أدب وفنون، حوارات

الكاتب اليمني عمران: أعمالي انعكاس لثقافتي وبنيتي الاجتماعية

“طقوس الإبداع” .. نافذة ثقافية تفتحها جريدة “العمق” لقرائها الأوفياء من أجل تقريبهم إلى عدد من المبدعين والقصاصين والشعراء والزجالين والروائيين، الذين نبحر معهم في عوالم مخاض النص. كيف يكتبون ومتى وأين؟ وما هي حالتهم وهم يبصمون على النص بعد اكتماله؟ كيف هي نفسيتهم، شعورهم وإحساسهم، قبل وبعد الولادة النهائية لإبداعاتهم؟

جريدة “العمق” تستضيف في هذا السلسلة ضمن نافذة “طقوس الإبداع”، كاتب القصة القصيرة والروائي اليمني محمد الغربي عمران، الذي تنقل في بداية سنواته بين السودان والسعودية حتى عام “1980”، حيث عاد إلى اليمن ولم يغادرها إلا لمشاركات ثقافية.

عمران، معروف بروايته المثيرة للجدل “مصحف أحمر”. وهو أيضا وكيل سابق لصنعاء. ولد في ذمار ودرس التاريخ في الجامعة وحصل على درجة الماجستير في هذا التخصص. كتب خمس مجموعات من القصص القصيرة، وهي القصص التي تُرجمت إلى اللغتين الإنجليزية والإيطالية.

فاز ضيفنا خلال مسيرته الأدبية بعدد من الجوائز عن أعماله القصصية والروائية، حيث حصلت روايته “ظلمة يائيل” على المركز الأول ضمن جائزة الطيب صالح في دورتها الثانية عام 2012. كما نالت رواية “مملكة الجواري” جائزة كتارا في دورتها الثانية سنة 2016، غير أن الجائزة حُجِبت كون الرواية نشرت قبل إعلان الفوز بشهرين.

وكشف محمد الغربي عمران، أنه يستعد لاستصدر رواية جديدة خلال الأشهر القادمة، وهي الرواية التي ستناقش عدة قضايا إنسانية؛ منها قضايا المرأة في ظل تطور الفكر الإنساني، إضافة إلى قضايا وجودية تتماس بالدين والفكر والوعي المجتمعي وما يشغل العقل.. وكذلك قضايا الدين وأثره على الصراع المستمر باسم الله واستغلاله سياسيا.

إضافة إلى ذلك، فإن ضيفنا في هذه النافذة له خمس إصدارات قصصية هي: “الشراشف” و”الظل العاري” و”حريم أعزكم الله” و”ختان بلقيس” و”منارة سوداء”، فيما كشف لجريدة “العمق” أنه يعكف حاليا على إعداد على عمل روائي جديد يخطط لإصداره في عام 2020.

وفي مايلي نص الحوار:

في أي وقت تكتب في الصباح أم المساء؟

الأوقات دوما مناسبة لي. الغالب أقرأ بعد استيقاظي من النوم لساعات. ثم أذهب حتى الثالثة عصراً في شؤوني الحياتية، ومن السادسة حتى التاسعة مساء أكتب.. وليست قاعدة تلك.

هل تمارس الكتابة وأنت في حالة فرح أم حزن؟

في كل الحالات.. لأن يومي استهلكه في العادة بين القراءة والكتابة.. والمشاعر تتخلل ذلك.

كيف تكون وأنت تستعد لطقس المخاض؟

كمن يلتقي بحبيب أو صديق..

هل تكتب النص دفعة واحدة أم على مراحل؟

الاشتغال في العمل الروائي يمر بمراحل.. نضوج الفكرة.. ثم الصياغة الأولية ويتطلب العمل يومي .. ولذلك أكتب يوميا حتى أنتهي من المسودة الأولى.. ثم قد أتركها لشهر أو شهرين وأعود لقراءتها وأثناء ذلك أراجعها من أول كلمة إلى آخرها.. النص الروائي لا يستغرق في كتابته الأولى بين أربعة إلى ستة أشهر .. ثم تأخذ المراجعات من سنة إلى سنة ونصف.. قراءة أولى وثانية وثالثة.. فروايتي الأخيرة “مملكة الجواري” الصادرة مؤخراً من بيروت دار هاشيت انطوان عاودت مراجعتها ثمان مرات حتى استقريت على النص النهائي.

هل تكتب في أي مكان أم في مكان هادئ؟

لا أروع من الهدوء حتى أسمع ما تهمس به شخصيات العمل وأتابع ردود أفعالهم فيما بينهم وأدونه.

هل الكتابة مؤرقة أم خلاص؟

مع أعمالي الأولى كنت أشعر بعبء الكتابة.. الأن هي خلاص ودوما أرحل إليها وأشعر براحة وتآلف بعيدا عن جو الحرب الذي تعيشه اليمن.

 

تحضر تيمة التاريخ بكثافة في روايتك ما السر في ذلك؟

الرواية عادة ما تكون بصيغة الماضي والماضي تاريخ.. لكني لا أكتب التاريخ بل أستدعي بعض أحداثه وشخصياته لأنسج معاناة اليوم.. فما نعيشه من حروب وصراعات دينية وعرقية نتاج لأفكار وأحداث الأمس.. ومجتمعاتنا غارقة في الماضي ولا تعيش الحاضر أو تستعد للغد. ولذلك أجد ذلك من الخصوبة بمكان لأكتب.

رواية “مصحف أحمر” خلقت جدلا في اليمن، ماذا عن المنع؟

مصحف أحمر تعالج دورات العنف الديني .. فلو نظرت إلى تاريخنا ستجده دورات متعاقبة من الاقتتال باسم الله.. الكل يدعي غيرته على الدين كذبا.. وادعاء امتلاك الحقيقة.. وكلهم عينهم على التاج والمال.. مصحف أحمر تشير إلى ذلك.. كما يدعو أحد شخصياتها إلى أن الأديان في النهاية دين واحد.. فلماذا الصراع؟

ولذلك منعت من التوزيع في اليمن ومنعت في أكثر من معرض عربي كالرياض والكويت .. وحتى الآن هذه الرواية مظلومة. مع أنها رواية عادية.

في تعريفك الرواية قلت هي تخيل جميل لقبح الواقع، ماذا تقصد؟

تخيل مسارات لحياة أكثر جمالا من قبح نعيشه. بمعنى الواقع بوطأة العنف والتسلط يمكن للروائي أن يخلق حياة موازية متخيلة أكثر روعة.

هل تتفق مع الرأي القائل بأن “الجوائز لا تصنع نصا جيدا”؟

الجوائز عمل إيجابي.. لكن النص الجائز ليس بالضرورة هو الأفضل.. بل هو ما استساغته لجنة التحكيم.. فلو قدمت نفس الأعمال للجنة أخرى لفازت أعمال أخرى.. والكاتب إن كتب من أجل الجائزة يفقد في نفسه أشياء جميلة.. علينا أن نكتب بحرية سقفها السماء فحسب.

ماذا عن الوضع السياسي باليمن وهل له تأثير على كتاباتك؟

الدين ومشتاقته من مذهبية وسلالية.. صراع قديم بشعارات جديدة.. دوما اليمن تخرج من معارك تفرضها دول الجوار.. سنة الخليج وشيعة ايران وبالطبع المشهد الأدبي يعيش أسوأ أوضاعه في اليمن.. لكننا نهرب مما نعانيه بالكتابة.

زرت المغرب وتم الاحتفاء بك بخنيفرة، ماذا بقي عالقا بذاكرتك عن المدينة وأهلها؟

المغرب من يزوره مرة يتوق إليها الف مرة.. بدعوة من معرض الكتاب زرت المغرب في 2014.. وكانت لخمسة أيام.. لأذهب بعدها إلى أجمل المدن.. نسيت نفسي لما يقارب الشهرين من مدينة إلى أخرى.

ومرة أخرى بدعوة من جمعية الأنصار في خنيفرة مشكورين.. ذهبت بعدها أجول في المدن المغربية لما يقارب الشهر.. لا شيء عالق.. بل تسكنني المغرب. مثقفيها.. مجتمعها مدنها التي أبهرتني بتراثها من أكادير إلى مراكش .. ومن قلعة السراغنة إلى الصويرة.. ومن فاس إلى مكناس وبني ملال إلى مدن الشمال طنجة والناظور… الخ. تلك المدن باذخة الجمال.

لا يمكن لتلك الأيام التي كنتها في خنيفرة أن تنمحي بتفاصيلها الصغيرة.. وتلك الباقة من أدباء المغرب وروعة وسماحة الأخلاق المغربية.. وكم كانوا كرماء بجولاتنا إلى البحيرة.. وتلك الطبيعة بينابيعها وجبالها وأشجارها.. المغرب موطن الإنسان النقي.. الإنسان الشفيف.

ثلاث كلمات ماذا تعني لك: الحب / المرأة / اليمن؟

الحب: على من لا يسكن قلبه الحب أن يرحل فورا

المرأة: كائن مقدس

اليمن: جزء من مجتمع إنساني أتمنى أن تتخلص من تبعات الماضي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *