منتدى العمق

أش خصك العريان.. المهرجان أمولاي

يعتبر العمل الجمعوي ميدانا لتحقيق الطموحات في التغيير الاجتماعي ومكونا أساسيا من مكونات المجتمع المدني، ومجالا يمكن من خلاله تعلم وممارسة الديمقراطية، من خلال الانخراط في التعددية داخل المجتمع المدني الذي يعلمنا قبول التعددية كما نص عليها الدستور المغربي وباقي المواثيق الدولية، وكذا قبول الأخر كما هو دون تمييز، والعمل الجمعوي شكل من أشكال العمل العام الموجه لفئات الجماهير الواسعة وذلك حسب الهدف والمجال الذي حدد لهذا العمل. خصوصا إذا كانت الجمعيات تسترعي وتستحضر أولويات وحاجيات المجتمع دون الإنزياح وراء برامج وأنشطة لا تغني ولا تسمن في شيء في تنمية البلاد والرقي بها، في مصاف التقدم المجتمعي الذي هو من أولويات عملها والمنوط بها إلى جانب باقي مؤسسات التنشئة الاجتماعية.

إن المتتبع للشأن العام بدرعة و الجنوب الشرقي عموما، يلاحظ تنامي ظاهرة الجمعيات الثقافية بمختلف تلاوينها ومجالات اشتغالها، و يحتل العمل الجمعوي نظرا لمنافسته لعمل الأحزاب السياسية في مشاريعها وبرامجها؛ موقعا أساسيا ضمن مساحة اهتمام الشباب والطبقة الوسطى، ويعتبر رافدا رئيسيا من روافد العمل الجماهيري، سواء من حيث تشكيل إطارات ذلك العمل، أو من حيث حركيته ومساهماته من الموقع الخاص به في تغذية الصراع الاجتماعي في أبعاده الثقافية والايديولوجية، إضافة إلى كونه مجالا لتأطير المواطنين (اـت) تأطيرا جيدا يسهل عليهم امتلاك الوعي بذواتهم وبطبيعة الأدوار الموكولة لهم في معركة التغيير والتقدم.

هذا إن دل عن شيء فإنما يدل على ازدياد الحاجة للتجمع والتفكير الجماعي بغية حل مشاكل بشكل تشاركي تفاعلي بين كافة الأطراف التي تعنيها هذه المشاكل، هذا التكاثر والتنوع في النسيج الجمعوي أدى إلى تطوير تجربة الاشتغال وتنوع الخدمات المقدمة، حيث بدأت تظهر خدمات جديدة موجهة بشكل مباشر نحو المواطنين ومرتبطة أساسا بقيم الديمقراطية والمواطنة وتسعى إلى محاربة الفقر والأمية والتحرش الجنسي … بل امتدت لتشمل العمل الخيري والفلاحة والمرأة وغيرها مما يساهم لا محالة في التنمية المستديمة بالمنطقة التي تتواجد بها في مختلف الواحات.

لكن هذا لا يخفى عن أحد منا فمختلف هذه الخدمات ليست إلا أهداف وبرامج تظل حبرة على الورق تحتاج لجرأة و شركات متنوعة لتفعيلها، وفي ظل ذلك أضحت غالبية الجمعيات تتسابق لتنظيم مهرجانات فنية تدعي أنها تروم إلى التعريف بالموروث الثقافي المحلي للمنطقة خلال هذا الفصل من السنة ( فصل الربيع) الذي يشكل فترة مناسبة لها لعرض ذلك في إطار حيز زمني محدد وفق جدولة محدودة، لكن أليس من الأنسب العمل على القيام بمبادرات جمعوية للنهوض بالمنطقة من ناحية البنيات التحتية من طرقات و السعي رفقة الجهات المختصة بتزويد المنطقة بالماء الصالح للشرب، الذي لا زالت المنطقة تعيش من مرارته الشيء الذي حدى بالساكنة بتنظيم مسيرات إحتجاجية مطالبة بحقها في الاستفادة من الذهب الأزرق الذي تؤدي ضريبة الانتماء المجالي الصحراوي القاحل، أضف إلى غياب المستشفيات و المراكز الثقافية مع فك العزلة بين مختلف الدواوير والقصور….؟؟ حقيقة عندما نرى احتفالات من هنا وهناك يحز في أنفسنا غيرة كوننا من أبناء البلد فالحياة في طبيعتها تحتاج تقديم الأولويات و لا أحد يمكن ألا يتفق عن كون كل من التعليم والصحة والشغل المثلث الأساس لتقدم الشعوب والحضارات وعلى منوالها تقاس مؤشرات التنمية البشرية لدى الأمم المتحدة.

هنا لا بد من الوقوف عند دور كل من المجلس الجهوي والاقليمي والجماعات القروية، فبدل التزكية المقدمة لمثل هذه الأنشطة و تقديم تسهيلات لهم، بالأحرى الاهتمام بمطالب الساكنة و السعي وراء تنمية المنطقة لإخراجها من براثين الفقر و البطالة التي تلازم غالبية الساكنة حيث لا زالت تعيش في ظروف لا داعي لتحدث عنها وتشخيص الأوضاع فالكل على علم بذلك… ثم بالأحرى مساءلة وضعية المستشفى الاقليمي الذي يكاد يصلح لكل شيء سوى التكفل وعلاج المواطنين؛ أما إذا وقفنا عند باقى المراكز الصحية في مختلف الجماعات فتلك الطامة الكبرى، إذ تغيب فيها كل المستلزمات الضرورية، تم بالأحرى مساءلة الذاكرة وإشراك الباحثين والمتخصصين في ورشات وتنظيم ندوات علمية في مختلف المدارس و الثانويات ومقرات تلك الجمعيات التي لا نشاهد لها تحرك تظل مقفولة طوال السنة تنتظر بكل شوق حلول فصل الربيع لتفتح زهورها وتشيع رائحتها في مختلف الأقاليم.

إن على الجمعيات في سائر ربوع المملكة، والجمعيات المنصبة نفسها كشريك أساسي في التنمية داخل الواحات الست بدرعة، ذلك الشعار ( التنمية) ضمن مجموع كلمات أسمائها من قبيل التواصل و النهضة وإحياء التراث… أن تستوعب فكرة التنمية عموما والتنمية البشرية بالخصوص وأن تعمل على تنزيلها قلبا و قالبا تنزيلا يساير تطورات الاحتياجات المتسارعة لدى الفئات المعوزة و أولويات الإقليم من التنمية في المجتمع، وهنا بطبيعة الحال يكون تنزيل كذا مفهوم من واجبات الدولة أولا عبر تمرير سياستها ومخطاطاتها للمجلس الجهوي والإقليمي التي عليها أن تقوم بتكوين مسئولي الجمعيات المحلية بالجهة من أجل أن تتحول هذه الجمعيات إلى مراكز أو ” ماكينات” للتنمية الحقيقية التي تساهم بشكل أوتوماتيكي في تنمية العنصر البشري المنشود للنهضة والتقدم على الصعيد الوطني عامة. وليس التسابق والتهافت حول الاشعاع والركب على مشاكل الجهة، لا تم لا فمهمتها أولا وأخيرا الدفع بعجلة التنمية. تلك للأسف من شعارات تأسيسها، التي تظل بعد ذلك في خبر كان، وتصبح عبارة: “جْمعْ لْيًا” عوض الجمعية هي مسعى الكل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *