منتدى العمق

المرأة في الأمثال الشعبية بين التمجيد والتحقير

شكلت المرأة ومنذ الأزل موضوعا مثيرا للجدل ، حيث تحدثت أعرق الحضارات عنها فاعتبرت الحضارة الإغريقية الطبيعة الأم امرأة واعطوها اسم غايا ، كما تناولها شعراء الجاهلية في قصائدهم تغزلا بها وبجمالها أحيانا أو هجوا لها وإقرارا بدهائها أحيانا اخرى ، وتحدث التاريخ عن بطولاتها إلى جانب الرجل ودورها في بناء الدولة الإسلامية ، هذا دون ان نغفل مشاركة نساء عظيمات في أخذ زمام الأمور إلى جانب ازواجهن وأرفعهن قدرا أم المومنين خديجة رضي الله عنها ، ومن المغرب زينب النفزاوية الملقبة بزوجة الملوك التي ساهمت بشكل كبير في تدبير شؤون حكم يوسف ابن تاشفين ، وط السيدة الحرة حكمت تطوان وزينب النفزاوية وفاطمة الفهرية التي كان لها الفضل في بناء جامعة القرويين جامعة التي تعتبر من أكبر الجامعات في العالم …الخ

ونتذكر بالأمس القريب مشاركة النساء المغربيات في عملية نقل السلاح إلى جانب رواد الحركة الوطنية كما لايفوتني أن أذكر بأن المرأة شكلت أيضا محركا رئيسيا في الثورات العربية او مايصطلح عليه بالربيع العربي حيث شاهدنا جميعا نساء في صفوف متراصة ومتلاحمة إلى جانب الشباب الثائر في ساحات الميدان رافعات شعارات تطالب بالكرامة والعدالة الاجتماعية كمطلب للجميع والمناصفة كمطلب خاص بهن .

تطورت وضعية المرأة إذا بتطور الزمن لكن حضورها في المخيلة الشعبية للمغاربة ظل يحمل في خباياه مجموعة من المفارقات العجيبة فنرى تارة فكرا يجمع على عظمتها وكيدها وتارة أخرى عن نقصها وضعف فعاليتها وذلك باعتبارها عورة الأحق ان تستر وضلعا أعوج لا يستقيم .

ويمكننا لمس ذلك عبر مجموعة من الممارسات التي تكرس إهانة المرأة وتحقيرها كالعنف والاغتصاب ومنعها من من حق دستوري كالتعليم وتزويجها مرغمة في سن مبكرة في مجموعة من المناطق النائية بالمغرب العميق ممارسات وأخرى لم ينجح في القطع معها لا منظمات نسائية أرى أنها تسوق للمرأة المستقلة صاحبة “الكاطكات والفيلا” على أنها صورة لجميع المغربيات وتتناسى نساء الحقول والمعامل المهضومة حقوقهم ولا الحقوق التي يكفلها الدستور للمرأة القاضية بالمناصفة والمساواة والتي أراها لا تغدو ان تكون حبرا على ورق ينفض من عليها الغبار في اليوم العالمي للمرأة لتحفظ في باقي الأيام وكأن نقاش إمكانية تنزيلها مجرد عادة سنوية لا غير .

ولا يمكننا أن نغفل في خضم نبشنا وتطفلنا على نظرة المغربي للمرأة عنصرا مهما ويتعلق الأمر بالأمثال الشعبية باعتبارها اساسا من الأسس المساهمة في سيكولوجية الفرد المغربي و حلقة مهمة من الحلقات الشاهدة على مجموعة من المعتقدات التي سادت في زمن ما ولازال بعضها سائدا لليوم فقول عبد الرحمان المجدوب “سوق النسا سوق مطيار ياالداخل رد بالك يوريوك من الربح قنطار ويديو لك راس مالك” والمثل القائل “ديرها فالرجال وترجاها ديرها فالمراة ولا تنساها” يقران بكيد المرأة ودهائها دهاءا يفوق دهاء الرجل حيث يمكن أت تذهب إلى خداعه برجاحة عقلها ، بخلاف “شاورها ولادير بريها” الذي يحمل في طياته نظرة أقل مايمكن أن يقال عنها أنها دونية وتحقيرية للمرأة إذ يؤكد على أن رأيها ضعيف جدا أمام سلطة الذكر ويعتبر فقط من الشكليات التي لا تحتاج تطبيقا ، “الرابح من المرا والخاسر من المرا” عبارة متداولة في الأوساط الشعبية و التجمعات النسائية على وجه الخصوص فإن ساءت أحوال أحدهم أو تحسنت بعد زواجه يرجع السبب إلى زوجته في غالب الأحيان.

وعن علاقة الفتاة بوالديها يقال “اللي ما عندو بنات ما عرفوه باش مات ” حيث ينظر للفتاة باعتبارها كاتمة الاسرار و”عمارة الدار” والمعني الأول والأخير بشؤون والديها وأمها على وجه أخص إن هذه العبارات المتداولة وإن كانت تعتبر في أحيان كثيرة مصدرا للترفيه و”تقرقيب الناب لاغير ” إلا أنه لا يمكننا أن ننكر أنها تمارس عنفا رمزيا على المرأة المغربية وتكرس العقلية الذكورية المهيمنة على تركيبة المجتمع كالمثل القائل “بنتك لا تعلمها حروف ولا تسكنها غروف ” ويحيل على ربط تعليم الفتاة بانحلال اخلاقها وانحرافها ، فيما ان المكان الأنسب لها هو بين الزوجية عملا بقول “الحرث بكري والزواج بكري” او “المراة ياراجلها ياقبرها” والذهاب إلى أن العنوسة هم ، لقول “الهم هم العزبة أما العزري يتزوج دابا”.

إذن بين تمجيد المرأة وإذلالها تتأرجح معاني ودلالات الأمثال الشعبية المغربية التي تتحكم بشكل كبير في توجهات كثير من الأفراد فيما يتعلق بموقفهم اتجاه المرأة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *