التي تنص على أن المؤتمر التأسيسي يصادق على النظام الأساسي للحزب وبرنامجه وينتخب الأجهزة المسيرة للحزب ، وهو ما يعني أن المؤتمر ينتخب أجهزة الحزب وفقا للنظام الأساسي الذي صادق عليه ، وقبل التصريح به .

قد يقول قائل أن الأمر يتعلق بالمؤتمر التأسيسي ، أجيبه بان الدور الذي تقوم به وزارة الداخلية هو نفسه في المؤتمر التأسيسي وغيره ، وهو دور مراقبة مدى ملائمة النظام الأساسي للقانون التنظيمي للأحزاب ، وهي عملية لا يتوقف عليها سريان النظام الأساسي، مادام أن من يفصل هو القضاء وليس الداخلية . ولو كان إرادة المشرع تنصرف إلى إيقاف سريان النظام الأساسي إلى حين التصريح به لعبر عن ذلك بوضوح خاصة في المؤتمر التأسيسي .

وما يؤكد هذه القراءة هو ان طعن وزارة الداخلية في أي تعديل للنظام الأساسي لا يوقف العمل به وإنما يظل ساريا إلى حين بث المحكمة في الطعن المقدم أمامها، وهو ما يفقد القراءة الأولى للنص أي معنى .

ويتضح ذلك أكثر من خلال مقتضيات المادة 13 التي يستنبط منها أن الحزب يعتبر مؤسسا قانونيا ما لم يكن أساس الطعن المقدم من طرف وزارة الداخلية يستند إلى مخالفة مقتضيات المواد 4 و6 من نفس القانون . (المادة 4 تنص على إبطال تأسيس كل حزب على أساس ديني أو لغوي أو عرقي …. والمادة 6 تحدد شروط ومحتويات ملف تأسيس الحزب السياسي ).

وهو ما تؤكده الفقرة 4 من نفس المادة التي تمنح صلاحية إيقاف نشاط الحزب إلى حين البث في طلب وزارة الداخلية لرئيس المحكمة الإدارية بالرباط بصفته قاضيا للمستعجلات بطلب من وزارة الداخلية .

بل الأكثر من ذلك فانه لا يمكن الحد من الإرادة الحرة للمؤتمرين التي تعتبر مبدأ دستوريا ، وهي الأصل وأن القيود التي يوردها عليها القانون مرتبطة في بهاجس الدمقرطة طبقا للفصل السابع من الدستور ، ولا يمكن الحد من سريانها بتصريح يقدم لوزارة الداخلية ، مادام المشرع حدد أجلا لذلك ، وكان يمكن للمشرع ألا يحدد أي اجل للتصريح ، ويكون التعديل ساريا من تاريخ التصريح به كما عليه الأمر عند التصريح خارج الأجل .

إلا أن تحديد المشرع لأجل 30 يوما للتصريح إنما هو بهدف اطلاع وزارة الداخلية بأي تعديل داخل اجل قصيرة ( 30 يوما ) لتتخذ الإجراءات اللازمة في حالة مخالفة القانون ، وذلك باللجوء إلى القضاء لإيقاف التعديل المقصود ، وهو ما يتضح أيضا من خلال الآجال القصيرة التي حددها القانون لبث المحكمة في مثل هذه الحالات .

وتجدر الإشارة أخيرا إلى أن المؤتمر الوطني السابع لحزب العدالة والتنمية المنعقد خلال سنة 2012 قد عدل العديد من مقتضيات النظام الأساسي للحزب وفعلها مباشرة أثناء المؤتمر وقبل أي تصريح بها (مثلا المادة 26 من النظام الأساسي الجديد التي تحدد عدد أعضاء المجلس الوطني وتركيبته)

أما بخصوص التعديل المقترح على المادة 16 فهو قانوني من حيث موضوعه وليس مخالفا بشكل مطلق لقانون الأحزاب فالمادة 29 منه تتحدث عن تحديد مدة الانتداب وعدد الانتدابات وهو أمر يستجيب له التعديل المقترح بالحرف، ولا مجال للحديث عن غير ذلك ، باستثناء إذا كان تولي الأستاذ عبد الإله ابن كيران للأمانة العامة للحزب هو المخالف للقانون فهذا أمر آخر .

وارى أن نقاش المادة 14 بهذه الكيفية ليس سليما ، وان الدعوة اليوم هي من اجل رفع وزارة الداخلية ليدها عن الأحزاب السياسية ، وليس العكس ، وهو ما اقره المشرع بجعل القضاء هو الجهة التي تحسم في أي إشكال يطرح على هذا المستوى ، على عكس ما كانت عليه الممارسة في ظل القانون القديم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *