مجتمع

“أنا صحافي ضد التطبيع”.. إعلاميون ينددون بزيارة صحافيين مغاربة لـ”إسرائيل” (صور)

أثارت زيارة وفد إعلامي عربي يضم 5 مغاربة، إلى الكيان الصهيوني، تلبية لدعوة وزير خارجية الاحتلال، استنكارا واسعا بين صحافيين من مختلف المؤسسات الإعلامية بالمغرب وخارجه، معلنين تبرأهم من الزيارة، في حين عبر بعض الصحافيين الذين زاروا “إسرائيل” عن افتخارهم بهذه الخطوة وإشادتهم بدولة الاحتلال.

وتبرأت النقابة الوطنية للصحافة المغربية من الزيارة التي قام بها الوفد الإعلامي لدولة الاحتلال الصهيوني، معتبرة أن الزيارة “تدخل في خانة الدعاية السياسية لإسرائيل، ولا علاقة لها بممارسة مهنة الصحافة”، لافتة إلى هذه الخطوة هي “محاولة لاختراق موقف الشعب المغربي من القضية الفلسطينية، وكذا المواقف الرسمية المغربية الثابتة من هذه القضية ومن وضعية القدس”.

وطالبت وزارة الإعلام الفلسطينية، أمس الخميس، من اتحاد الصحفيين العرب، بمعاقبة 9 صحافيين عرب، من بينهم 5 مغاربة، والمؤسسات التي يعملون لديها، بسبب زيارتهم للكيان الصهيوني، داعية إلى وضع الصحافيين التسعة ومؤسساتهم، إن كانت توافق على هذه الزيارة، على “القائمة السوداء، ووقف أي تعامل معهم”.

“أنا صحافي ضد التطبيع”

ومباشرة بعد كشف زيارة الصحافيين المغاربة لدولة الاحتلال، انتشر هاشتاغ “أنا صحافي ضد التطبيع”، و”زيارتهم دعم لجرائم إسرائيل” و”زيارتهم رصاصة”، بين إعلاميين ونشطاء مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، للتعبير عن رفضهم لهذه الزيارة ووصفها بأنها خطوة تطبيعية وتجميلية لوجه الكيان الغاصب.

البرلمانية والناشطة الإعلامية حنان رحاب، أوضحت في تدوينة لها على حسابها بفيسبوك، أن ثلاثة ممن زاروا الكيان الصهيوني لا يحملون بطاقة الصحافة المهنية حسب لوائح الصحافيين المهنيين الصادرة عن وزارة الاتصال برسم سنة 2017، لافتة إلى أن منهم من لا تجمعه أية علاقة رسمية “عمل” بأي مؤسسة صحفية، متسائلة بالقول: “إذا كيف يتم الحديث عن زيارة وفد إعلامي مغربي؟”.

واعتبرت رحاب أن الأمر فيه انتحال صفة واضحة تضاف إلى جريمة التطبيع، مشددة على أن “الكيان الصهيوني رمز للإرهاب والعنصرية والتطرف في العالم، وكل مساحيق التجميل لن تخفي جرائمه في حق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة”، بينما أشار الصحافي يونس الزهير إلى أن “زيارة دولة الوهم والتصافح مع القتلة خيانة ونذالة وحقارة”، وفق تعبيره.

الصحافية المغربية بموقع قناة الجزيرة، سناء قويطي، أشارت إلى أن “المطبع يرى أن الأرض المقدسة ليست بالقداسة المظنونة، فيستوي عنده احتلال الإسرائيلي للقدس على احتلال غيرها من الأمكنة، ويشتغل على ترويض نفسه على كسر الموانع، فكما هان عليه رفع القدسية على القدس والمسجد الاقصى يهون عليه مستقبلا أن يرفعها عن المسجد الحرام ومكة”.

وقال الناشط الإعلامي المغربي والصحافي بقناة الجزيرة مباشر، يوسف بناصرية، إنه “ربما لا يعلم الاحتلال الصهيوني أن الخطوات التي ينهجها للتغطية على جرائمه وتلميع صورته أمام العالم ومعها الخطوة الأخيرة بالتنسيق مع الصحافيين العرب التسعة، كلها فاشلة ولا جدوى منها أمام ممارساته الإرهابية وحربه العدوانية على شعب يقاوم لأجل أرضه وعرضه”، مردفا بأن من يزور الكيان الصهيوني “لا يمثلني بتاتا ولا يمثل الجسم الصحافي المغربي ولا العربي”.

من جهته لفت الناشط الإعلامي حفيظ زرزان إلى أن الناشطة الحقوقية والإعلامية المغربية، والتي تنتسب للحركة الأمازيغية، سميرة بار، لا تتحرج من كونها تذهب للتطبيع، بل وتضع على حسابها صورتها مع “افيخاي ادرعي” الناطق باسم جيش الاحتلال.

وتساءل في تدوينة له بالقول: “هل يتحرك الصحفيون ووزارة الاتصال ولجنة القدس ضد من باع فلسطين مقابل نرجيلة وطعام وتذاكر ومال بحيفا وتل أبيب؟”، معتبرا أنه من المفترض أن تكون وزارة اتصال على علم بالصحفيين الخمسة المطبعين مع الاحتلال باسم المغاربة، محملا نقابة الصحافة وفدرالية الناشرين مسؤولياتهم، داعيا إياهم إلى إعلان مواقفهم من الموضوع.

وأضاف أن “الوفد المطبع الذي ذهب ممثلا للجسم الصحفي المغربي وللبلد ككل، لم يذهب في تغطية صحفية عادية لنقل وقائع كما يفعل المراسلون عادة، الذين ترسلهم قنوات أو إذاعات أو جرائد، بل ذهبوا بدعوة رسمية مدفوعة من الكيان الصهيوني، تشمل كل النفقات والسفريات والتجولات والمنتزهات والأعطيات والغلافات المالية طبعا”.

إشادة بـ”إسرائيل”

بالمقابل، عبرت صحافيتان ضمن الوفد الإعلامي المغربي المشارك في زيارة الاحتلال “الإسرائيلي”، عن افتخارهما بهذه الخطوة وإشادتهما بتعامل المسؤولين الصهاينة ومؤسساتهم، معتبرين أن زيارتهم تأتي في إطار إنساني، داعين إلى الاعتراف بأن “إسرائيل” دولة قوية في المنطقة.

الصحافية بجريدة الصباح المغربية، نورة الفواري، واجهت موجهة الانتقادات ضدها بالقول: انتمائي هو للإنسانية أولا.. التهم الجاهزة لا تعنيني بقدر ما يعنيني الاكتشاف والتعرف على الآخر الذي أعيش معه داخل قرية كونية صغيرة انتفت معها كل الحدود.. إسرائيل دولة قوية وسط “وطن” عربي منقسم ومشتت ومتخلف.. إنها أول الحقائق التي يجب الاعتراف بها.. زمن الشعارات الرنانة ودغدغة المشاعر ولى وانتهى والتاريخ يكتبه المنتصرون”، وفق تعبيرها.

وبينما حاول باقي الصحافيين المغاربة التستر عن أسمائهم، كشفت جريدة “معاريف” الصهيونية، أمس الخميس، أن صحفية مغربية تدعى “سميرة بر” لم تمانع بنشر اسمها، قائلة: “استنتاجي هو أنه حيثما يوجد يهود يكون المكان هادئا، وأنا أقف وسأقف دوما إلى جانب إسرائيل”، بينما أوضحت الجريدة أن بعض أعضاء الوفد طلبوا عدم ذكر أسماءهم وعدم الإشارة إلى وسائل الإعلام التي يعملون فيها “خشية التنكيل بهم”.

وأضافت الجريدة الصهيونية أن سميرة بر، “تحدثت بشجاعة عن مسارها بصفتها صحفية عربية تعمل في المغرب وتكتب لوسائل إعلام أمريكية، وهي تقول إن “معادلة إسرائيل في الإعلام في العالم العربي بسيطة: فهي تُعرض دوما كقاتلة، عندما تتلقى صورة شخص يَقتل وشخصا يُقتل فان الإحساس لديك يكون بشكل تلقائي هو التضامن مع من يتعرض للقتل”.

وأشارت سميرة بر في حديثها مع كاتب المقال بالجريدة العبرية، إلى أنه “في المغرب، بخلاف أماكن أخرى في العالم العربي، يحق للصحفيين أن يقولوا كل ما في قلوبهم، حتى لو كان هذا تأييدا لإسرائيل”، مردفاة بالقول: “عندما أعلن ترامب عن القدس عاصمة إسرائيل، كانت في العالم العربي مظاهرات ومسوا باليهود وبمؤيدي إسرائيل، وهذا لم يحصل في المغرب، ملكنا يعرف كيف يحتوي الآراء الأخرى أيضا، ولكنه يرسم خطا لا يسمح للعنف بالاندلاع، في المغرب لا تزال قواعد احترام الآخر، سواء كان مسيحيا أو يهوديا”.

وبخصوص النزاع “الإسرائيلي” الفلسطيني، تقول الصحافية المغربية، إن “هذه الأرض كانت لكم (الإسرائيليين) قبل كثير من الزمن، نحن لا ننسى الكارثة؛ عندما كنت في (يد واسم) رأيت صورا من الكارثة، والتشبيه المزعوم بما يحصل الآن في المناطق لا يمكن أن يكون، لا توجد أي صلة، كنت في البلدة القديمة، رأينا المواطنين الفلسطينيين يعملون هناك، يعيشون حياتهم”.

وتابعت قولها: “عندما كنا في الحائط الغربي (البراق)، لم يتحدث أحد معنا ويسألنا إذا كنا مسلمين أو مسيحيين، اقتربنا من الحائط ووضعنا عليه اليد؛ كان إحساسا طيبا، ولكن بعدها صعدنا إلى المسجد الأقصى وهناك عليكِ أن تضعي الحجاب؛ من أجل أن أدخل إليه سألوني إذا كنت أعرف سورة الفاتحة؛ وماذا إذا كنت مسلمة ولا أعرف العربية؟ أبدوا لي ملاحظة بأن على الحجاب أن يخفي كل الرأس وما شابه، استنتاجي هو أنه حيثما يوجد يهود يكون المكان هادئا؛ وأنا أقف وسأقف دوما إلى جانب إسرائيل”.

زيارات متكررة

يذكر أنه ليست هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها صحافيون مغاربة، إلى الكيان الصهيوني، إذ سبق لعدد منهم أن قاموا بزيارته خلال سنة 2016 و2017، وهي الزيارة التي عرفت ضجة كبيرة داخل الأوساط الإعلامية بالمملكة، حيث أكدوا أنها لا تمثل المغاربة.

وكان صحافيون مغاربة، قد عبروا في وقت سابق، عن امتعاضهم من الزيارات المتكررة لوفود مغربية للاحتلال الإسرائيلي، معتبرين أنها طعنة للفلسطينيين وخطوة تطبيعية تعاكس إرادة المغاربة الرافضين للتطبيع مع الكيان الصهيوني، ومشددين على أن الصحافة يجب أن تظهر الحقيقة وتخدم الإنسان وليس الدفاع عن المحتل والقاتل والمغتص، وفق تعبيرهم.

يأتي ذلك بالرغم من أن أغلب الدول العربية تعلن أنها لا تقيم علاقات مع “إسرائيل”، فيما تتردد أنباء عبر الصحف “الاسرائيلية” بين الفترة والأخرى، تشير إلى وجود علاقات سرية بين العرب وإسرائيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *