منتدى العمق

السيول الجارفة بايت بوكماز تؤكد استعجالية مطالب مسيرة 9-10 يوليوز الشعبية

ما كاد يمضي شهر على مسيرة الجماهير الشعبية لحوض ايت بوكماز، حتى تأكد الطابع الملح والاستعجالي للمطالب التي رفعتها المسيرة، و أوصلتها بعد يومين من المشي الى عامل اقليم ازيلال يوم 10 يوليوز 2025.

فقد انهمرت امطار رعدية غزيرة على منطقة ايت بوكماز ابتداء من مساء يوم الاحد 3 غشت 2025، وتتالت بعد ذلك، فنتجت عنها سيول جارفة اجتاحت عدة قرى، منها أيت أوهام وزاوية وادنز. وكالمألوف سببت السيول خسارات بالغة وأضرار في الفلاحة، ودمرت ممتلكات بعض الفلاحين، وتضررت مقاطع طرقية ومسالك قروية.

من المرجع، بفعل التغيرات المناخية، ان تتعاظم ظاهرة الأمطار الرعدية والسيول المترتبة . الأمر الذي يجعل مطلب السدود التلية لا يقبل أي تأجيل و لا أي مبرر. بل إن الخسائر و الأضرار التي يتكبدها السكان إنما تتحمل مسؤوليتها السياسية الرسمية التي لا تضع مصلحة القاعدة الشعبية العريضة ضمن اولوياتها.

فطيلة عقود صرفت ملايير الملايير لبناء سدود ضخمة لسقي أراضي كبار برجوازيي الزراعة المغاربة والشركات الأجنبية. ومعظمها موجه للتصدير، وبالتالي لإنماء أرباح الأقلية، بينما الجماهير الشعبية القروية، لاسيما بالجبال تعاني من انعدام سدود تلية، ويجري تحميلها خسائر في معيشها اليومي ومجمل حياتها الاجتماعية.

عين السلطات بصيرة ويدها ليست قصيرة
الحاجة إلى سدود تلية، وما يسببه انعدامها من أضرار للجماهير الشعبية بالجبل، ليسا غائبين عن أنظار السلطات على جميع المستويات، من المحلي إلى الوطني. وقد بلغتها ولا تزال اصوات الاستغاثة كلما جرفت السيول المحاصيل و الطرقات و حتى المباني. وليست بتاتا بحاجة إلى لمن يثير انتباهها الى الكوارث الناجمة ليس عن الأمطار بل عن انعدام السدود التلية.

السلطات تخدم مصالح الأقلية المحتكرة للثروة، وتترك الكادحين وصغار الفلاحين يواجهون المشكلات و المصاعب بلا نهاية. والامكانات اللازمة لتنفيد سياسة اجتماعية حقيقية تلبي حاجات الناس موجودة، لكنها تصرف في تشجيع الرأسماليين في جميع القطاعات، الاقتصادية و الاجتماعية، بالامتيازات و التسهيلات الضريبية والخوصصة و الاستثمار في خدمات التعليم و الصحة و تسليع كل شيء. هذا فضلا عن الميزانيات الطائلة التي تهدر في ما لا نفع فيه للشعب، وعن ما ينهبه الفاسدون على جميع المستويات.
الامكانات المالية موجودة، توجيهها هو المشكلة. يجب فرض توجيهها نحو تلبية حاجت الاغلبية الشعبية، وهي في الحالة التي نحن بصددها، بناء سدود تلية كافية لاتقاء الأضرار وجلب المنافع بالاستفادة من ماء السدود من جهة أخرى.

السدود التلية ضرورية للتحكم في السيول الجارفة، ولتغذية الفرشة المائية، وتعبئة موارد مائية لاغراض الحياة الاقتصاد ية والاجتماعية المحلية (التشجير، السقي، ماء شروب …)، وفيها دعم للتنوع الأحيائي لما تخلق من محيط مساعد للوحيش و للنبات.

ورغم اتضاح أن السيول وأضرارها باتت هيكلية بفعل التغيرات المناخية، الأمر الذي يشهد عليه المسنون بالمنطقة الذين يؤكدون انهم لم يسبق ان شهدوا الظاهرة، لا يوجد أي سد تلي في ايت بوكماز، و اكثر من ذلك ليس واردا ضمن ما هو مبرمج من طرف الجهات المختصة.

حسب وزير التجهيز و الماء الأشغال جارية في بناء 27 سدا تليا، وثمة 12 آخرى مبرمجة. وثمة قيد التحضير برنامج جديد للسدود التلية لفترة 2025-2027 تحت اشراف لجنة مشتركة بين الوزارات.
هذا غير كاف، للوزير نفسه أن أقر بان الميزانية المرصودة للسدود التلية لا تفي بالغرض، معترفا بــ “” “وجود تأخر في أشغال إنجاز السدود التلية بجهات المغرب، بسبب ارتفاع تكلفتها المالية مقارنة بالميزانية المرصودة لها”؛

. لهذا يجب تخصيص اعتمادات مالية كافية في مزانية 2026 للسدود التلية . ولن يتحقق هذا بالاستجداء، وليس توسلا و لا تسولا، بل مطالبة بحقوق مشروعة. لن يتحقق مطلب السدود التلية سوى بالمزيد من توحيد ارادة الناس، وتنظيمهم لانفسهم، كما بينت مسيرة 9-10 يوليوز التاريخية.

هي الامور كما لخصها الشاعر أحمد شوقي بقول:

وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي *** وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا
وَما اِستَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ *** إذا الإِقدامُ كانَ لَهُم رِكابا

لا طريق لنيل الحق في السدود التلية سوى الحفاظ على الوحدة الشعبية التي بناها اهالي ايت بوكماز، بمسيرتهم التاريخية، ومواصلة التعبئة والاستعداد لمزيد من الكفاح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *