منتدى العمق

علمنا العربي

ماذا لو استيقظ كل مواطن عربي صباحا ووجد نفسه في موطن آمن ينعم فيه بكل الحقوق والحريات، يذهب للمشفى ويلقى العلاج دون أن ينتظر ليال وأيام ، يقضي أموره الإدارية دون أن يدفع الرشوة، يملك معاشه لا ينتظر الخير من المحسنين ولا يظطر للتدافع من أجل الزيت والطحين، يدرس في مؤسسة مرافقها وكوادرها جيدة، ونظام تعليمي ممتاز يساهم في تكوين الأفراد ويؤدي إلى تقدم المجتمع، الشرطة في خدمته وليست كابوسا في حياته، القضاء ينصف المظلوم ويعاقب كل فاسد على فعلته، المسؤول السياسي يشتغل من أجل مصلحة الوطن والمواطنين وليس في خدمة القوي ومن يملك المال.

الرئيس، الوزير، البرلماني تفرزهم صناديق الإقتراع وليس الإنقلابات، العسكرية منها والسياسية، الحاكم مجند لخدمة شعبه، إنجازاته وأعماله هي التي تحكم عليه،لا يحكم باسم الدين، الفرد مواطن وليس رعية، يحق له أن يتظاهر ويعبر عن رأيه كيفما أراد، لا يمنعه من ذلك جيش ولا أمن ولا رجال سلطة، الصحافة حرة ومستقلة، تكشف الحقائق وتنير الرأي العام، وليس سلاحا في يد الدولة، تهاجم به من تشاء وتنشر به الجهل والغباء بين أفراد المجتع، نسبة البطالة، الجهل، الأمية، الفقر شبه منعدمة لأن الدولة تحاربها جميعا وتملك مخططات، التنمية مرتكزة على البشر وليس على الحجر.

الشيخ، الفقيه والإمام ينطقون بالحق ويسايرون قضايا العصر والمجتع، ولا يتحدثون بلسان ولي الأمر خوفا أو طمعا، كلامهم منطق وعلم وواقع، وليس قراءة لخطب وزارة الأوقاف والشؤون، ثرواث وخيرات البلد لأبنائه وتبقى فيه، لا تذهب إلى الأبناك السويسرية وإلى ما وراء البحار، الناس كلهم واعون ومثقفون، لا يستغبيهم رجل السياسة بأقواله ولا يستطمعهم بدراهمه، المستقبل ملامحه مزدهرة فلا يظطر الشباب إلى الهجرة برا، جوا أو بحرا، فكرامتهم محفوظة في وطنهم، فلماذا الهجرة إلى بلاد “الكفار والمشركين”، الأستاذ رجل مقدر ومحترم بين الجميع، مستواه المعيشي جيد ولا يظطر إلى الإقتراض من البنوك.

أفراد المجتمع نفسهم يعيشون من أجل هذف وليس من أجل الأكل والشرب فقط، يحترمون الإختلاف فيما بينهم، ولا يحتقرون الضعيف، الكبير فيهم موقر والصغير معزز مكرم، النظام والعمل الجاد يجمعهم، لاتكثر فيهم صفات الجهل، الكسل والفساد…، كل يتقن عمله ويحرص على التفاني فيه، ديني، لوني أو عرقي لا يسبب لي أي مشكلة، فأنا مواطن في الدستور والقانون، الذي يحترمه الجميع بدون استثناء، فهو صمام الأمان، يحمينا ويساعد على استمرارنا أحياء.

نعم هذا هو الوطن الذي أحلم به أنا وأنتم، لكن هل يمكن أن يتحقق يوما ما، هذا ما لا أعرفه ولست متأكدا منه، فأينما ولينا وجوهنا في عالمنا العربي، رأينا المآسي والحروب، الظلم والعدوان، الفساد والظلام، الجهل والعذاب، الخنوع والإنبطاح، الحكام باعو أنفسهم وتنازلو عن ثوابت الأمة ومقدساتها، وآخر الصيحات “القدس عاصمة لإسرائيل”، وبينما أموال البترول تشتري سلاح الأمريكان وتقتل الأطفال في اليمن الحبيب، شيوخ السلطان يفتون في شروط الصلاة وطريقة الوضوء.

إن الحديث عن مستقبل زاهر في العالم العربي هو مجرد هراء، ولمن أراد التأكد ما عليه إلا بمشاهدة التلفاز، فأخبار الحرب في سوريا تبعث على الإشمأزاز ، والسكان إما لاجئون أو محاصرون، أما اليمن حدث ولا حرج، انتشار الجوع والأوبئة، والأطفال هم أكبر الضحايا، أما فلسطين فهي أمر مزعج لحكامنا ولطالما كشفت نفاقهم أمامنا، فكيف يعقل أن نشكل التحالفات لمحاربة ومحاصرة الإخوة والجيران، بينما أرض الأجداد تغتصب، ولا من يحرك سبيلا، ألا تستحق القدس تحالفا يدافع عنها؟.

لقد أصبح العالم العربي مثل الجحيم أبناؤه إما في السجون أو لاجئين أو مقتلون، وعلى أمل أن يستيقظ ضمير هذه الأمة، يستمر مسلسل المآسي والإنكسار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *