وجهة نظر

من صميم العبودية الحديثة: الواقع و البدائل

فقط قبل سبع سنوات، أو أقل ، كان قانون النظام الأساسي لرجال التربية و التكوين يسمح لهم بالإستفادة من التقاعد النسبي عند إتمام 15 سنة من الخدمة الفعلية بالنسبة للنساء، و 21 سنة بالنسبة للرجال. الآن، و تحت طائلة إصلاح نظام التقاعد (2015)، أصبح القانون يفرض على رجل التعليم اشتغال 10 سنوات إضافية حتى يتسنى له الخروج بتقاعد نسبي يحرمه من 1000 إلى 1500 درهم من راتبه الشهري. هذا فضلا عن الزلازل و التعرية التي تكون قد لحقت صحته و معنوايته على مدى “الفورفي ديال 10 دلعِيمانْ” التي قدمها لزبونته المشغلة، الوزارة، كرها، لا طوعاً.

هل هذا فعلا منطق سليم لتدبير الموارد البشرية بالمملكة؟

لماذا لا يَسمحُ – بل بالأحرى لماذا يَحْرِمُ – القانون الموظف من بدائل عديدة قد تُشكل إضافة نوعية للرأسمال البشري الوطني؟ فطبقة ورجال و نساء التعليم طبقة متميزة و تحمل أفكارا و مشاريع يمكنها أن تشكل الإستثمار الحقيقي و المقاولة المواطنة الحقيقية التي تلهث وراءها الدولة داخل الحدود و وراء البحار، و لسانها لا يزال رطبا بذكر فضائلها على التشغيل و المشاركة في تمويل التنمية المحلية.

من جهة ثانية، لماذا تعتمد الجامعات المغربية في تعيين حاجتها من هيئة التدريس على شريحة من حاملي شواهد عليا لا تجربة مهنية أو مدنية لها و لا احتكاك لها لا بالواقع المحلي و لا الدولي لأن – و لا أعمم هنا – معظم مُكوناتها كان لا يُقْبَل في عند الإنتقاء الأولي الذي كانت تقوم به الجهات الُمشغِّلة/ المُوظِّفة، و بالتالي يبقى خيار مواصلة الدراسات العليا هو المُتاح أمامها. أضف، إلى ذلك طرق التسجيل بمسالك الماستر و الدكتوراه بالمغرب و أوجه الاختلالات التي تَشوبُها. ولعل حالة الجمود و الغياب التام عن الساحة الفكرية و الثقافية و التأطيرية لغالبية “الأطر الجامعية” و الغياب الكلي لجامعاتنا عن التصنيف الدولي (بل حتى العربي) لخيرُ دليلٍ على حالة الشلل الكُلية التي تعيشها كُلِّياتنا.

أو ليس من مسؤولية الدولة أن تعمل على تدوير (recycling) الرأسمال البشري بطرق عادلة للطرفين – الدولة/ الموظف- وِفْق مبدأ رابح / رابح (win/win)، فتَسمح ، بل و تعمل على توفير الشروط الذاتية و الموضوعية، للموظف (مرأة/ رجل التعليم هنا) بالعودة إلى مدرجات و مراكز البحث الجامعية من خلال فتح مباريات أو السماح بالتقاعد النصف النسبي (مثلا بعد 10 سنوات من الخدمة)، و بالمقابل تفتح مناصبهم الشاغرة للخريجين الجدد. أوَ لَيس الأستاذُ العائدُ للجامعة مجددا سيكون في وضع يسمح له بالتفرغ للبحث العلمي و الإنتاج الفكري بالنظر لاستقراره المادي و الأسري(العاطفي) و تجاربه الميدانية و الاجتماعية المختلفة التي اكتسبها على مدى سنوات العمل؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *