مجتمع

تقرير يرسم صورة قاتمة للصحافة بالمغرب ويكشف ترويج صحفيين للتطبيع

رسم التقرير السنوي للمنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان صورة قاتمة لواقع حرية الصحافة والتعبير بالمغرب، كاشفا عن تنامي ما سماه بـ”ظاهرة التطبيع الإعلامي مع الكيان الصهيوني”، موضحا أن حرية الصحافة وحرية التعبير تلقيا التكبيل والمصادرة من خلال حلقات الاعتداءات على الصحفيين والمتابعات القضائية باستعمال القانون الجنائي وغياب قوانين عصرية وديمقراطية.

“توجه نكوصي” وعقوبات السالبة للحرية

وسجل التقرير تحكم ما سماه بـ”التوجه النكوصي”، مشيرا إلى أن منطق التسلط جار لمصادرة وجود عدد من التعبيرات الصحفية ومحاولات الوصاية على مهنة الصحافة، ممثلا لذلك بما تعرض له عبد الله البقالي، مدير نشر جريدة “العلم” رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، ومحنة مدير نشر الموقع الإلكتروني ”بديل.أنفو” حميد المهدوي، ومحنة الصحفي علي أنوزلا المستمرة بالإضافة إلى اعتقالات ومتابعات لعدد من النشطاء في الحسيمة بسبب النشر.

وأكد تقرير المنتدى حول “حالة حرية التعبير وحرية الصحافة في المغرب”، أن ظاهرة التطبيع الإعلامي مع الكيان الصهيوني تنامت في إطار زيارات مهنية لـ”نشطاء وصحفيين” للدعاية والترويج لإسرائيل ضدا على مصالح وتضحيات وكفاحات الشعب الفلسطيني وحقه في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس، مؤكدا على حتمية إقرار الوقف الفوري والحازم لكل أشكال التطبيع الرسمية وغير الرسمية كيفما كانت وتفعيل مقترح قانون تجريم التطبيع بالبرلمان.

ورصد التقرير الصادر بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 ماي2018، استمرار العقوبات السالبة للحرية بالنسبة للصحافيين، موضحا أن الأحكام والعقوبات السالبة للحرية بالنسبة للصحافيين قد انتقلت إلى مشروع القانون الجنائي، مضيفا أن هناك تهيئا الآن لعودة العقوبات السالبة للحرية من خلال مقترح لوزارتي العدل والداخلية أُجل في اجتماع سابق للمجلس الحكومي.

بوعشرين “عنوان قلق” ونقطة الصفر

وفي ما يتعلق بقضية ناشر أخبار اليوم توفيق بوعشرين، سجل التقرير أن سياق التوقيف والطريقة التي تم اقتياده بها ومصادرة مفاتيح مقر الجريدة، وكذا التهديدات والأحكام التي تعرضت لها بعض المصرحات تشكل ما سماه بـ”عنوان قلق”، موضحا أن سيل من التشهير في حق جميع الأطراف مورس بشكل غير مقبول واستهداف كرامتهن في الوقت الذي يجب التأكيد على حق “الضحايا والمصرحات” في التشكي والتقاضي في إطار محاكمة عادلة.

ولاحظ التقرير استمرار ما سماه بـ”الرأي الوحيد وغياب المهنية” في تغطية أحداث الريف الاجتماعية، منبها على استمرار تأبيد الممارسات التي لم تقطع مع ما سماه بـ”أسلوب الدول الشمولية”، والتي قال إنها تعتبر وسائل الإعلام العمومية، أداة دعاية في إقصاء لكافة الأصوات الحرة المنادية بمجتمع ديمقراطي يحترم كافة حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن ذلك يجعل المنتدى يدق ناقوس الخطر ويتساءل بشأن حرية التعبير وحرية الصحافة هل ستعود لنقطة الصفر؟.

وفي ما يتعلق بمتابعة الصحفيين على إثر تسريبات لجان تقصي الحقائق حول ملف صناديق التقاعد، رأى التقرير أن رئاسة مجلس المستشارين تحولت لما سماه بـ”مؤسسة لتصفية الحسابات السياسية”، موضحا أنه بدل ضمان الحريات والحقوق ومن بينها الحق في الوصول إلى المعلومة يتم الزج بأربعة صحفيين والمستشار البرلماني في متابعة وصفها بـ”الانتقامية” لدى ابتدائية الرباط .

منطق “التحكم”.. وحلقات التضييق

وفي ما يخص الإعلام العمومي، أكد التقرير استمرار ما سماه بـ”منطق التحكم والرأي الوحيد وغياب المهنية” وعدم عكس التعدد والتنوع الثقافي والسياسي والمدني السائد وسط المجتمع، موضحا أن وكالة المغرب العربي للأنباء تشهد حلقات التضييق على العمل النقابي، منبها إلى أن مجال الأنترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي يشهد فورة غير مسبوقة مع ما يرافق ذلك من ممارسات منافية لقواعد الشرف وتسييد خطابات التكفير والتعصب وغياب ثقافة الحوار والعقل.

وحول الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، أكد التقرير أن “الهاكا” لم تستطع أن تلعب دورها في إعمال التعددية واتخاذ إجراءات وقرارات لاحترام دفاتر التحملات، مشددا على ضرورة إعادة تشكيل “الهاكا” بما يضمن الاستقلالية والنزاهة والمصداقية وفق المعايير الدولية المؤطرة لعمل هذا النوع من المؤسسات، مسجلا استمرار مسألة تجاهل الإعلام العمومي للمرأة، موضحا أنه بمتابعة يومية للمحتوى، سجل أن الرجل الفاعل الرئيسي في البرامج.

وتعرض التقرير لقضايا أخرى منها معاناة الصحافيين مع الأجور وعدم انتظامها، وما تتعرض له الصحافة الجهوية، التي قال إنها مهددة بالاندثار بسبب عجز آلية الدعم العمومي في إطار اللجنة الثنائية للصحافة المكتوبة، علاوة على حرمان جمعية “الحرية الآن”، من الترخيص القانوني، ومحنة عبد الله طلال صحفي بمديرية البرامج الإخبارية والوثائقية بالقناة الثانية.

30 توصية للنهوض بالصحافة

وقدم التقرير بـ30 توصية للنهوض بواقع حرية الصحافة بالمغرب، ومنها إطلاق سراح جميع المعتقلين المتابعين على خلفية احتجاجات الريف والنشطاء الإعلاميين الذين اعتقلوا وتوبعوا أثناء تغطيتهم لحراك الريف، على التصدي للاعتداءات الجسدية والتعاملات المشينة والحاطة من الكرامة التي تستهدف الصحفيين والمصورين الصحفيين خاصة من طرف عناصر الأمن خلال تغطية الوقفات السلمية.

وطالب تقرير المنتدى بتحريك وتفعيل آلية تلقي شكايات الصحفيين المحدثة لدى مفتشية وزارة الاتصال والكشف عن مآلات الشكايات وملفات الصحفيين السابقة ضحايا الشطط في استعمال السلطة والاعتداءات الجسدية، علاوة على توفير معايير واضحة وشفافة في تدبير الإعلانات والإشهار، وإجبار المؤسسات الصحفية التي لا تؤدي واجبات الضمان الاجتماعي والتقاعد رغم اقتطاعها من رواتب الصحفيين، باحترام التزاماتها الاجتماعية.

ودعا إلى فتح الإعلام العمومي على المجتمع وعلى الهيئات الحقوقية وللتنوع السائد وسط المجتمع، وتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وإحداث قضاء متخصص في قضايا الصحافة والنشر، إلى جانب الحماية القانونية للصحفيين وتوفير الضمانات الحقوقية للممارسة المهنية، والتنصيص القانوني على عدم متابعة الصحفيين بالقانون الجنائي وبقانون مكافحة الإرهاب في قضايا الصحافة والنشر.

المغرب في المركز 135

وكانت منظمة مراسلون بلا حدود للدفاع عن حرية الصحافة، قد صنفت المغرب في تقرير حديث، في مرتبة متدنية في حرية الصحافة، مبينة تراجعه في مؤشر حرية الإعلام بمركزين مقارنا مع العام المنصرم. وصنّفت المنظمة المغرب في المنطقة “الحمراء” والتي تصفها المنظمة بـ”الوضع الصعب”.

وكشف تقرير مراسلون بلا حدود، عن حلول المغرب في المركز 135 من أصل 180 بلدا شملها تصنيف حرية الصحافة، موضحا أن موريتانيا سبقت واحتلت الرتبة 72 عالميا، وأن تونس احتلت الرتبة 97 عالميا والثانية مغاربيا، وتحدث التقرير عن اعتقال 14 صحافيا خلال ملاحقات أمنية في الفترة من ماي إلى يوليوز 2017، إلى جانب ترحيل العديد من الصحافيين الأجانب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *