وجهة نظر

منظومة التربية والتعليم تحتاج لإصلاح شمولي وجذري وليس لإصلاحات شكلية متكررة

لقد كشف التخطيط الغير المعقلن،والتجارب الوزارية المتعاقبة حول تدبير التعليم عن أزمة حقيقية داخل منظومة التربية والتعليم،علما بأن هذه المنظومة عرفت سلسلة من الإصلاحات التاريخية،والتحولات البيداغوجية منذ الإستقلال إلى يومنا هذا،حيث لا أحد يمكنه أن ينكر بأن التعليم هو محور تقدم الأمم وأساس تطوره،ولأن تاريخ التعليم المغربي يبقى تاريخ الاصلاحات المتواترة فإننا نتساءل من داخل مؤسساتنا الحزبية اليوم، حول مدى هذه الإصلاحات الحكومية وأبعادها،وهل مكنتنا هذه الإصلاحات من تقديم إضافة ما أم العكس هو الحاصل؟ وهل فعلا نلمس اصلاحات جذرية أم أن الإصلاح الجذري والحقيقي يحتاج الى مقاربة تواصلية عميقة،والى تخطيط وقوة اقتراحية مسبقة تروم اغناء هذا الحقل العلمي وترجمة آفاقه؟

إن الحديث عن مسألة الإصلاح التعليمي بالمغرب يجرنا إلى ضرورة استحضار أهم المحطات التاريخية الخاصة بقرارات المراجعة والتحيين،حيث عرف المغرب مسار إصلاحي طويل،لكن هذه الإصلاحات تبقى جد ضعيفة من حيث تحقيق الهدف المنشوذ،والوصول الى البعد الايجابي،اللهم إذا كان مسألة الإصلاح فقط بالأوراق دون أن يتجاوز ذلك تفعيلها على أرض الواقع،مع العلم أن مستوى التعليم بالبلد هو الوجه المعبر الذي وصل إليه تدبير الشأن العام بالمغرب.

والجدير بالذكر أن الإصلاحات التي كانت مباشرة بعد الحصول على الاستقلال جلها شبه ايجابية،اذ في سنة 1957 قرر المغرب إصلاح التعليم الموروث عن الاستعمار، مع المناداة باعتماد المبادئ الأربعة : (المغربة، التعريب، التوحيد، التعميم) لإرساء نظام تربوي وطني،بالإضافة الى الدعوة لإجباريته و مجانيته مع توحيد المناهج و البرامج خلال مطلع سنة 1958،ثم احداث المجلس الأعلى للتعليم 1959م للتأكيد على ضرورة مجانية التعليم وتعميمه وطنيا.

وقد استمر مسلسل الإصلاحات،بطرق عدة تارة الدعوة إلى مناظرة،وتارة تشكيل لجان علمية وأكاديمية من أجل النهوض بهذا القطاع وتحقيق تطلعاته،كقطاع حيوي يشكل أحد الركائز الأساسية للتنمية،وفي هذا السياق سنقف عن المخطط الإستعجالي،وهو المخطط الذي كان الهدف منه، زرع نفس جديد في هذه المنظومة التربوية،اعتماداً على بيداغوجيا الكفايات و الإدماج، ومحاربة الهدر المدرسي، ثم تشجيع جمعيات دعم مدرسة النجاح…..

وعملا بالمقتضيات القانونية،ومن أجل النهوض بمنظومة التربية و التكوين أطلقت الوزارة الوصية شعار:”مدرسة جديدة من أجل مواطن الغد” أملا بأن يترجن هذا الشعار مرامي التدابير ذات الأولوية التي تسعى الوزارة من خلالها النهوض بتعليمنا في أفق 2030م، وذلك عن طريق تفعيل مجموعة من الأهداف كالتحكم في اللغة العربية و اللغات الأجنبية ودمج التعليم العام والتكوين المهني والتفتح الذاتي ناهيك عن تحسين العرض المدرسي والتأطير التربوي و الحكامة، إضافة إلى تخليق المدرسة وخلق تنافسية في مجال المقاولة بالتكوين المهني…

ولقد جاء الوقت لكي لا ننشر البهتان والكذب في صفوف الأشخاص الواعية،وليس من المقبول أن نتحايل عن ذكاء المغاربة،بل يجب البحث عن مكامن الخلل ووضع الأصبع فوق الجرح الذي ترك هذه المنظومة تنزف،اذ ليس من المعقول أن ندعي الإصلاح بأدوات الإفساد،أو محاولة الإصلاح وإصلاح الإصلاح و إعادة الإصلاح، بل كل الإصلاحات التي مضت بينت جليا بأن هناك غياب واضح وانعدام تام لنظرة استشرافية وشمولية واضحة المعالم،فبالرغم من هذه التجارب يبقى تعليمنا بعيداً عما يجب القيام به،وعلينا جميعاً أن نبني من جديد مسار الثقة بين المواطن والمدرسة العمومية،إذ مختلف التقارير والإصلاحات المتوالية كافية لكي نعترف بالحقيقة المرة قائليين بأن منظومة التربية والتعليم بالمغرب،تحتاج الى مراجعة دقيقة وشاملة تستجيب لتطلعات الطالب والباحث ومتماشية مع متطلبات سوق الشغل..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *