وجهة نظر

المغرب…لا ديمقراطي و لا ديكتاتوري!

مع انطلاق موسم الحصاد تتباهى الدول باعتلاء أعلى المراكز في التصنيفات. تباه لا يقتصر على الدول المتقدمة كما قد يعتقد البعض! هناك دول نامية و “متخلفة” قطعت أشواطا في التميز، و لو في مجال واحد أو اثنين، كحال بتسوانا و الشيلي في مؤشر الحكومات الرشيدة، أو إستونيا التي وصلت عتبة100 % في استعمال الإنترنيت في كل المعاملات داخل الدولة.

بلدنا العزيز افتتح الموسم برتبة 134 في مؤشر حرية الصحافة ضمن 180 دولة، بخطوط حمراء لا تنفك تتسع لتدخل تحت ظلها، ليس فقط الملكية و الإسلام و الوحدة الترابية، بل كل من له صلة بالإدارة الفعلية للدولة و احتكار مراكز القرار و الثروة. ليبقى “نُباح” صحافتنا مقتصرا على الهوامش، مرة منددا بتدخل أمني عنيف خلال تظاهرة، و أخرى متابعة لحركة أموال معارضي الدولة بسيل معلوماتي مخابراتي مُعتبر.

ثاني النقاط المشرفة رتبة 101 عالميا ضمن 167 دولة في مؤشر الديمقراطية في العالم لسنة 2017، الصادر عن وحدة دي ايكونوميست انتيليجانس للأبحاث و التحليل التابعة لمجموعة دي ايكونومست البريطانية.

المعدل العام للتلميذ الكسول 10/4.87، مدرجا ضمن فئة الدول الهجينة (39) ، خلف الديمقراطيات الكاملة: 19 دولة، و الديمقراطيات المعيبة: 57 دولة (ضمنها تونس برتبة 69)، و أمام 52 بلدا سلطويا بما تحمله الكلمة من معنى.
أهم نقاط دولة الحق و القانون كانت المسار الانتخابي و ألتعددي: 5.25، العمل الحكومي: 4.64، المشاركة السياسية 4.44، الثقافة السياسية 5.63 و مؤشر الحريات العامة: 5.63.

حالة النفاق السياسي التي يعيشها وطننا تبعت على القلق، فإذا كان وضع الديكتاتوريات واضحا تحت سيطرة حاكم واحد قد ينهب الملايين، غير أنه يذخر على الدولة مئات المليارات التي تلتهمها الانتخابات و المؤسسات و الأحزاب، فإن المنافق زئبقي بذيل سمكة، “ما تعرف منين تجيه”!

ديكتاتوريات غالبا ما تكون موجِزة في العقاب دون سُنة “التحقيق الذي يذهب بعيدا”. نرى حاكم كوريا الشمالية يتأكد من جودة محافظ أطفال مُتقنة الصنع مهددا بإعدام المقصرين، و صدام حسين (خلال عصره الذهبي) يضع المهندسين و العمال الذين يشيدون الجسور تحتها، لتسير فوقها الدبابات فتتأكد من صلابتها. ديكتاتوريات منها من عمل بجد لبناء شعبه و دولته رغم الانتشاء بأفيون السلطة، كحال جنرال يدعى فرانكو ترك إسبانيا ببنية تحتية متينة، و بشعب مثقف مهيئا للديمقراطية.

النظام الهجين يستعمل الخاصيتين فيما لا ينفع، فهو تشاركي في توزيع كعك الصفقات على المحظوظين، انتقائي في العقاب، ديمقراطي في توزيع الفقر، سلطوي في احتكار الثروة، متساهل في تظاهرات الشواذ و القبل الجماعية أمام البرلمان، حازم في قمع تجمعات المظلومين “غير الرخص لها”.
مؤشرات أخرى تدق ناقوس الخطر حول الأمن الاجتماعي داخل أجمل بلدان العالم.

آخر إحصاء لثروة الأمم الصادر عن البنك الدولي أفاد بتراجع قدرة المغاربة على الادخار ب75%، من 400 دولار للسنة إلى 100 دولار للسنة خلال العقد الأخير.عقد عرف تضاعف ثروة المغرب مرتين، بينما لم يرتفع دخل المواطنين سوى ب 45%، في وقت قفز معدل الدخل الفردي للإنسان التركي 3 أضعاف!
و لأن سلوكيات الدولة من سلوكيات مواطنيها و مسئوليها، فأن ذات النفاق ينطبق على وزيرة للشؤون الاجتماعية تصرح أن 20 درهم في اليوم كافية لإخراج المواطن المغربي من دائرة الفقر. الوزيرة “الحقاوي” نقلت “الكُفر” عن أعلى مؤسسة منوط بها رسم خارطة مستقبل المغاربة: المندوبية السامية للتخطيط. سُمُوٌّ لا يظهر في معايير المندوبية المعتمدة، كاعتبار معدل 3 ساعات عمل أسبوعيا كفيلا بإخراج الشباب من ظلمات البطالة إلى نور العمالة!
وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *