وجهة نظر

مجلس الجهة والدور الاستثنائي لسلطة الوصاية

ما يميز الجهوية المتقدمة أن الدستور والقوانين المنظمة لها استبعدت سلطة الوصاية وأعطاها فقط حق المراقبة القانونية باﻹضافة إلى حقها في طلب إدراج نقطة في برنامج من برامج الدوارات وحق طلب دورة استثنائية يكون للمجلس فيها حق اتخاذ القرارات التي يراها مناسبة.

وعليه عقد مجلس جهة سوس ماسة يوم 5 أبريل 2018 دورة استثنائية بطلب وببرنامج من السيد والي جهة سوس ماسة. صودق بالإجماع على جميع نقاط جدول اﻷعمال؛ أهمهما وأكثرها تثمينا وتصديقا اتفاقية شراكة مع شركة العربية لدعم الخط الجوي أكادير في اتجاه الرباط ب 12 مليون درهم سنويا، على أساس أن يكون ثمن تذكرة الرحلة 300 درهم بالنسبة للنصف اﻷول من المقاعد أي 80 مقعدا، وببرنامج أربع رحلات في الأسبوع على الأقل، في أفق شراكة أخرى بعد تقييم الجدوى على عرض تحفيزي من الشركة وهو أكادير في اتجاه طنجة وأكادير في اتجاه فاس، بنفس ثمن التذكرة أي 300 درهم لكل رحلة. وقد سبقت اﻻتفاقية مع هذه الشركة نفسها لربط أكادير بالعواصم اﻷوروبية مع استعدادها لتوسيع العرض وخدماتها لتشمل دوﻻ أخرى. كل ذلك مع اﻻحتفاظ واﻻستمرار في اتفاقية سابقة مع الخطوط الملكية المغربية، أكادير الدار البيضاء، واستعداد المجلس للدخول معها في مفاوضات جديدة من أجل عروض جديدة.

انجاز مهم.. ﻻ يمكن إﻻ أن يكون المواطنون مسرورين بهذه اﻻتفاقية لدورها الاساسي في السياحة الدولية والمحلية، ودورها التجاري واﻻقتصادي واﻻجتماعي، ولدورها في تقليص الفوارق بين الطبقات الاجتماعية في مجال النقل والتنقل. إنه إنجاز كبير يشكر عليه الوالي ثم من ساهم فيه وفاوض من أجله من أعضاء المكتب ثم المجلس الذي صادق عليه.

رغم التصويتات باﻻجماع كانت الدورة مناسبة لنقاش عميق وحاد أحيانا كثيرة وصاخب أحيانا قليلة حول وضعية السياحة بالجهة؛ وكان شبه اﻻجماع على اﻻعتراض المبدئي على تجديد عقد اتفاقية شراكة مع المجلس الجهوي للسياحة (جمعية) وتحميله جزءا كبيرا من المسؤولية في فشل الترويج السياحي؛ فكان التصويت عليها من باب إعطائه، أي المجلس الجهوي للسياحة، الفرصة اﻷخيرة ﻻستجماع قواه وتجديد آليات عمله…

في تدخلي نوهت بمبادرة السيد الوالي وبدورته اﻻستثنائية. وشكرت رئاسة مجلس الجهة ﻻستجابتها لهذا “اﻻستثناء”. بالفعل ليس هناك شيء وﻻ طارئ يستدعي اﻻستثناء؛ لكن مبادرة الوالي وهذه الدورة هي استثناء من حيث إنها حركت المياه الراكدة في هذا المجلس وجاءت بعد عجزه عن المبادرة لمدة تقرب من نصف الوﻻية، وهي استثنائية لعلها تحرك عجلة القطاع السياحي وغيرها من القطاعات. وفي ظل عجز المسؤولين في جميع القطاعات دعوت السيد الوالي إلى اتخاذ مبادرات أخرى لتجاوز اﻻنتظارية المزعجة.

وبخصوص الحديث المستفيض عن الركود السياحي في مدينة أكادير، وﻷن تنمية السياحة في هذه المدينة ترتبط في نظري بإعادة تأهيل هذه المدينة لتكون أكثر جماﻻ وجاذبية، طلبت من السيد الوالي المبادرة بتنزيل برنامج تأهيل المدينة في أقرب وقت ممكن، وإعداد بنياتها لجودة اﻻستقبال واﻻنتاج.

وطلب ثالث للسيد الوالي هو المبادرة والتعجيل باستراتيجية سياحية وبرنامج عمل في هذا القطاع كآلية ذات اﻷولية على اﻵليات التي يصادق عليها في هذه الدورة، وأن يبادر بتنظيم ندوة جهوية حول السياحة يحضرها جميع الفاعلين والمهنيين والمهتمين..
ولم يفتني التنبيه إلى نقطة استراتيجية في تنمية السياحة وهي اعتماد الغنى الثقافي في العالم القروي والجبال والواحات والصحراء كرافعة أساسية حتى في مدينة أكادير نفسها بدل الركون إلى السياحة الشاطئية المتجاوزة إلى حد كبير عالميا، خصوصا وأن الجهة مقبلة على استقبال السياح الصينيين الذين يميلون إلى اﻻستثمار في السياحة الثقافية في العالم القروي والصحراوي خصوصا..

حسب اعتقاد عدد من زملائي أعضاء المجلس وحسب تصريحاتهم بعد نهاية أشغال الدورة، يحمل تدخلي رسائل عديدة لجهات عديدة بعضها مباشرة وبعضها مشفرة. هناك من اعتبره مدحا للوالي مبالغا فيه، ورسالة واضحة لتقريع أداء المجلس وأنا كاتبه وعضو في أغلبيته المسيرة؛ وهناك من اعتبره رسالة مشفرة تنتقد تدخل السلطة وتحكمها واستغلالها لضعف المكتب المسير، وأنها تأييد للأخير واستنهاضه للقيام بدوره كاملا.. الخ؛ كل يفهم حسب خلفيته ومراده وكل حسب فهوماته ومداركه التأويلية؛ وذلك شأنهم..ولله في خلقه شؤون.

*كاتب مجلس جهة سوس ماسة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *